سيف الإسلام القذافي

يعيش سيف الإسلام القذافي المأسور لدى الثوار حالة ترقب لمصيره. وفي حين طلبت منظمة العفو الدولية محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية، يؤكد الثوار أنه سيلقى حكم الإعدام.


بيروت:سيف الإسلام القذافي معتقل في مكان سري من قبل ثوار الزنتان وكل ما يدور في باله هو: هل سيحصل على محاكمة عادلة؟ وهل سينفذ فيه الحكم؟

لا يوجد في سجنه القاتم ما يلهيه عن حيرته، فالزنزانة خالية من الكتب أو التلفزيون، كما أن الفتى المدلل الذي اعتاد على الحفلات الباذخة والسهرات لا يملك ما يؤنس وحدته، وفقاً لما يقوله أسامة الجويلي، وزير الدفاع حالياً وقائد الثوار سابقاً، وهو الرجل المسؤول عن حراسة سيف الإسلام إضافة إلى 20 مقاتلاً من ثوار الزنتان.

في هذا السياق، اسرّت صحيفة الـ quot;تليغرافquot; أنه سيتم طرح أسئلة لا حصر لها على سيف الإسلام عند محاكمته، وتحديداً حول حياته وعلاقاته مع والده، واتصالاته الوثيقة بالسياسيين ورجال الأعمال الأوروبيين، مثل توني بلير وبيتر ماندلسون وناثانيل روتشيلد، وغيرهم.

محاكمة نجل العقيد الليبي الراحل ستكون اختباراً حقيقياً للحكام الجدد في ليبيا، ويبدو أنه منشغل حالياً ومهموم بمجريات التحقيق الذي ينتظره على أيدي لجنة من المحققين، سيتم تشكيلها من طرف مكتب المدعي العام في طرابلس، حسب ما أفاد به القائد العسكري أسامة الجويلي ورئيس المجلس المحلي للزنتان طاهر التريكي.

لكن هذه اللجنة لم تتشكل حتى اليوم، وفقاً للتريكي، فهم لم يتلقوا أية تعليمات من الحكومة المركزية بخصوص كيفية التعامل مع quot;أشهر سجين في تاريخ المدينةquot;. وقبل صدور هذه التعليمات، لا يمكن أن ينفذ أي طلب لسيف الإسلام، بما في ذلك، تعيين محام له.

وفيما عدا معتقليه وحراسه، فإن الجهة الوحيدة التي التقت بسيف الإسلام منذ اعتقاله، هي اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إضافة إلى الطبيب الأوكراني المولد، المقيم في الزنتان، أندريه موراكوفسكي.
يصر ثوار الزنتان على سجن سيف الإسلام تحت إشرافهم، الأمر الذي يرجعه أسامة جويلي وطاهر التريكي إلى انعدام الأمن في العاصمة طرابلس، حيث تستعر الصراعات بين كتائب الثوار المتنافسة، بما في ذلك قبيلة الزنتان.

ويقول القائد العسكري أسامة الجويلي: quot;نحن لا نخاف من بقايا أنصار القذافي، لكننا نخاف من الألوية المحسوبة علينا من كل المجموعات العسكرية في طرابلس، فكل واحد من الثوار لديه رأيه الخاص حول سيف الإسلام، وقد يحاول البعض أذيتهquot;.

وعلى الرغم من إلقاء القبض عليه، ووضعه تحت الحراسة المشددة، يبدو أن سيف الإسلام القذافي ما زال متمسكاً برأيه ويحاول أن يقدم quot;النصائحquot; للثوار فيقول لهم إنهم خُدعوا من قبل الإسلاميين، وخصوصاً رئيس المجلس العسكري في طرابلس عبد الحكيم بلحاج، ومرشده الروحي الشيخ علي الصلابي، الذي أعلن تشكيل حزب على غرار حزب الاخوان المسلمين ليكون أحد الأحزاب الإسلامية الحاكمة في ليبيا.

