رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني |
تدور الشكوك حول إعلان وزارتي البيشمركة والداخلية في حكومة إقليم كردستان العراق عن حملة إعتقالات تطال 2636 مطلوباً للقضاء. وعزا البعض تأخّر صدور مذكرات الاعتقال بحق من شاركوا في جرائم النظام السابق إلى حماية بعض الأطراف السياسية لهم أو تسلّمهم مراتب عسكرية حالياً.
روز صالح من السليمانية: في خطوة تحيط بها الشكوك، أعلن مسؤولون في وزارتي الداخلية والبيشمركة في حكومة إقليم كردستان العراق لـquot;إيلافquot; عن بدء حملة للقبض على2636 متهماً من المطلوبين للقضاء، بتهم عدة، لم تتمكن الأجهزة التنفيذية من اعتقالهم لأسباب مختلفة، وقالوا إن حكومة الإقليم تنسّق مع الحكومة العراقية والشرطة الدولية (الإنتربول) لإحضار الفارّين إلى مناطق خارج الإقليم.
وأشار المتحدث باسم وزارة البيشمركة اللواء جبار ياور لـ quot;إيلافquot; إلى أن quot;رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني أصدر أمراً لكل من وزارتي الداخلية والبيشمركة باعتقال جميع المطلوبين الفارّين من الأحكام القضائيةquot;، مبينًا أن quot;الوزارتين قامتا بتشكيل غرف للعمليات لتنفيذ الأمرquot;.
وأضاف أن هذه quot;الغرف تضم في عضويتها ضباطاً وعناصر من الشرطة والبيشمركة والأسايش والأمن وضباط قانونيينquot;، مشيرًا إلى أن quot;تلك الغرف تعمل على تعقب خمس قوائم من المطلوبين الفارّين، تضم أسماء 2636 شخصاًquot;.
وأوضح ياور أن quot;جميع المطلوبين هم من سكان محافظات الإقليم الثلاث، أربيل والسليمانية ودهوك، وهم مطلوبون بتهم مختلفة لم يكشف عنها، مكتفياً بالقول إن تفاصليها موجودة لدى محاكم إقليم كردستان العراق. وأضاف: quot;نحن استلمنا قوائم بأسماء فقط، وهذه الأسماء ليست لدينا تفاصيل حولها، لأنها موجودة في المحاكم، ولا نعلمفي أي منطقة يسكنون، ولا المحكمة التي أصدرت الحكمquot;. جبار ياور وكيل وزارة البيشمركة في حكومة كردستان
وأوضح أن خمس غرف عمليات مشتركة من وزارتي البيشمركة والداخلية، وبالتعاون مع جهاز الأمن (الأسايش) قد شكلت للقبض على أكثر من ألفين وستمائة مطلوب للقضاء، وفق أحكام سابقة، ولم يتم إلقاء القبض عليهم لأسباب مختلفة في كردستان العراق، تراوحت هذه الاسباب بين التورّط في التظاهرات المطالبة بالإصلاح، التي شهدها الإقليم في شباط (فبراير) الماضي أو المشاركة في عمليات الأنفال، التي نفذها النظام العراقي السابق في أعوام الثمانينات من القرن المنصرم، والتي راحت ضحيتها عشرات الآلاف من المواطنين الأكراد.
ياور أكد أن تشكيل الفرق المشتركة جاء بسبب أن بعض المطلوبين من قبل المحاكم المدنية في الإقليم من المحتمل أن يكونوا من ضمن قوات البيشمركة أو ضمن القوات الأخرى في الإقليم، منوهًا إلى أنه من المستحسن أن تعمل كل هذه القوى معاً على تشكيل مفارز لتنفذ أوامر المحكمة بإلقاء القبض على المطلوبين.
