عبد الرحمن الكيب (يسار) يصافح رئيس المجلس الإنتقالي الليبي مصطفى عبدالجليل |
يواجه الليبي عبد الرحيم الكيب، المهندس والأستاذ الجامعي ورجل الأعمال، بعد انتخابه رئيسًا مؤقتًا للوزراء في ليبيا، نزاعًا يتوضح أكثر فأكثر بين مختلف تيارات المجلس الوطني، المنبثق من التمرد الذي أنهى نظام معمّر القذافي، بعد حكم دام 42 سنة، في حرب استمرت ثمانية أشهر.
طرابلس: بدأ الأكاديمي الليبي عبد الرحيم الكيب، الذي خرج إلى دائرة الضوء، بعدما انتخبه المجلس الوطني الانتقالي رئيسًا مؤقتًا للوزراء في اختيار أعضاء حكومته يوم الثلاثاء، على أمل حشد الجماعات المتباينة التي أطاحت بمعمّر القذافي خلف عملية ديموقراطية سلمية.
وما زال المحللون يفتشون في تاريخ أسرته في طرابلس وفي سنوات عمله في الولايات المتحدة والخليج بحثًا عن تفسير لسرّ انتخابه المفاجئ من قبل المجلس الوطني الانتقالي، بعدما عاش عقودًا معارضًا في المنفى، عمل خلالها أستاذًا لهندسة الكهرباء.
ورأى البعض أن صلاته بالعاصمة الليبية تحقق توازنًا مع سيطرة ليبيين من بنغازي -مهد الانتفاضة- على المجلس الوطني الانتقالي. ويمثل التنافس التاريخي بين المناطق الليبية جزءًا من منظومة الانقسامات بين الليبيين، البالغ عددهم ستة ملايين، والتي أشعلتها الحرب التي استمرت شهورًا.
مما يعزز شرعيته أيضًا أنه لم يعمل في السابق مع القذافي خلافًا لمصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي وآخرين، فضلاً عن وجوده في ليبيا معظم الوقت أثناء الحرب الأهلية خلافًا لمحمود جبريل رئيس الوزراء المنتهية ولايته.
يتولى الكيب المهام من جبريل، الذي وعد بالاستقالة فور مقتل القذافي وسقوط معاقله الأخيرة وإعلان quot;تحريرquot; ليبيا في الأسبوع الماضي.
انتخب الكيب، وهو في الستين من العمر، من الدورة الأولى من بين خمسة مرشحين بعدما نال 26 صوتًا من أصل 51 ناخبًا هم أعضاء المجلس الانتقالي. وهو يحلّ بذلك محل محمود جبريل الرئيس المستقيل للمكتب التنفيذي للمجلس، الذي يقوم بمهام حكومة انتقالية.
وتنصّ خارطة طريق أعلنها المجلس الانتقالي على تشكيل حكومة موقتة بعد شهر كموعد أقصى من إعلان تحرير البلاد، الذي تم رسميًا في 23 تشرين الاول/اكتوبر. وستكون المهمة الرئيسة للحكومة الإعداد للانتخابات التأسيسية في مهلة لا تتعدى ثمانية أشهر، تتبعها انتخابات عامة بعد سنة على أبعد تقدير.
وبإمكان ليبيا أن تنعم بالرخاء نظرًا إلى ما تملكه من احتياطات كبيرة من النفط والغاز ومع عدد سكانها الصغير نسبيًا، لكن الخصومات التي ظلت مكبوتة خلال حكم معمّر القذافي، الذي استمر 42 عامًا، يمكن أن تتحول إلى حلقة مفرغة من عمليات الانتقام.
وسيتعين على الكيب كبح جماح الميليشيات المسلحة، التي ظهرت في كل بلدة للإطاحة بالقذافي، ومصالحة من تبقى من الموالين لنظام الحكم القديم، وفي الوقت عينه التوصل إلى نظام جديد لحكم البلاد. وقال الكيب يوم الاثنين إن هذه الفترة الانتقالية لها تحدياتها الخاصة، وإن أحد الأمور التي ستعمل عليها الحكومة هو التعاون بشكل وثيق مع المجلس الوطني الانتقالي والاستماع إلى المواطنين الليبيين.
أمضى الكيب الأكاديمي ورجل الأعمال الجزء الأكبر من حياته خارج ليبيا، ودرس في الولايات المتحدة، قبل أن يتولى مناصب أكاديمية هناك وفي الإمارات العربية المتحدة. وبينما كان الدعم العسكري الغربي -الذي انتهى رسميًا في منتصف ليل يوم الاثنين- حيويًا في الإطاحة بالقذافي منتصف أغسطس/آب قدمت قطر والإمارات دعمًا دبلوماسيًا وعسكريًا.
ويعتقد بعض المحللين أن ليبيا قد تشهد الآن تنافسًا بين هولاء الحلفاء الأجانب على النفوذ. ووصف أعضاء في المجلس الانتقالي وكذلك طلاب سابقون في الفترة التي قام فيها بالتدريس في جامعة طرابلس في السبعينات الكيب بأنه هادئ وودود، وقالوا إنه ساعد في تمويل الانتفاضة ضد القذافي.
