بيروت: يثير قرار باخلاء ضاحية إلى شمال بيروت من الاجانب جدلاً واسعا في لبنان، اذ يرى فيه ناشطون في مجال الدفاع عن حقوق الانسان انعكاسا لثقافة عنصرية، فيما يتخوف آخرون من ان يشكل استهدافا لمعارضين سوريين اكراد في المنطقة.

وبدأ الجدل قبل أسابيع مع حملة لبلدية برج حمود مدعومة من السكان ذات الغالبية الارمنية ومن حزب الطاشناق، احد ابرز الاحزاب الارمنية، لاخلاء مساكن شعبية مستأجرة من اجانب من جنسيات مختلفة، بحجة عدم امتلاكهم عقود ايجار قانونية.

وحددت البلدية لهؤلاء نهاية تشرين الثاني/نوفمبر آخر مهلة لاخلاء منازلهم، او تسوية عقودهم قانونيا. ويرى مدير منظمة quot;هيومان رايتس ووتشquot; في لبنان نديم حوري ان quot;في لبنان مشكلة عنصرية تجاه الاجانب وتجاه بعضنا البعضquot;، مشيرا الى quot;ان بلديات كثيرة من لون طائفي معين تمنع اشخاصا من طوائف اخرى او اجانب من التملك والاستئجار في نطاقها. هذه مشكلة حقيقيةquot;.

ويصف حوري قرار بلدية برج حمود بانه quot;اعتباطي ومتسرعquot; في منطقة quot;تشهد ردة فعل على الاجانب (...) لا سيما بعد تقارير تلفزيونية صورت الاجانب على انهم سبب المشاكل والجرائمquot;، داعيا الى quot;التمييز بين من ارتكب جرما ومن لم يرتكبquot;.

وكان حوري يشير الى جرائم قتل وسرقة ارتكبها اشخاص من جنسيات غير لبنانية يقيم عدد منهم في برج حمود. واثارت هذه الجرائم موجة من الغضب الشعبي. وتضم برج حمود غالبية من اللبنانيين الارمن الذين وفد اسلافهم الى لبنان هربا من الاضطهاد التركي في منتصف العقد الاول من القرن الماضي، وتعتبر المعقل الاكبر للارمن وهي تحافظ على طابع ارمني واضح، اذ تحمل معظم متاجرها كما عدد من شوارعها اسماء ارمنية وترفع فيها لافتات باللغة الارمنية.

ويقصد العاملون الاجانب هذه المنطقة للسكن فيها، نظرا الى تدني اسعار الايجار فيها وقربها من مناطق صناعية يعملون فيها. ويتقاسم غالبا العديد منهم مسكنا واحدا. ويشير صاحب متجر طلب عدم الكشف عن اسمه الى وجود quot;تململquot; في المنطقة من كثافة وجود الاجانب.

ويقول quot;عندما يتجمع عدد كبير من العاملين الاجانب في مكان واحد، قد يفتعلون المشاكل ولا يمكن ضبطهمquot;. الا انه يبدي أسفه لبعض العشوائية في القرار، مشيرا الى ان quot;عمالا سوريين كانوا يسكنون على مقربة من متجره يعملون كل النهار ويعودون الى المنزل ليلا ولا يزعجون احدا.. طلب منهم المغادرة ايضاquot;.

ويطال القرار البلدي فيليبينيين وسريلانكيين وأفارقة و... سوريين. وقد عقد ممثلون عنهم الاسبوع الماضي مؤتمرا صحافيا نددوا فيه بquot;التوقيفات العشوائيةquot; التي يتعرضون لها وquot;التحرشات المستمرةquot; وquot;المعاملة المهينةquot;، رافضين تصويرهم بأنهم موجودون في لبنان من اجل quot;الدعارة فقط ومخالفة القانونquot;.

وتوضح المسؤولة عن دائرة التخطيط والهندسة في بلدية برج حمود اربينه منقصريان لوكالة فرانس برس انها تلقت منذ مطلع العام الجاري شكاوى عديدة حول quot;وضع امني يتفاقم يوما بعد يوم بسبب وجود شبان غرباء يسكنون بينناquot;.

وتضيف ان الشكاوى تتضمن quot;اشتباكات مع ابنائناquot;، وquot;مضايقات تطال الفتيات حتى في وضح النهارquot;، اضافة الى quot;الضجة واقلاق الراحة حتى وقت متأخر من الليلquot;. وتؤكد منقصريان عدم وجود خلفية سياسية للقرار، مضيفة quot;يجب ان يفهم المخالفون للقانون والمشاغبون انه لا بد من احترام القانون سواء كانوا لبنانيين او اجانبquot;.

الا ان السوريين الاكراد الذين يعيشون في برج حمود والذين كانوا اكثر من تأثر بالقرار، يؤكدون ان حملة الاخلاء تستهدفهم، متوقفين عند دعم حزب الطاشناق، احد مكونات الاكثرية التي ابرز اركانها حزب الله المدعوم من دمشق، له.

ويقول احمد (عامل، 28 عاما) من منزله المتواضع المؤلف من غرفة واحدة ومطبخ quot;القرار طالنا وطال كل الاكراد المعارضين للنظام السوري (...) منذ نظمت تظاهرات للاكراد أمام السفارةquot; السورية في بيروت غداة مقتل القيادي الكردي البارز مشعل تمو في سوريا في تشرين الاول/اكتوبر الماضي.

ويضيف احمد الذي يقيم في منزله منذ خمس سنوات رافضا الكشف عن اسمه الحقيقي خوفا من تعرضه لمزيد من الضغوط او لدى زيارته الى سوريا، quot;طلبوا منا اخلاء المنزل قبل آخر الشهر، لكننا ننتظر، ربما تحل المسألة بشكل أو بآخرquot;.

ويقول خليل (37 عاما) ان اشتراط البلدية لتسوية عقد الايجار ان تكون بحوزة المستأجر اقامة واجازة عمل في لبنان يعد quot;شرطا تعجيزياquot; بالنسبة للسوريين المعفيين بموجب القانون اللبناني من هذه الاجراءات. ويضيف quot;المقصود اذا ان نخرج من بيوتنا (...) بتوجيهات حزب سياسي في المنطقةquot;.

ويسأل حوري مستغربا quot;هل يجوز ان يطرد انسان من منزل اقام فيه سبع سنين في اربعة ايام؟quot;. ويضيف quot;الاشخاص الذين احترموا جيرانهم ولم تصدر عنهم مشاكل لسنوات طويلة لا ينبغي طردهم. اما اذا كان الموضوع تسجيل العقود في البلدية فيجب اعطاء مهلة مقبولةquot;. ويخلص ان quot;السياق الاساسي للقضية هو وجود تمييز في لبنان، ولا تشريعات تحول دون هذا التمييزquot;.