أعادت وفاة الزعيم الليبي السابق معمّر القذافي البرنامج النووي إلى صادرة العناوين المدرجة في جدول أعمال مجلس الأمن الدولي.

المنشآت النووية في ايران

بيروت: انشغل المجتمع الدولي في الأشهر الأخيرة بمجريات الثورة الليبية، الأمر الذي وضع برنامج ايران النووي في المرتبة الثانية على لائحة القضايا المثيرة للجدل بالنسبة للغرب.

أما اليوم، وبعد أن انتهت الثورة الليبية بوفاة الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، يعود البرنامج النووي إلى الواجهة، في الوقت الذي ينتظر أن تنشر الوكالة الدولية للطاقة النووية تقريرها الذي طال انتظاره في الأسبوع المقبل عن تقدم ايران في محاولاتها لبناء قنبلة نووية.

وأعلن حلف الناتو رسمياً عن انتهاء مهمته في ليبيا، فعادت طموحات ايران النووية لتطرح نفسها كالقضية الأكثر إشكالية وتتصدر كل العناوين المدرجة في جدول أعمال مجلس الأمن الدولي.

وفي هذا السياق، توقعت صحيفة الـ quot;تليغرافquot; أن تنشر الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرها الاسبوع المقبل، مرجحة أن يشير التقرير إلى تقييم لا لبس فيه على نوايا طهران النووية.

واعتبرت الصحيفة أن وكالات المخابرات العالمية لطالما رأت أن وكالة الطاقة الدولية كانت تتعامل بقدر كبير من التهاون مع برامج ايران النووي، أثناء رئاسة الدكتور محمد البرادعي، على الرغم من التناقضات التي عبر عنها مفتشو الامم المتحدة بين أدلة الوكالة والتصريحات الايرانية الواضحة في هذا المجال.

وتصر طهران على انها مهتمة فقط في تطوير صناعة الطاقة النووية، غير أن هذه المزاعم تتناقض مع الأدلة التي عثر عليها عدد من مفتشي الوكالة، والتي تشمل آثار يورانيوم عالي التخصيب التي تستخدم فقط في التطبيقات العسكرية، فضلاًعن أنشطة أخرى، مثل تطوير نظم الصواريخ البالستية العابرة للقارات، والتي ترتبط عادة مع الأسلحة النووية بدلاً من توليد الكهرباء.

ومع انتهاء ولاية البرادعي وتعيين الديبلوماسي الياباني يوكيا امانو رئيساً جديداً للوكالة في عام 2009، اكتسبت الوكالة نهجاً أكثر قوة في التعامل مع المسألة الإيرانية، الأمر الذي سمح لمفتشي الامم المتحدة بأن يكونوا أكثر موضوعية وأقل ميلاً لإعطاء الكثير من المصداقية لحجج طهران التي تدعي البراءة.

ونقلت الـ quot;تليغرافquot; عن مسؤولي أمن غربيين قولهم إن المعلومات القيمة التي قدموها للوكالة عن برنامج ايران النووي قد تم تجاهلها في الماضي، أما اليوم فأصبحت وكالة الطاقة الذرية أكثر نشاطاً في الاستجابة لتقديرات الاستخبارات الغربية. ومن المتوقع أن يتضمن تقرير الوكالة إدانة واضحة للبرنامج النووي الايراني، مع التركيز بشكل خاص على قدراتها في تخصيب اليورانيوم.

لحقت أضرار جسيمة بمنشأة التخصيب الايرانية الرئيسية في ناتانز، بعد أن تعرضت لفيروس الكمبيوتر quot;ستكسنتquot;، الذي أدى إلى تعطيل الآلاف من أجهزة الطرد المركزي من الجيل الأولالمستخدمة لتخصيب اليورانيوم.
ويعتقد العديد من الخبراء أن اسرائيل هي التي أطلقت هذا الفيروس، وربما بمساعدة الولايات المتحدة، لكن لم تعترف أيّ من الدولتين بضلوعها في الأمر.

لكن تشير التقارير إلى أن العلماء الايرانيين استبدلوا أكثر من 1000 من الآلات المعطلة والمشلولة، وبدأ بعدها مفاعل ناتانز بالعمل بسرعة، فارتفعت معدلات الإنتاج لتجاوز مستويات ما قبل الهجوم. وعلى الرغم من أن إيران نجحت في إنتاج اليورانيوم المخصب بمعدل ثابت، إلا أنها تحتاج الى المزيد من اجهزة الطرد المركزي لإنتاج كمية من اليورانيوم المخصب التي تساوي الكمية التي كانت تنتجها قبل عامين.

وتتفاخر ايران بأداء جهاز الطرد المركزي من الجيل الثاني، الذي بدأ العلماء بتثبيته خلال الصيف. ومن المقرر تركيب هذه الآلات الجديدة، التي ستكون أسرع بأربع مرات، في مكان مؤمّن وغير ظاهر في مدينة ناتانز بالقرب من مدينة قم القديمة، حيث ستكون أقل عرضة للضربات الجوية. بالإضافة إلى ذلك، نجح الايرانيون في تطوير نظم الصواريخ وغيرها من التكنولوجيا اللازمة لتأمين قدرة نووية فعالة في البلاد.

وتوقعت الصحيفة أن يؤدي تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى تكثيف الضغوط على الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي سبق وعمل جاهداً لإعادة ايران إلى طاولة التفاوض، ومن المرجح أن يضطر إلى اتخاذ نهج أكثر قوة في التعامل مع التهديد الذي تفرضه طموحات طهران النووية على استقرار منطقة الخليج والشرق الأوسط، بما في ذلك إسرائيل.