بدأت احتجاجات حركة quot;احتلوا وول ستريتquot; في أواخر الشهر الماضي، حين اعتصم مئات من النشطاء الليبراليين في المركز الاقتصادي الأميركي، وول ستريت، احتجاجاً على ما اعتبروه عدم المساواة في الدخل وتضييق الخناق على الديمقراطية في الولايات المتحدة من قبل شركات المال.

وفي الوقت الذي تنتقل فيه هذه الاحتجاجات وتتوسع رقعتها لتطال الكثير من الدول الأوروبية التي تعصف بها الأزمات الإقتصادية، من المرجح أن يكون لاحتجاجات quot;وول ستريتquot; تداعيات على السياسة الاميركية، وتحديداً خطط وبرامج الانتخابات.

في هذا السياق، تحدثت صحيفة الـ quot;غارديانquot; عن التوقعات التي كانت تأمل في أن تجتذب حركة quot;احتلوا وول ستريتquot; الآلاف من المحتجين، مشيرة إلى أن الاحتجاجات صمدت لمدة شهر وحازت على اهتمام الآلاف من الأميركيين الذين يشعرون بالمرارة بسبب أوضاعهم المالية والاقتصادية الصعبة.

quot;احتلوا وول ستريتquot; أصبحت قوة وطنية تتمتع بإمكانية حقيقية لتغيير السياسة الأميركية بشكل أساسي، واتسعت رقعة الاحتجاجات لتصل إل مدن أخرى في أنحاء الولايات المتحدة وفي الخارج، من ضمنها لندن.

ولحقت النقابات الأميركية بالركب، فساندت الحركات الاحتجاجية، إلى جانب عدد من الساسة الديمقراطيين الذين كشفوا عن تحول في الرياح السياسية في البلاد، كما باتت الوسائل الإعلامية تنظر إلى quot;المحتلينquot; بوصفهم محتجين سياسيين شرعيين، بعدما اعتبرتهم مجموعة من quot;الهيبيين الجهلةquot;.

إذاً، ما الذي يحدث؟ باختصار، إن الأميركيين يشتعلون غضباً، فالملايين منهم تكافح مالياً، والكثير منهم عاطل عن العمل، أو يشغل وظيفة أقل من طموحات وذات مردود مالي لا يكفي لتغطية الفواتير والاحتياجات. كما أن ديون الشخصية تزداد يوماً بعد يوم ويفقدون الأمل في أن الأمور ستتحسن في المستقبل المنظور.

والأسوأ من ذلك كله، أنه فيما تتجه الأمور نحو مزيد من التدهور، يبدو أن فئة صغيرة في المجتمع الأميركي تقفز إلى الأمام وتزداد ثراءً.

تسبب وول ستريت والبنوك الكبرى في انهيار السوق الذي أدى إلى خسارة الملايين لوظائفهم وأغرق الاقتصاد الأميركي في كساد قريب. وبالرغم من هذا، لا تزال النخبة المالية تزدهر، في حين أن 99٪ يعانون ويرزحون تحت الأعباء المالية. وفي الوقت نفسه، تبدو الحكومة في واشنطن عاجزة تمامًا عن وقف التدهور في أميركا، ويرجع ذلك إلى العرقلة المستمرة للحزب الجمهوري.

واعتبرت الصحيفة ان التاريخ الأميركي شهد نشأة حركات شعبية في حالات مماثلة. ففي أوائل القرن العشرين، نشأت التقدمية كاستجابة للرأسمالية، وفي العام 1939، بعد الانكماش الاقتصادي الأسوأ في التاريخ الأميركي، حاز عد من الديماغوجيين الشعبويين مثل هيوي لونغ على مشاعر واهتمام الملايين.

في الواقع، كان إعلان فرانكلين روزفلت في عام 1936 إنه يرحب بالكراهية للفئة quot;البلوتوقراطيةquot; (مصطلح سياسي يقصد به حكم ذوي النفوذ والثروة)، انعكاساً لضعف سياسي ليس من حزب اليمين، بل من اليسار المتطرف.

وتساءلت الصحيفة: quot;ماذا يعني ذلك بالنسبة للسياسة الأميركية، وبصفة خاصة في انتخابات الرئاسية العام القادم. هناك بالتأكيد احتمال أن المتظاهرين، الذين يجلس معظمهم على هامش الحياة السياسية الأميركية، سيثيرون ردود فعل وأفكار جديدة، أو أن الحركة التي لا تزال تفتقر إلى جدول أعمال واضح سوف تتلاشى تدريجياً.

لكن هناك احتمال حقيقي آخر، وهو أن حركة quot;احتلوا وول ستريتquot; سوف تؤثر على مسار السياسة الأميركية في المدى القريب. ففي حين أن العديد من المحتجين غير راضين عن الرئيس الحالي، تعتبر مظالمهم ومطالبهم مشابهة إلى حد كبير لإستراتيجية أوباما لإعادة انتخابه. ويعتبر quot;محتلو وول ستريتquot; أنفسهم الـ 99 ٪ المتبقية والتي تعاني من الفقر على نقيض الفئة التي تمثل الـ 1٪. الثرية.

ومن غير المفاجئ ان تكون استجابة الحزب الجمهوري متراوحة بين النكران والاحتقار, فزعيم الاغلبية البرلمانية اريك كانتور وصف المحتجين بـ quot;االغوغائيينquot;، بينما اتهمهم المرشح الجمهوري ميت رومني بإشعال quot;صراع طبقيquot;، وذهب المرشح الرئاسي هيرمان كاين أبعد من ذلك، فوصفهم بـ quot;المناهضين للولايات المتحدةquot;.