حمّل غالبية قراء إيلاف التيار الإسلامي في مصر المسؤولية عن أحداث العنف التي اندلعت في 19 نوفمبر الجاري، في أعقاب ما سمّي quot;جمعة رفض وثيقة السلمي فوق الدستوريةquot;، التي دعا إليها التيار بمختلف فصائله: الإخوان، السلفيون، الجماعة الإسلامية. وأسفرت عن مقتل 41 شخصاً، وإصابة نحو أربعة آلاف آخرين.


رسم بياني يوضح نتائج إستفتاء إيلاف الأسبوعيّ

القاهرة: طرحت إيلاف السؤال التالي على القرّاء، ضمن الاستفتاء الذي تجريه أسبوعياً: quot;من يتحمّل مسؤولية أحداث العنف الأخيرة في مصر؟quot;.
وقدّمت للقراء أربعة خيارات هي: quot;المجلس العسكري، التيار الإسلامي، جهات خارجية، معتصمو التحريرquot;.

وشارك في الإجابة على السؤال 25443 قارئاً، وقال 16470 قارئاً، أي ما يعادل 62.28% من المشاركين، إن التيار الإسلامي يتحمّل المسؤولية كاملة عن العنف الذي راح ضحيته 41 قتيلاً، ونحو 4 آلاف مصاب. فيما ذهب 5343 منهم أي ما يعادل 20.21% إلى القول إن معتصمي التحرير عليهم أن يتحمّلوا مسؤولية ذلك العنف.

وأكد 3669 قارئاً أي ما يعادل 13.88% أن المجلس العسكري مسؤول عن تفجر العنف، بينما تبنى 961 قارئاً أي ما يعادل 3.63% نظرية المؤامرة، واتهموا جهات خارجية بالضلوع في العنف الذي كان حصيلة ضحاياه الكبرى سقوط نظام حكم الرئيس مبارك في 11 فبراير الماضي.

جمعة رفض المبادئ فوق الدستورية

قبل تاريخ 18 نوفمبر الجاري، بنحو ثلاثة أسابيع فجر الدكتور علي السلمي نائب رئيس مجلس الوزراء لشؤون التحول الديمقراطي السابق، مفاجأة من العيار الثقيل، بإعلانه عن وثيقة للمبادئ فوق الدستورية، تتضمن مواد تمنح القوات المسلحة حصانة من المساءلة، وتمنح قياداتها الحق في الإعتراض على أية قوانين، وتحافظ على سرية ميزانيتها، وتجعل من الجيش دولة فوق الدولة، على حد وصف بعض القوى السياسية.

وللمرة الأولىمنذ انهيار حكم مبارك يجتمع مختلف ألوان الطيف السياسي على أمر واحد، ألا وهو رفض الوثيقة، ورغم تراجع الحكومة عن الوثيقة، وتعديل المواد المثيرة للجدل، إلا أن التيار الإسلامي بمختلف تفرعاته أصرّ على الخروج في تظاهرات مليونية في ميدان التحرير للإعلان عن رفض الوثيقة، في 18 نوفمبر الجاري.

وكان المهندس حازم صلاح أبو إسماعيل المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، والقيادي في التيار السلفي أول من تبنى الدعوة للتظاهرات، والإعتصام في ميدان التحرير، لكنه لم يمكث في الميدان أكثر من ثلاث دقائق، ورفض الإعتصام ودعا أنصاره إلى عدم المبيت في الميدان، إلا أن بعضهم خرج عنه وأصرّ على الإعتصام تناغماً مع قوى سياسية أخرى، وبعض مصابي الثورة، وفي اليوم التالي حاولت قوات الأمن والشرطة العسكرية فضّ الإعتصام بالقوة، واندلعت مواجهات عنيفة بين الجانبين، فقد فيها 41 شخصاً حياتهم، وأصيب نحو 4 آلاف آخرين.

quot;انتهازيةquot; الإسلاميين

ووفقاً للدكتور نبيل عبد الفتاح الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية فإن التيار الإسلامي تعامل بانتهازية واضحة مع الأحداث في مصر منذ نجاح الثورة في الإطاحة بنظام حكم الرئيس السابق، واختار الانحياز إلى مصالحه وتطلعاته الضيقة.

