في وقت تعيش العاصمة الأميركية واشنطن حالة من الجمود على صعيد نشاط الحزبين الجمهوري والديمقراطي، ظلت هناك قضية تحظى باهتمام الأعضاء هنا وهناك، وكذلك بالنسبة إلى مسؤولي إدارتي جورج بوش وأوباما، بما في ذلك عشرات المسؤولين السابقين في مجال الأمن القومي، ألا وهي المتعلقة بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، التي سبق لها أن تحالفت لمدة طويلة مع الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، وتعاملت معها الولايات المتحدة باعتبارها منظمة إرهابية، ووصفها مسؤولو الخارجية الأميركية بالطائفة القمعية المحتقرة من قِبل معظم الإيرانيين والعراقيين.
عناصر مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة |
أشرف أبوجلالة من القاهرة: لفتت في هذا السياق اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية إلى أن جهود الضغط الاستثنائية التي تم بذلها لتغيير المسمّى الإرهابي للمنظمة قد حظيت بتأييد ودعم مديرين سابقين لوكالة الاستخبارات الأميركية quot;سي آي إيهquot; هما جيمس وولزي وبورتر غوس، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق لويس فريه، والنائب العام السابق مايكل موكاسي، ومسؤول الأمن الداخلي الأول في إدارة الرئيس جورج بوش، توم ريدج، ومستشار الأمن القومي السابق في إدارة الرئيس أوباما، الجنرال جيمس جونز، وأسماء بارزة من الحزب الجمهوري، من أمثال عمدة نيويورك السابق رودلف غولياني، وأعضاء في الحزب الديمقراطي، مثل حاكم فيرمونت السابق هوارد دين، وكذلك مسؤول مكافحة البارز السابق في وزارة الخارجية ديل ديلي، الذي سبق له أن جادل من دون جدوى لإنهاء التسمية الإرهابية وهو في منصبه.
ثم نوهت الصحيفة بالمبالغ المالية الجيدة التي سبق وأن تلقاها هؤلاء المسؤولون الأميركيون، وكذلك تعاقد بعض الوكالات للتحدث معهم، وحصولهم على أموال تراوحت بين 10 آلاف و50 ألف دولار من أجل إلقاء خطابات نيابةً عن المنظمة الإيرانية. فضلاً عن سفر بعضهم إلى باريس وبرلين وبروكسل من أجل الظهور هناك.
مع هذا، فقد أكد جميعهم أنهم سلكوا هذا الطريق بدافع إنساني ndash; لحماية وإعادة توطين ما يقرب من 3400 عضواً في تلك الجماعة، التي تعرف بمجاهدي خلق، والمحاصرة الآن في معسكر في العراق. وأشاروا أيضاً إلى أن التسمية الإرهابية، التي تعود إلى العام 1997، باتت الآن قديمة وغير مبررة، فضلاً عما تشكله من خطورة.
وقد تصاعدت الأحداث مع إكمال وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، مراجعة بشأن التسمية الإرهابية، بالاتساق مع قول حكومة رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، إنها تخطط لإغلاق معسكر أشرف بحلول الحادي والثلاثين من شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل، ونقل المقيمين هناك إلى مكان آخر في العراق، بغية إعادة التأكيد على سيادة العراق على الأرض، التي تقع على بعد 40 ميلاً شمال بغداد.
ومضت الصحيفة تشير إلى الواقعتين التي سبق أن اقتحمت خلالهما القوات العراقية معسكر أشرف، ونجم منهما مواجهات دامية، حيث قُتِل 11 من سكان المعسكر في الاقتحام الأول خلال شهر تموز/ يوليو عام 2009، كما قتل ما لا يقلّ عن 34 في الاقتحام الثاني، الذي وقع في نيسان/أبريل الماضي. ويرى مسؤولو منظمة مجاهدي خلق ومؤيدوها الأميركيون أن حكومة المالكي، في ظل علاقاتها القوية بإيران، قد تقوم بعملية قتل جماعي عمّا قريب بحجة إعادة السيطرة على المعسكر.
ونقلت الصحيفة عن مؤيدي المنظمة قولهم إنه في حالة حدوث ذلك، فإن المسؤولية ستقع على كاهل الولايات المتحدة، التي نزعت سلاح المنظمة، وقدمت ضمانات بشأن الناحية الأمنية للمعسكر عقب غزو العراق.
وتابعت الصحيفة نقلها هنا عن توم ريدج، العضو السابق في الكونغرس وحاكم ولاية بنسلفانيا السابق، قوله: quot;لقد قطعنا هذا الوعد على أنفسنا. ومصداقيتنا على المحك. حيث تعرّضوا للهجوم مرتين. فكيف يمكن لنا الحصول ربما على تأكيدات من جانب حكومة المالكي؟quot;.
وتابع ريدج بالقول quot;أرى أنها إن كانت تشكل تهديداً على الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، فإن عدو عدوي هو صديقيquot;، ونوه ريدج في الإطار عينه كذلك بأن مجاهدي خلق سبق لها أن قدمت معلومات بشأن برنامج إيران النووي في عهد الرئيس بوش.
هذا وقد اشتملت حملة دعم منظمة مجاهدي خلق على إعلانات صحافية بمساحة صفحات كاملة، تعرّف المنظمة بأنها quot;المعارضة الرئيسة في إيرانquot;، وهو ما تعامل معه معظم المتخصصين في الشأن الإيراني على أنه تشويه سخيف.
كما تعاقدت المنظمة مع جماعات ضغط كبرى، مثل شركة آكين غامب ستراوس هاور amp; فيلد، التي يوجد مقرها في واشنطن. وتمكن محاميو المنظمة في أوروبا كذلك من الظفر بمعركة دامت طويلاً لإقناع الاتحاد الأوروبي بإسقاط إدراجها للمنظمة على أنها منظمة إرهابية.
وقال علي صفوي، الذي يدير جماعة داعمة لمجاهدي خلق في واشنطن، تعرف بمركز بحوث سياسات الشرق الأدنى، إن الأموال تأتيهم من المغتربين الإيرانيين الأثرياء في الولايات المتحدة. فيما أشار مارك تونر، متحدث باسم الخارجية الأميركية، إلى أن مسؤولي الوزارة يعملون بأكبر سرعة ممكنة لإكمال مراجعة خاصة بالتسمية الإرهابية لمنظمة مجاهدي خلق.
وأوضحت الصحيفة أن هناك مسؤولين أميركيين يدعمون الجهود التي يتم بذلها من جانب الأمم المتحدة لإعادة توطين سكان معسكر أشرف بصورة طوعية في بلدان أخرى، وهي العملية التي تشهد تقدماً بطيئاً.
بينما أكد مسؤولون آخرون في الخارجية الأميركية، رفضوا الإفصاح عن هوياتهم، أنهم واثقون من تعرّض سكان معسكر أشرف للخطر مع اقتراب الموعد النهائي الذي حددته الحكومة العراقية لإعادة توطينهم في نهاية الشهر المقبل.
التعليقات