وقال رئيس الوزراء الجديد إنه يتوقع اختيار أعضاء حكومته في غضون الأسبوعين اللذين حددهما المجلس الانتقالي. ولم يعلن الكيب عن أي خطط محددة في ليبيا خلال الأشهر المقبلة، لكنه قال إن المخاوف بشأن تعاقدات النفط الليبية لا أساس لها.
وكان وزير النفط المؤقت على الترهوني - وهو أيضًا أكاديمي عاد من الولايات المتحدة- من بين الأسماء التي طرحها المراقبون لتولي رئاسة الحكومة، لكنه حصل على تأييد ثلاثة أصوات فقط، مما يظهر مدى صعوبة التنبؤ بالسياسات في ليبيا في المرحلة المقبلة. وكان كثير من المحللين قد أشاروا إلى ظهور انقسامات في المجلس الوطني الانتقالي، لكن الكيب قال إن أي مخاوف في هذا الصدد لا أساس لها.
ومضى يقول إن ما يحدث داخل المجلس هو ممارسة للديموقراطية، وإن هذا أمر جديد بالنسبة إلى ليبيا. والسيرة الذاتية للكيب كأستاذ درس هندسة الكهرباء وكتب العديد من الأبحاث الأكاديمية مثيرة للإعجاب، لكنها شحيحة على نحو ملحوظ في ما يتعلق بالخلفية السياسية.
وقال أحمد الاطرش أستاذ العلوم السياسية إن الكيب غادر ليبيا عام 1976، وانضم إلى المعارضة المناوئة للقذافي. وأضاف لرويترز أنه ليس متأكدًا مما إذا كان قد عاد إلى ليبيا، مشيرًا إلى أنه بمجرد التحاق أحد بالمعارضة يكون من الصعب عليه العودة. ووصف الكيب بأنه كان معارضًا للنظام.
وتوضح سيرته الذاتية المنشورة على موقع معهد البترول في أبوظبي، حيث رأس الكيب قسم الهندسة الكهربائية، أنه تخرج من جامعة طرابلس عام 1973، وحصل على الماجستير من جامعة جنوب كاليفورنيا عام 1976، والدكتوراة من جامعة نورث كارولاينا الحكومية عام 1984.
وأمضى جانبًا كبيرًا من حياته في الولايات المتحدة في جامعة آلاباما، التي رقي فيها أستاذًا في عام 1996. وقال الأطرش إنه يعتقد أن الكيب انتخب لأنه من طرابلس، مضيفًا أن المجلس الوطني الانتقالي يريد أن يوازن الأمور، وأن يظهر لسكان طرابلس أن المجلس شامل حقًا. ويتوقع كثيرون أن الكيب المغمور نسبيًا انتخب لشغل المنصب، بينما ينتظر اللاعبون السياسيون الرئيسون الانتخابات العامة عندما يتعين على رئيس الوزراء المؤقت الاستقالة.
نبذة:
عبد الرحيم الكيب، الذي انتخب مساء الاثنين رئيسًا لوزراء الحكومة الانتقالية في ليبيا، أستاذ جامعي، يتحدر من طرابلس، وأمضى القسم الأكبر من حياته المهنية في الخارج. وفي مؤتمره الصحافي الأول الذي عقده مساء الاثنين، أشاد الكيب بالمقاتلين الذين حرروا ليبيا من نير معمّر القذافي، وأكد أنه يريد quot;بناء دولة تحترم حقوق الإنسانquot;.
ولد الكيب في 1950، كما جاء في صفحته على موقع فايسبوك للتواصل الاجتماعي. وقد تخرج الكيب في جامعات طرابلس وكاليفورنيا الجنوبية وكارولاينا الشمالية، وانضم في 1985 بصفة أستاذ مساعد في الهندسة الكهربائية إلى جامعة آلاباما، حيث أصبح استاذًا في 1996.
تولى التدريس أيضًا في جامعتي طرابلس وكارولاينا الشمالية والجامعة الأميركية في الشارقة (الإمارات العربية المتحدة) حيث كان مديرًا من 1999 إلى 2001 لدائرة الكهرباء والالكترونيات والهندسة المعلوماتية.
آخر منصب شغله كان في معهد البترول، وهو مركز للبحوث في الإمارات العربية المتحدة. ويعدّ الكيب باحثا في مجال هندسة الطاقة الكهربائية ومؤلفًا للعديد من الأوراق البحثية. وقد رعت بحوثه وزارة الطاقة الأميركية وشركة الطاقة ألاباما (أبكو).
حصل الكيب على العديد من الجوائز العلمية في مجال تخصصه، من بينها جائزة الريادة والتميز في أبحاث هندسة الطاقة، وجائزة الامتياز في الخدمة من الجامعة الأميركية في الشارقة في 2001، وجائزة في كلية الهندسة جامعة ولاية ألاباما 1997-1998. وفي 2005، أسس في ليبيا شركته الخاصة، وهي الشركة الدولية للطاقة والتكنولوجيا.
التعليقات