ويستمر سيف الإسلام في تقديم نصائحه التي تتحول إلى quot;تحذيراتquot; فيقول للثوار إنه عندما يتمكن هؤلاء من السيطرة نهائياً على ليبيا، فإنهم سترحمون على أيام والده (القذافي). ويضيف: quot;استمروا بتصديقهم واستمروا بنعتي بالكاذب، لكنكم ستعرفون في النهاية أن كلامي صحيح، وأؤكد لكم أن بلحاج والصلابي لن يأتوا بالخير لليبيا وشعبهاquot;.

ويبدو مقتنعاً بكلامه فيشدد: quot;أقسم بالله، اني فعلت الكثير من أجل هذين الرجلين لكنهم ردا المعروف بطعني في ظهري وخيانتيquot;.

يشعر الثوار الليبيون بيقين من أن سيف الإسلام سيحصل على محاكمة عادلة وستكون نتيجة هذه المحاكمة الإدانة والإعدام بحق نجل العقيد الراحل معمر القذافي.

أما بالنسبة للمجتمع الدولي، الذي سيراقب عن كثب، فإن مثل هذه التصريحات تثير أسئلة كثيرة حول طبيعة الإتهامات التي ستوجه إلى سيف الإسلام حتى يستحق عقوبة الإعدام. فمن دون شك أن التهمة الأولى ستكون الفساد، لا سيما فيما يتعلق بالثروة الشخصية التي يملكها وعائلته، كالمنازل والقصور الفاخرة التي يملكها في طرابلس وفيينا ولندن، والتي بنيت من أموال الدولة الليبية وثروتها النفطية التي وضعت في الحسابات المصرفية الأجنبية.

أما التهمة الثانية فستكون التحريض على العنف، لا سيما في اثنين من المشاهد المثيرة للجدل، الأولى حين ظهر سيف الإسلام على شاشة التلفزيون الليبي في 20 فبراير متعهداً بسحق quot;الجرذانquot;، والثانية فوق عربة مدرعة ملوحاً بكلاشنيكوف ويحث أتباعه على القتال.

في هذا السياق، قال محمد سالم دراح، محام ذائع الصيت في الدفاع عن السجناء السياسيين أمام محاكم العقيد القذافي، إن توجيه تهديدات للشعب الليبي يعتبر جريمة، والدليل الأبرز على ذلك أنه كان يقف على رأس دبابة ويحمل رشاشاً حربياً.

لكنه أضاف: quot;على الرغم من ذلك، فإن سيف الإسلام لا يملك موقعاً سياسياً ليحاسب على ما قال أو فعل، فبالنسبة للقانون كان يعبر عن رأيه فقطquot;.

وطلبت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش بأن يتم نقل سيف الإسلام ومحاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، لكن المحامي دراح لا يؤيد هذا الرأي، على الرغم من أن نظام المحكمة الليبية كان خاضعاً للأهواء السياسية طيلة 40 عاماً وسيواجه صعوبة في استجماع الشجاعة لتجاهل ضغط الرأي العام.

وأشار: quot;سيكون هناك الكثير من الضغط الشعبي، لكن لا يمكننا تكرار أخطاء الماضي بعد أن قتل 50000 شخصاً، وإلا عدنا إلى المربع الأولquot;.

أما في مستودع الأسلحة حيث يحتجز القذافي وسط حراسة مشددة من الثوار، يبدو أن سيف الإسلام لا يحظى بأي نوع من التعاطف. فيقول محمود الهاشمي (25 عاماً) إن نجل القذافي سيخضع للمحاكمة وسيكون مصيره الإعدام لأنه ارتكب جرائم ضد حقوق الإنسان.

ويقول محمود عباس، أحد الثوار، إنه من المستحيل تبرئة سيف الإسلام quot;وإذا حصل ذلك فأنا مهاجرquot;. ويؤيده زميلة محمد قائلاً: quot;وأنا سأكون معك على متن الطائرة إذا تمت تبرئة سيف الإسلامquot;.