هل ينضم رجال الدين إلى احتجاجات شارع وول ستريت المالي عن قريب؟، سؤال طرحته صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; بعدما أصدر المجلس البابوي للعدالة والسلام وثيقة تؤيد مطالب المحتجين، وتدعم تحركاته في وجه النظام المالي العالمي.


لميس فرحات: أصدر المجلس البابوي للعدالة والسلام نقدًا قويًا ومدروسًا للنظام المالي العالمي هذا الأسبوع، في موازاة الكثير من الانتقادات للرأسمالية لكونها المسؤولة عن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمختلف أنحاء العالم.

وتحدث التقرير عن إعطاء الأولوية لـ quot;وجود الانسان عوضاً من مكاسبه الماديةquot;، وضرورة أن quot;تسود الأخلاق على الاقتصادquot;، والدعوة إلى quot;تبني منطق الخير العام العالميquot;.

شكل هذا التقرير ضربة قوية ضد أولئك الذين يعارضون إشراف الحكومة على التنظيم الاقتصادي، لا سيما وأن المجلس أكد على أن السياسة - التي تعتبر المسؤولة عن المصلحة العامة - يجب أن تكون صاحبة السلطة على الاقتصاد والمال، وعلق إيجابيًا على فرض ضريبة على المعاملات المالية ودعم سلطة دولية للإشراف على الاقتصاد العالمي.

في الواقع، من الممكن أن يكون هذا التقرير أكبر مجاملة للناشطين والمحتجين في وول ستريت، فهذه الوثيقة حازت مزيداً من الاهتمام لدعمهها للمتظاهرين في قلقهم المتزايد إزاء المشاكل الاقتصادية.

علاوة على ذلك، يدل تدخل مكتب الفاتيكان على أن هؤلاء الذين يحتجون ضد النظام المالي المحطم والظالم لا يعبّرون عن نقاطة هامشية في الحياة العامة، بل يعبّرون عن مخاوف مشتركة من قبل العديد من الشرائح في المجتمعات، بما في ذلك الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. غني عن القول، لم تلق هذه الوثيقة ترحيباً من المحافظين الكاثوليك، الذين فعلوا كل ما بوسعهم للتقليل من أهميتها.

في هذا السياق، نقلت الصحيفة عن جورج يغل، الكاتب المحافظ الكاثوليكي، تحليلاً نشره في مدونة ناشيونال ريفيو، وصف فيه المجلس البابوي بـ quot;المكتب الصغير الذي أصدر وثيقة لا تتحدث باسم البابا، ولا تتكلم عن الفاتيكان أو تمثل الكنيسة الكاثوليكيةquot;.

وأضاف يغل: quot;هذه الوثيقة الوجيزة صدرت من قبل المراتب الدنيا التي لا ترتقي إلى منصب الفاتيكان أو الكنيسة الكاثوليكية، ولا تعبّر عن آراء البابا بشأن احتجاجات وول ستريتquot;، مشيراً إلى أن الذين يعطون أهمية لهذه الوثيقة هم من المضللين والمتحيزين إلى حد اللامسؤولية.

واعتبرت الـquot;واشنطن بوستquot; أن المجلس البابوي ليس مجرد quot;مكتب صغيرquot;، بل كان رائداً على مر السنين في التفكير الكاثوليكي حول التضامن والعدالة، وتعود جذوره في تدريس هذا الفكر إلى الباباوات يوحنا الثالث والعشرين، بولس السادس ويوحنا بولس الثاني.

واشارت إلى أن البابا بنديكت السادس عشر تحدث عام 2009 صراحة عن الحاجة إلى سلطة سياسية عالمية تشرف على اقتصاد عالمي متكامل، مشيرة إلى أن وثيقة المجلس البابوي مهمة لأنها تعكس النهج الأخلاقي للاقتصاد، الذي يؤيده الكثير من الأوساط، داخل الكنيسة الكاثوليكية وخارجها، وتتطرق المجلس بذكاء إلى مسألة خضوع الاقتصاد لقواعد معقولة وبإشراف الدولة في ضوء التحركات الرأسمالية.

وختمت الصحيفة: quot;تدعو الوثيقة الناس إلى ألا يخافوا من اقتراح أفكار جديدة، حتى لو كانت ستزعزع استقرار التوازنات القائمة من قبل السلطة، لأن البذرة التي ألقيت على الأرض من شأنها أن تنبت وتؤتي ثمارها. فلنأمل ذلكquot;.