سيف الإسلام القذافي في باب العزيزية في 25 آب/ أغسطس 2011

كثرت الشائعات والأقاويل عن quot;اتصالات غير رسميةquot; بين المحكمة الجنائية الدولية وسيف الاسلام، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، بشأن إمكانية تسليم نفسه الى المحكمة التي تلاحقه بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.


بيروت: أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق نجل الزعيم الليبي السابق سيف الاسلام (39 عاما) بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية، تشمل عمليات قتل واضطهاد ارتكبت منذ اندلاع الثورة الليبية في منتصف شباط/فبراير ضد نظام والده معمّر القذافي، الذي قتل في 20 اكتوبر/تشرين الأول بعد أسره من قبل الثوار.

واعتبر سيف الإسلام خلفاً غير معلن لوالده وquot;رئيس الوزراء الفعليquot; للنظام السابق، بحسب المحكمة الجنائية الدولية، وهو ملاحق اليوم بموجب مذكرة توقيف صادرة عن المحكمة في 27 يونيو، ومطلوب لـ quot;الانتربولquot; بموجب نشرة صدرت بحقه منذ 9 أيلول/سبتمبر.

في هذا السياق، رأت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; أنه في حال قرر سيف الإسلام تسليم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية، فإن محاكمته ستكون مسألة معقدة وتطرح العديد من العقبات والثغرات التي يمكن استغلالها. واشارت إلى أن نجل القذافي سيكون quot;المطلوب الأصغر سناً الأكثر شهرة في المحكمة الدولية، التي لا تزال تحاول إثبات نفسهاquot;.

واعتبرت الصحيفة أن مهمة تحويل التوقيف إلى اتهام بحق سيف الإسلام هو أمر في غاية الصعوبة، كما أن قواعد المحكمة الجنائية الدولية الخاصة وغرابة نظام القذافي يشكلان صعوبات عدة للمدعين العامين الدوليين.

وقد تكون المهمة الأولى للإدعاء في توقيف سيف الإسلام مسألة سهلة، لكن القدرة على إبقائه ليست كذلك، فمن المرجح أن السلطات الليبية ستطلب إعادة تسليمه لها، خصوصاً وأن النظام الأساسي للمحكمة يمنحها هذا الحق، فالمحكمة الجنائية الدولية تم تصميمها لتكمل الأنظمة القضائية للدول، لا أن تتخطاها وتحل محلها.

وأصرّ متحدث باسم الحكومة الليبية مؤخراً على أن سيف الإسلاميجب ان يواجه العدالة في ليبيا، واضاف: quot;لن نقبل بأن تنتهك سيادتنا بهذه الطريقة وسوف تتم محاكمته هناquot;.

وفي حال حدث هذا السيناريو وطلبت ليبيا تسليم سيف الإسلام لمقاضاته محلياً، فسيكون على المحكمة الدولية أولاً أن تثبت أن السلطات الجديدة في البلاد ليست قادرة أو غير راغبة في إجراء محاكمة عادلة وقانونية.

ويمكن أن يستعين القضاة الدوليون بكثير من الأدلة التي تثبت عدم قدرة ليبيا على إجراء المحاكمة بطريقة عادلة، ومن أهمها مسألة إعدام القذافي على يد خاطفيه، وهو دليل يشكك في قدرة القضاء الليبي ومصداقيته.

إضافة إلى ذلك، يمكن للقضاة أن يجادلوا بأن حكم العقيد القذافي لليبيا طوال عقود ترك البلاد من دون أي دستور ومؤسسات دولية أساسية، غير أن العقبة الوحيدة أمام سلوكهم هذا الاتجاه هو ترددهم في القول علناً إن الحكومة الجديدة غير قادرة على تحقيق العدل، لما سيكون لهذا التصريح من تبعات.

وأثناء إصدار مذكرة التوقيف، واجهت المحكمة الدولية صعوبة في كتابة المذكرة بسبب الدور الغامض الذي لعبه سيف الإسلام أثناء الثورة الليبية، ونصت المذكرة على أن quot;هناك أسبابا وجيهة تؤدي إلى الاعتقاد بأن سيف الاسلام القذافي، على الرغم من عدم تسلمه لمركز رسمي، هو خليفة معمر القذافي غير المعلن والشخص الأكثر نفوذاً داخل حاشيته، ويتمتع بالسيطرة على أجزاء حاسمة من أجهزة الدولة، بما فيها المالية واللوجستية وصلاحيات رئيس الوزراءquot;.

لكن الـ quot;فورين بوليسيquot; اعتبرت أنه على الرغم من الإدانة القوية التي تحملها هذه الكلمات، إلا أنها تخفي الكثير من الثغرات التي يمكن أن يستغلها الفريق القانوني الذي سيدافع عن سيف الإسلام ولا سيما أنها لا تشير إلى ممارسته صلاحيات رسمية في البلاد التي تجعله مسؤولاً عن القرارات التي أعطيت أو نفذت.

واشارت الصحيفة إلى أن وفاة المدعي عليه quot;الأول والأساسيquot;، أي معمر القذافي، يمكن أن تساهم في تعقيد استراتيجية الادعاء في هذه القضية، فمذكرات الاعتقال ركزت بشكل كبير على دور الوالد، الذي كان صاحب السلطة المطلقة في الدولة الليبية.

ونقلت الصحيفة عن جولدستون جيمس، المدير التنفيذي لمبادرة العدالة والمدعي الاتحادي السابق، قوله: quot;مع مقتل القذافي، قد يواجه المدعون العامون صعوبة في تقديم بعض الأدلة التي تعتمد بشكل كبير على الممارسات التي قام بها القذافي الأبquot;.

وقال ديفيد كاي من جامعة كاليفورنيا ومركز حقوق الإنسان إنه quot;يشك في أن تكون المحكمة قادرة على الاقتصاص من سيف الإسلام عبر ربطه بالجرائم التي ارتكبها القذافي الأبquot;، مضيفاً: quot;في نهاية المطاف، انها محاكمة سيف الإسلام وليست محاكمة والدهquot;.

من جهة أخرى، يقول المراقبون، من ضمنهم المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية لويس مورينو أوكامبو،إن مقابلة سيف الإسلام في 20 شباط/فبراير على التلفزيون الوطني الليبي قد تكون دليلاً يسرع في عملية الاتهام.

وأثناء المقابلة، قال سيف الإسلام: quot;سوف نقاتل حتى آخر رجل وآخر امرأة وآخر رصاصةquot;، محذراً من quot;أنهار من الدماءquot;، كما وعد حشد من أنصاره بأنه سيقدم لهم السلاح من أجل القتال، غير أن تصريحات سيف الإسلام العامة مشوشة وغامضة في كثير من الأحيان وقد لا تكون كافية لوحدها لوضعه وراء القضبان.

لكن النيابة العامة للمحكمة الجنائية الدولية قد تتمكن من الحصول على إفادات من شهود يقرّون بمسؤولية سيف الإسلام القذافي عن الجرائم التي ارتكبت أثناء الثورة في ليبيا.

والنيابة العامة، على ما يبدو، تملك عشرات من الرسائل النصية المرسلة من قبل كبار المسؤولين الليبيين، والتي يمكن أن تساعد في تكذيب ادعاءات سيف الإسلام حول عدم معرفته بالأحداث التي كانت تجري أثناء قتال قوات القذافي ضد الثوار والمدنيين. ويمكن لهذه الشهادات أن تدعم قضية الادعاء وتدحض أقوال سيف الإسلام الذي سيجادل بأنه لم يعط الأوامر بالقتال.