مع اندلاع الثورات العربية ومقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، بات واضحًا أنّ خلفه أيمن الظواهري، الذي يدرك أنه ملاحق باستمرار، يدير رأسمالاً جهاديًا يتراجع بشدة. ويقول خبراء ومحللون إنّ الظواهري يكتفي حاليًا بإصدار البلاغات عبر المواقع الالكترونية.


أيمن الظواهري

باريس: يقول خبراء إن أيمن الظواهري يكتفي منذ أن خلف أسامة بن لادن على رأس شبكة القاعدة قبل أربعة أشهر بإصدار البيانات الجهادية عبر مواقع الكترونية ساعيًا في الوقت نفسه إلى الحفاظ على حياته لإدراكه بأنه مستهدف.

وقد تم اختيار الظواهري (59 عامًا) زعيمًا للقاعدة منتصف حزيران/يونيو الماضي، بعد ستة أسابيع من مقتل بن لادن في غارة أميركية على المنزل الذي كان يقيم فيه في باكستان.

وأعلنت تنظيمات سلفية جهادية مثل quot;قاعدة الجهاد في جزيرة العربquot; مبايعته، في حين اكتفت تشكيلات أخرى بالإشادة بقرار اختياره.

ويقول جان فيليب فيليو الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس، مؤلف كتاب quot;القصة الحقيقة للقاعدةquot;، إن حصيلة quot;الأشهر الأربعة من توليه زعامة التنظيم محض دفاعيةquot;.

ويضيف لفرانس برس quot;إنه يدير رأسمالاً جهاديًا يتراجع بشدة، ويحاول بشراسة تأكيد قدراتهquot;.

ويتابع quot;لكنه لا يحقق تقدمًا في أي مجال. وإذا كان من المؤكد أنه سجل سجل بعض النقاط في اليمن مثل السيطرة على مدينة زنجبار، فإن ذلك مرده حالة الفوضى التي يعيشها هذا البلد. وحتى في هذه الحال، فإن قاعدة الجهاد في جزيرة العرب لا تنسب إليه الفضل في هذا النصرquot;.

ومع حركات الاحتجاج في العالم العربي، يشيد الظواهري، الذي اختبر العمل المسلح في مصر، بسقوط الأنظمة.

فقد دعا في 12 تشرين الاول/اكتوبر الماضي الليبيين إلى تأسيس دولة إسلامية، وحضّ الجزائريين على الانتفاض والتمرد، كما حيّا في تموز/يوليو quot;المجاهدينquot; في سوريا.

ويرى فيليو أن quot;وسائل الإعلام الغربية لا تعير اهتمامًا لبيانات الظواهري، فهي غير ذات أهمية مقارنة مع تهديدات بن لادنquot;.

من جهته، يقول دومينيك توماس خبير التطرف الإسلامي في المعهد العالي لدراسة العلوم الاجتماعية في باريس إن الظواهري quot;يبعث برسائل إلى الحلفاء محاولاً البقاء فوق هذه المعمعة. فهو حاضر عبر تصريحاته في ما يخص الانتفاضات العربية محاولاً إقناعها بتأسيس دول إسلامية، وعدم ترك الغرب يسرق ثوراتهاquot;.

على الصعيد العملاني ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الظواهري، الذي رصدت لرأسه مكافآة قيمتها 25 مليون دولار، والمهدد بصواريخ تطلقها طائرات أميركية دون طيار، قادر على القيام بعمليات واسعة النطاق أو تنسيقها. إذ إن همّه الأول هو البقاء على قيد الحياة.

ويضيف توماس إن quot;الضغوط الأميركية هائلة، لقد شاهد كيف تمت تصفية الإمام أنور العولقي في اليمن في 30 أيلول/سبتمبر الماضي، فهو لم يأخذ التهديدات على محمل الجد، فقتل فور خروجه من معقل قبيلتهquot;.

ويشير إلى quot;الضربات التي توجهها طائرات من دون طيار بشكل شبه يومي في باكستان وأفغانستان، ما يشكل ضغوطًا كبيرة على الظواهريquot;.

ولا يبدو أن الولايات المتحدة تميل إلى التقليل من استعدادتها لتعقب الظواهري، الذي سيشكل مقتله ضربة موجعة للقاعدة.

ويضيف توماس أنه quot;بقدر ما كانت الرؤية واضحة في مسألة خلافة بن لادن، بقدر ما هي معدومة في حال مقتل الظواهري. سيكون هناك ثقب أسود بالنسبة إلى شبكة القاعدةquot;.

ويقول إن quot;الجيل الذي ولد في أفغانستان إبان الثمانينات والتسعينات انتهى، ولم يبق منه إلا واحد أو اثنان فقط، وقلة تعرفهما، ولن يستطيعا فرض نفسيهما كما فعل الظواهري. إنه لأمر حيوي بالنسبة إلى القاعدة أن يظل على قيد الحياة أطول فترة ممكنةquot;. وستبذل واشنطن كل ما في وسعها لقتله.

وقد صرح دوغلاس لوت كبير مستشاري الرئيس الأميركي باراك أوباما للشؤون الأفغانية والباكستانية أمام معهد آسبن في الصيف الماضي إن quot;القاعدة أصبحت في المجهولquot;.

وقال quot;لم يسبق لها أن واجهت مسألة خلافة... إنها مرحلة مضطربة بالنسبة إليها. يجب أن نغتنم الفرصة أكثر، والسعي إلى القضاء عليهاquot;.