وقال لـquot;إيلافquot; التيار الإسلامي تعامل ببراغماتيه دون مراعاة للظرف التاريخي الذي تمرّ به البلاد، مشيراً إلى أنه عندما دعا إلى التظاهر في ميدان التحرير يوم 18 نوفمبر لم يكن موفقاً على الإطلاق، لاسيما أن وثيقة السلمي للمبادئ فوق الدستورية كانت قد سقطت بالفعل.

وأضاف عبد الفتاح أن هوية مصر الإسلامية لا تصنعها التظاهرات المليونية أو الدساتير أو الوثائق المكتوبة، بل هي ما يقدمه المصريون من إنتاج ثقافي وحركة تثري الحضارة العالمية، متهماً التيار الإسلامي بالتسبب بتقسيم المجتمع المصري رأسياً إلى مسلمين ومسيحيين، وتسبب باندلاع العديد من التوترات بعد الثورة، ومنها الأحداث الأخيرة.

المجلس العسكري والشرطة

ولم يستثن عبد الفتاح المجلس العسكري والشرطة المصرية من المسؤولية عن العنف، وقال إن كليهما مسؤول مسؤولية مباشرة عن حصد أرواح العديد من الشباب المصري الأصيل وإصابة الآلاف منه إصابات بالغة، لاسيما في الأعين.

مشيراً إلى أن وزارة الداخلية ما زالت تتعامل بالطريقة نفسها التي تعودت عليها لعشرات السنين، وما زالت تتعامل مع المواطن المصري بدونية، وأنهم السادة القائمون على تنفيذ القانون، وما عداهم عبيداً لا قيمة أو وزنا لحياتهم أو كرامتهم. رغم أن تلك الممارسات كانت السبب الرئيس في اندلاع الثورة، حيث خرجت التظاهرات في البداية إحتجاجاً على مقتل الشاب خالد سعيد تحت التعذيب.

مؤامرة لإفشال الثورة

وحسب وجهة نظر الدكتور رفعت سيد أحمد رئيس مركز يافا للدراسات السياسية فإن الجميع يتحمل مسؤولية العنف في مصر منذ سقوط حكم الرئيس مبارك في 11 فبراير الماضي، وقال لـquot;إيلافquot; إن التيار الإسلامي مشارك في هذا العنف.

ولم يقف الأمر لدى سيد أحمد عند هذا الحد، بل إنه يتبنى نظرية المؤامرة، وقال إن هناك مؤامرة أميركية وغربية بالتنسيق مع بعض رموز التيار الإسلامي والليبرالي لإفشال الثورة المصرية وتفجيرها من الداخل، ويشارك في تلك المؤامرة أيضاً قوى النظام القديم.

خسارة المصداقية

وإتهم سيد أحمد الإخوان والسلفيين بالعمل وفقاً لأجندات خاصة بهم، بتمويل خليجي، مشيراً إلى أنهم يحاولون فرض توجهات سياسية محددة على المصريين، والإستئثار بالمشهد السياسي، ومحاولة تقسيم المجتمع، بدعوى الحفاظ على هويته الإسلامية.

ولفت إلى أن التيار الإسلامي خسر كثيراً من مصداقيته منذ سقوط مبارك، بسبب انشقاقهم عن الوحدة السياسية، والتعامل بانتهازية مع الثورة، مشيراً إلى أنهم لن يجنوا أي مكاسب من وراء الأغلبية البرلمانية التي يسعون إليها، لاسيما بعد إعلان المجلس العسكري أنه المختص بتعيين رئيس الحكومة بعد الإنتخابات البرلمانية.

التيار الإسلامي بريء

وفي المقابل، رفض الدكتور سعد الكتاتني الأمين العام لحزب الحرية والعدالية تلك الاتهامات، وقال لـquot;إيلافquot; إن الإخوان يعملون دائماً وفقاً للمصلحة الوطنية لمصر، ولم يسعوا إلى السلطة منفردين، مشيراً إلى أن السبب في أحداث العنف الأخيرة ليس التيار الإسلامي، بل السياسات الخاطئة للسلطة التي تدير البلاد، واستمرار تعامل الشرطة بالسياسات السابقة نفسها ، مشدداً على ضرورة إجراء تحقيقات موسعة في الأحداث الأخيرة وتقديم المسؤولين عن إراقة دماء المصريين إلى القضاء.