يواجه لبنان ازمة سياسية يتوقع ان تزداد تعقيدا مع تهديد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالاستقالة اذا لم تدفع حكومته حصتها من تمويل المحكمة الدولية المكلفة النظر في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
رئيس الحكومة اللبنانيّة نجيب ميقاتي |
بيروت: يفترض ان تبحث الحكومة اللبنانية في اجتماع محدد الاربعاء 30 تشرين الثاني/نوفمبر في مسألة التمويل التي يرفضها حزب الله وحلفاؤه الذين يشكلون اكثرية الحكومة.
وقال ميقاتي في مقابلة تلفزيونية مع المؤسسة اللبنانية للارسال (ال بي سي) مساء الخميس quot;اذا كنت موجودا (في الحكم) واتخذت مؤسسة مجلس الوزراء قرارا بعدم التمويل، وانا بقيت امارس الحكم، ستأتي العقوبات على كل لبنان، لانني ساكون موافقا على قرار مجلس الوزراءquot;.
واضاف quot;اذا استقلت، سأكون قد حيدت لبنان وكل قطاعاته الاقتصاديةquot; عن عقوبات قد تفرض عليه. (..) اعتقد انني بالاستقالة احمي لبنانquot;.
وتابع quot;لا اتصور نفسي رئيسا لحكومة يكون لبنان في عهدها أخل بالتزاماته الدولية او خرج من المجتمع الدولي او نكل بتعهداتهquot;.
وقال ميقاتي quot;لا يمكن ان اكون رئيس وزراء واعرض لبنان لاي اخطار، ونصيحتي لكل الوزراء ان يأخذوا هذا الامر بالاعتبارquot;.
وكان الامين العام لحزب الله حسن نصرالله اكد في 25 تشرين الاول/اكتوبر ان حزبه quot;لا يوافق على المحكمة لا جملة ولا تفصيلا، وبطبيعة الحال هو ضد تمويل المحكمةquot;.
كما اعلن الزعيم المسيحي ميشال عون، ابرز حلفاء حزب الله، رفضه التام لان يدفع لبنان حصته من التمويل، معتبرا ان المحكمة الخاصة بلبنان التي نشأت بقرار من مجلس الامن تحت الفصل السابع الملزم، لم تقر في المؤسسات الدستورية اللبنانية، وبالتالي هي quot;غير قانونيةquot;.
ويشكك حزب الله بمصداقية المحكمة، ويعتبر انها quot;اداة اسرائيلية اميركية لاستهدافهquot;.
وقد وجهت المحكمة في آب/اغسطس الاتهام في التورط في اغتيال الحريري العام 2005 الى اربعة عناصر من الحزب متوارين عن الانظار.
وجاء موقف ميقاتي غداة لقائه مع رئيس المحكمة الخاصة بلبنان القاضي ديفيد باراغواناث الذي زار بيروت ونصح المسؤولين اللبنانيين بمعالجة موضوع تمويل المحكمة quot;قبل ان ينتقل الملف الى مجلس الامن الدوليquot;، بحسب ما افاد مصدر وزاري وكالة فرانس برس.
وينص النظام الاساسي للمحكمة التي نشأت العام 2007 على ان يساهم لبنان بنسبة 49% في موازنتها، على ان تدفع المبلغ المتبقي دول مانحة. وقد سدد لبنان حصته خلال السنتين الاوليين من عمل المحكمة عندما كانت الاكثرية الحكومية بيد المعارضة الحالية وابرز اركانها سعد الحريري، نجل رفيق الحريري.
واستحق المبلغ المتوجب على لبنان لهذه السنة وقدره 35 مليون دولار. وتلقى لبنان اشعارات عدة من الامم المتحدة بضرورة الدفع.
وقال النائب عمار حوري من تيار المستقبل الذي يرئسه الحريري لوكالة فرانس برس الجمعة ان quot;الحكومة في حالة موت سريريquot;، متوقعا quot;ان تنهار الحكومة الاربعاء المقبل في حال لم تمر مسألة التمويلquot;.
وكانت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري سقطت في كانون الثاني/يناير بعد انسحاب وزراء حزب الله وحلفائه منها، على خلفية خلاف حول المحكمة الخاصة بلبنان.
ويحضر تيار المستقبل لتجمع شعبي حاشد الاحد المقبل في مدينة طرابلس في الشمال، مسقط رأس ميقاتي. ويتوقع ان يكون عرض القوة هذا مناسبة لاطلاق مزيد من المواقف التصعيدية في شأن المحكمة وفي شأن الاحداث في سوريا، وهو الموضوع الرئيسي الآخر الذي ينقسم حوله اللبنانيون بقوة.
وكان ميقاتي اعلن مرارا منذ تشكيل حكومته في حزيران/يونيو التزامه بتنفيذ تعهدات لبنان الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بالمحكمة.
ويرى مراقبون ان تهديد ميقاتي بالاستقالة امر مفهوم، لا سيما انه ينتمي الى الطائفة السنية، ولا يمكنه رفض التعاون في تحقيق دولي يطال اغتيال زعيم سني كبير هو رفيق الحريري.
ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاميركية في بيروت كريم مقدسي ان ميقاتي quot;حدد ثوابته، وقال بوضوح هذا خط احمر. عليه ان يثبت للطائفة السنية انه لم يتخل عما يبدو مطلبا اساسيا لهاquot;.
ويرى ان خطوة ميقاتي بالتهديد بالاستقالة quot;هي الورقة الاخيرةquot; المتاحة له.
ويضيف quot;لقد تم تأجيل قرار التمويل لوقت طويل، وزيارة رئيس المحكمة هي اشارة الى ان المجتمع الدولي غير مستعد لاي تسويةquot; في هذا الموضوع.
ويرى مقدسي ان quot;الوضع هش، ولا اظن ان احدا يعرف ماذا سيحصل على المدى القريبquot;.
التعليقات