نفى وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن يكون تحفظ العراق على العقوبات المفروضة على سوريا بضغط إيراني، مؤكداً أنه موقف عراقي مستقل ونفى صحة التقارير الغربية القائلة إن العراق قدم لسوريا خمسة مليارات دولار وانه يزوّدها بالنفط الخام. وأعلن المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، علي الدبّاغ أنّ امتناع العراق عن التصويت لصالح قرار الجامعة العربية جاء من قناعة أن القرار لا يخدم مصلحة الشعب السوري، أمّا علاوي وعاشور فاعتبرا أن التناقضات في المواقف السياسية يضعف هيبة العراق أمام المجتمع الدولي.

وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري

بغداد:وصف وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري العقوبات الأخيرة التي فرضتها الجامعة العربية ضد سوريا بالقاسية وفاقت جميع التوقعات ونفى أن يكون تحفظ العراق عليها بضغط إيراني وقال إن هذا الموقف كان مستقلا وجريئا رغم أنه لم يكن سهلاً وأكد رفض بلاده عمليات القتل والقمع في سوريا ووقوفها مع مطالب شعبها وحقوقه.. فيما اعتبرت الكتلة العراقية بزعامة اياد علاوي أن مواقف العراق الخارجية المتذبذبة والخلافات حولها وانفراد جهة واحدة برسم قراراتها قد أضعف هيبة الدولة وأظهرها عاجزة عن تحديد مساراتها.

وخلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم، شرح زيباري مبررات التحفظ الذي اتخذه العراق إزاء قرارات الجامعة العربية ضد سوريا السبت الماضي وقال انه اقترح قبل إصدار قرار بتجميد عضوية سوريا في الجامعة، إرسال وفد عربي لتقصي الحقائق للتعرف إلى ما يجري على الأرض من أحداث وثم مع حصول أي تقدم تباشر الجامعة جمع النظام والمعارضة في مؤتمر للحوار الوطني يعقد في القاهرة خلال فترة اسبوعين.

وأوضح أن الموقف العراقي لم يكن سهلا خاصة مع تجاوب سوريا مع بعض بنود مبادرة الجامعة العربية وأنّه ضد تدويل هذه الازمة. واضاف أن إجراءات الجامعة العربية الأخيرة ضد سوريا كانت قاسية وشديدة وقال إنه للمرة الاولى تتخذ الجامعة مثل هذه الاجراءات العقابية ضد دولة مؤسسة لها.

وأشار إلى أن موقف العراق في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة السبت الماضي كان صعبا وسط هذا الاستقطاب والخلاف بين أعضاء الجامعة ازاء الوضع في سوريا. وقال إن العراق حرص على اتخاذ موقف مستقل خارج هذه الضغوطات لأن سوريا دولة مهمة في المنطقة ولها علاقات متميزة مع العراق وتستضيف مئات الآلاف من ابنائه.

وأوضح زيباري أن الوفد العراقي هو الوحيد الذي رفض فرض هذه العقوبات في حزمة واحدة وإنما كان رأيه التدرج فيها من أجل إفهام الحكومة السورية بأن مصلحتها هي في إجراء حوار وطني ووقف عمليات القتل والقمع لأن العراق ليس ضد مطالب الشعب السوري.

وأضاف أن ما يحصل في سوريا يؤثرفي العراق الذي امتنع عن التصويت للإجراءات ضدها نظرا إلى حرصه على عدم انهيار منظومة العمل العربي المشترك. واوضح انه بالنسبة إلى قرار الجامعة بالتوجه إلى جهات خارجية لحل الازمة السورية فإن العراق طالب بانه من الافضل ذهاب لجنة عربية لتقصي الحقائق مع مراقبين من منظمات انسانية للتحقق مما يحصل في سوريا أمّا سحب السفراء فهو إجراء سابق لأوانه.

ونفى زيباري بشدة تقارير غربية اشارت إلى ان العراق قدم لسوريا خمسة مليارات دولار لدعم اقتصادها وانه يزوّدها بالنفط الخام. كما نفى ان يكون الموقف العراقي المتحفظ من قرارات الجامعة قد جاء بضغط إيراني وأكد استقلالية القرار العراقي وعدم تأثره بأية رغبات او مواقف خارجية.

يذكر أن مواقف الكتل السياسية العراقية حول القرار الذي اتخذته جامعة الدول العربية قد تراوحت بين مؤيد ومعارض. وأعرب نواب عراقيون عن تصوّراتهم ومواقف كتلهم حول هذا الموضوع والتي تمثل وجهة النظر ذاتها في الإختلاف في المضامين العامة والخاصة لاسيما ما بين دولة القانون والكتل العراقية، ما عدا الرؤية الكردية التي تميزت ربما لأسبابها الخاصة.

