ما زال سر اختفاء سيف الإسلام القذافي يثير حيرة الكثيرين وبخاصة مع ندرة الأماكن التي يمكنه الاحتماء بها.


سيف الإسلام كان يعتبر المرشح الابرز لخلافة والده

تكثر الأقاويل والشائعات عن مكان وجود سيف الاسلام، نجل الزعيم الليبي معمر القذافي. فبعد انتهاء الثورة في ليبيا بمقتل الديكتاتور، هرب سيف الإسلام، الذي بات مطلوباً من المحكمة الجنائية الدولية، فميا تشير التقارير إلى أنه مختبئ في مكان ما في الصحراء.

بعد أن كان سيف الإسلام يعتبر خلفاً لوالده، أصبح اليوم طريد العدالة، ولم يعد أمامه سوى ثلاثة خيارات: إما التخطيط لثورة مضادة، أو مكيدة للفرار إلى دولة صديقة، أو التفاوض على الاستسلام للمحكمة الجنائية الدولية.

ولم يسمع شيئاً عن مصادر سيف الإسلام منذ يوم 28 اكتوبر/تشرين أول، وآخر المعلومات التي عرفت عنه، هو أنه كان برفقة الطوارق الرحَّل في ليبيا على مقربة من الحدود مع مالي.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس موتينورquot; عن المشرع محمد الصالح من جمهورية مالي قوله quot;أحدث المعلومات التي توفرت لدينا هي أن نجل القذافي لم يعد في مالي، غير أنه لم يصل إلى النيجر بعدquot;، مشيراً إلى أن مكان وجود سيف الإسلام يكتنفه الغموض.

واعتقدت الصحيفة أن سيف الإسلام (39 عاماً) يقوم بتسريب المعلومات المضللة عن عمد، لا سيما وأنه في صحراء لا تحمل علامات أو حدود وطنية، وتسودها الفوضى في ظل عدم وجود أي مظاهر للشرطة أو النظام، وحيث يستطيع أعضاء تنظيم القاعدة أن يتجولوا بحرية.

وقال آدم ثيام، كاتب في صحيفة quot;لو ريببوبليكاquot; إن الحياة في الصحراء مستحيلة تقريباً، ومن غير الممكن أن يكون سيف الإسلام هائماً في الصحراء من دون ماء أو طعام، مشيراً إلى أن هناك منطقة محددة في مالي بمثابة واحة صغيرة فيها ثروة مائية وحيوانية لا بأس بها.

وأضاف: quot;لكن هذه المنطقة يتم استخدامها من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهي جماعة متطرفة ولا تحب عائلة القذافي، لأن العقيد الليبي اعتمد سياسة القمع العنيف تجاه الحركات الاسلامية في ليبيا، وكان يكن العداء منذ فترة طويلة لتنظيم القاعدةquot;.

ويقال إن سيف الإسلام وعبد الله السنوسي، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، يسافران في قوافل منفصلة بمساعدة الطوارق، وهم قبائل من البدو والرحَّل الذين يعرفون أفضل السبل للبقاء على قيد الحياة في الصحراء، وتمتد جذورهم العرقية عبر شمال أفريقيا، من المغرب والجزائر وجنوب غرب ليبيا إلى النيجر ومالي وبوركينا فاسو وتشاد.

وعلى الرغم من أن سيف الإسلام القذافي والسنوسي مطلوبان من قبل المحكمة جنائية الدولية لتنظيم وإصدار أوامر بشن هجمات في ليبيا على المدنيين أثناء الثورة ضد معمر القذافي، إلا أن أكثر من اثني عشر بلداً في أفريقيا لا تعترف بالمحكمة الدولية، بل حتى تتجاهل أوامر الاعتقال وسط انتقادات بأن المحكمة تطارد مجموعة معينة من الأفارقة فقط.

أحد الأمثلة على عدم التزام بعض الدول الافريقية بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الدولية، هي أن الرئيس السوداني عمر البشير، المتهم بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والحرب التي ارتكبت في دارفور، حضر مؤتمراً في مالاوي الشهر الماضي من دون أن يواجه أية مشكلة، على الرغم من أن ملاوي عضواً في المحكمة الجنائية الدولية.

ونقلت الـ quot;ساينس مونيتورquot; عن عبد الله الزبيدي، سفير ليبيا إلى جنوب أفريقيا، قوله إن quot;سيف الإسلام القذافي هو الأكثر تعقيداً من بقية أفراد أسرتهquot;، مشيراً إلى أنه لا يملك معلومات عن مكان وجود القذافي.

وقال إنه يعتقد بصحة تقارير وسائل الاعلام التي تشير إلى أن موكبه يحمل الذهب والماس والأموال النقدية، الأمر الذي قد يساعده على الهرب، مضيفاً: quot;لطالما تعاملت عائلة القذافي مع ليبيا وكأنها مصرف أو عقار خاص يستطيعون أن يأخذوا منه اي كمية من الذهب أو المالquot;.
ويخشى البعض أن يكون سيف الإسلام القذافي يخطط لجمع مقاتلي الطوارق وتزويدهم بالسلاح ليساعدوه على شن هجوم مضاد، لا سيما وأن قبائل الطوارق دافعت عن العقيد معمر القذافي بشراسة أثناء الثورة الليبية.

وقال ثيام إن ما يصل إلى 500 فرد من الطوارق قد فروا بواسطة 130 سيارة إلى ليبيا عبر الحدود الليبية بعد سقوط نظام معمر القذافي، مشيراً إلى أن المئات من المقاتلين عادوا إلى منازلهم في تشاد والنيجر بعد انتهاء آخر فصول الثورة.

واعتبرت الصحيفة أن الطوارق يشعرون بغضب عارم بسبب طريقة اعتقال معمر القذافي وقتله، مشيرة إلى أن المساجد في بلدات الطوارق في منطقة الساحل خصصت يوم الجمعة الماضي للصلاة من أجل ذكرى الزعيم الليبي المقتول.

وقال ديبلوماسي غربي يوم الاربعاء ان لديه معلومات تشير إلى أن السنوسي عبر الحدود إلى شمال مالي الأسبوع الماضي، رغم انه حذر من أن quot;رجلاً كهذا يمكن أن يسرب أخبار كاذبة للناسquot;.

في الثامن والعشرين من اكتوبر/تشرين أول، قال زعيم الطوارق إن سيف الإسلام القذافي يقترب من حدود مالي ويمكنه العبور الى البلاد في تلك الليلة. وفي اليوم ذاته، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو انه يجري مفاوضات غير مباشرة مع القذافي حول إمكانية تسليم نفسه للمحاكمة.

وبعد أن ورد هذا النبأ إلى مسامع القادة الجدد في ليبيا، سارعوا للمطالبة بتسليم سيف الإسلام اليهم حتى يحاكم في ليبيا بموجب قانونها المحلي. وقال المتحدث باسم الجيش الليبي العقيد أحمد باني: quot;نريد محاكمة سيف الإسلام في ليبيا. لقد ارتكب جرائمه هنا في ليبيا، فهو عدوناquot;. ومنذ ذلك الحين، لم يسمع أي شيء عن سيف الإسلام القذافي.