وكان المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية، علي الدبّاغ قد أعلن امس أن امتناع العراق عن التصويت لصالح قرار الجامعة العربية بتعليق عضوية دمشق جاء من قناعة لدى بغداد بأن القرار لا يخدم مصلحة الشعب السوري كما انه لم يأت دعماً لنظام بشار الأسد مشيراً إلى إدانة الحكومة العراقية للعنف والقتل الذي يمارسه النظام السوري ضد المتظاهرين من أبناء شعبه.

ونفى الدباغ دعم الحكومة العراقية للنظام السوري في الوضع الراهن، منوهاً بأن تصويت بعض البلدان الأعضاء في الجامعة العربية لصالح قرارها تعليق عضوية دمشق جاء بسبب رضوخ تلك البلدان لضغوطات الجامعة.

وكان وزراء الخارجية العرب قرروا السبت تعليق عضوية سوريا في مجلس جامعة الدول العربية إلى حين قيامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها التي وافقت عليها بموجب خطة العمل العربية لحل الازمة السورية التي اعتمدها المجلس في اجتماعه الإستثنائي في الثاني من الشهر الحالي لكنّ القرار اتخذ بموافقة 18 دولة فيما شهد التصويت عليه اعتراض لبنان واليمن، وامتناع العراق عن التصويت مؤكدا تحفظه عليه.

العراقية : الاختلاف في مواقف سياسة العراق الخارجية أضعف هيبة الدولة
اعتبرت الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي أن مواقف العراق الخارجية المتذبذبة والخلافات حولها وانفراد جهة واحدة برسم قراراتها قد اضعف هيبة الدولة واظهرها وكأنها غير قادرة على تحديد مساراتها.

وأكد مستشار القائمة العراقية هاني عاشور أن التناقضات والاختلافات في مواقف السياسة الخارجية العراقية أضعف هيبة الدولة وقدمها للمجتمع الدولي كدولة غير قادرة على تحديد مساراتها وقراراتها ما يضعف ثقة المجتمع الدولي بها ويتخوف من التعامل معها.

وقال عاشور في تصريح لـquot;إيلافquot; إن الاختلاف الواضح في مواقف الكتل السياسية من قرار الجامعة العربية حول تجميد عضوية سوريا وقبله الموقف من ميناء مبارك الكويتي والموقف من القصف التركي والإيراني على المواقع الحدودية جعل العالم يتعامل مع العراق كدولة لا يمكن الوثوق بقراراتها وغير قادرة على اتخاذ مواقف تمثل دولة العراق وشعبه بل تمثل أحزابا محددة ومصالح معينة.

وأوضح عاشور أن أحد أسباب ذلك يعود إلى أن القرارات والمواقف يتم اتخاذها داخل أروقة الحزب المسيطر على الحكومة، دون علم البرلمان ومناقشته لمثل تلك القرارات المصيرية التي تتعلق بإرادة الشعب ومواقفه إزاء ما يجري من حوله. وأكد أن المجتمع الدولي لن ينظر إلى العراق في المستقبل وبسبب هذه الاختلافات كدولة مؤثرة في محيطها الاقليمي والدولي وربما يدفع الدول إلى اعادة النظر في تعاملاتها مع العراق وخاصة في ما يتعلق بالاتفاقيات السياسية والأمنية والاقتصادية ما يضعف هيبة الدولة باعتبار ان المواقف يتم اتخاذها وفق مصالح حزبية ضيقة يمكن تغييرها مستقبلا بتغير سياسات تلك الاحزاب تبعا للظروف التي تمر بها.

وقال عاشور إن قرار جامعة الدول العربية الأخير بشأن تجميد عضوية سوريا كشف أن العراق يشهد خلافات حادة حول تلك القضايا وليس بإمكانه الاتفاق على موقف موحد وكذلك بشأن بناء ميناء مبارك الذي تختلف بشأنه مواقف الاحزاب ومواقف السياسة الخارجية العراقية إلى الحد الذي يختلف فيه موقف وزير النقل عن موقف وزير الخارجية وعن موقف مجلس الوزراء، وقبل ذلك الموقف من القصف التركي الإيراني للحدود العراقية في كردستان الى الحد الذي اختلفت فيه المواقف بشكل ملحوظ أتاح للأطراف الخارجية الاستمرار باستخفافها بالمواقف العراقية وعدم منحها أي اعتبار.

وطالب عاشور بأن تتم مناقشة المواقف العليا بشأن القضايا المهمة وسياسة العراق الخارجية في مجلس النواب للخروج بقرار موحد أو إنشاء مجلس السياسات العليا لتحديد موقف عراقي موحد من تلك القضايا المهمة.