وأوضح في الوقت عينه أن الوزارة استلمت قوائم أسماء فقط من دون تفاصيل حول نوع التهمة أو المدة التي يعود إليها أمر الاعتقال، مشددًا على أن التحرك الأمني الجديد جاء امتثالاً لأمر صدر من رئاسة إقليم كردستان إثر شكاوى مقدمة من القضاء بعدم قدرة السلطات التنفيذية إحضار المئات من المطلوبين الفارّين، ويؤكد القادة الأمنيون أنه لن يستثنى منه أحد، حتى أعضاء الحزبيين الكرديين.
من جهته، أكد عبد الله محمد مدير عام شرطة إقليم كردستان في مؤتمر صحافي أن القوائم تتضمن أسماء الأشخاص، الذين صدرت أوامر بإلقاء القبض عليهم في الإقليم، وكل اسم تقابله المادة القانونية والمركز والدائرة المطلوبة.
النائب عن ائتلاف الكتلة الكردستانية أشواق الجاف أكدت لـquot;ايلافquot; أن يد القضاء فوق كل اعتبار، موضحة أن مجريات القانون يجب أن تطبّق بحذافيرها، بغضّ النظر عن صفة المتهم أو الحزب الذي ينتمي إليه.
أما المحلل السياسي الكردي آرام الشيخ محمد فقد أعرب لـquot;إيلافquot; عن اعتقاده بأن مذكرات الاعتقال تطال أيضًا بعض الصحافيين، الذين بموجب القانون الجنائي، يجب أن يعتقلوا.
وعزا تأخّر صدور مذكرات الاعتقال بحق من شاركوا في جرائم النظام الصدامي إلى حماية بعض الأطراف السياسية لهؤلاء أو تسلّمهم مراتب عسكرية في الوقت الحاضر، مشيرًا إلى أن مطالبات ذوي الضحايا بحقوقهم العادلة في الاقتصاص من هؤلاء كانت هي السبب الرئيس وراء البدء في تنفيذ مذكرات الاعتقال.
وأكّد مراقبون للشأن السياسي أن تفعيل الأوامر القضائية في هذه الفترة تحديدًايعود إلى مطالبات الأهالي ممّن طالت يد النظام الصدامي ذويهم بإنزال القصاص العادل بهم، بالرغم من إصدار حكومة الإقليم عفوًا عن المشتركين في عمليات الأنفال عام 1990.
فيما رأى آخرون أن هذه القرارات لم تدخل حيز التنيفذ لاعتبارات سياسية، كالحماية من قبل بعض الأطراف المشاركة في العملية السياسية أو لكون بعض المشمولين فيها يحملون الآن رتباً عسكرية أو بسبب مغادرتهم الإقليم إلى خارج البلاد.
جدير بالذكر أنقضية المطلوبين للقضاء في إقليم كردستان العراق سبق وأن طرحها الإعلام الكردي مراراً خلال الفترات الماضية، ووجّهت خلالها اتهامات مباشرة وغير مباشرة إلى الأحزاب السياسية، وخاصة المتنفذة والحزبين الحاكمين، بالتستر وإيواء الكثير من المطلوبين لأسباب مختلفة، فيما عجزت أجهزة الشرطة عن ضبطهم وإحضارهم للمثول أمام المحاكم.
في المقابل يرجّح قانونيون في الإقليم أن يتسبب القرار بالإطاحة بأشخاص يتمتعون بنفوذ سياسي واقتصادي، لم تتمكن الأجهزة التنفيذية الدنيا من إلقاء القبض عليهم بفعل المحسوبية داخل المحاكم المدنية.
يأتي قرار تعقب الفارّين المطلوبين للقضاء هذا في أعقاب ازدياد شكوى المنظمات والناشطين، إضافة إلى السلطات القضائية من عدم سريان الإجراءات القانونية بشكل مطلوب في الإقليم، ما يؤثر على هيبة القانون وسيادته، فيما أصابع الاتهام لا تتوقف عن الإشارة إلى الحزبين الحاكمين بعدم الجدية في تنفيذ أحكام القانون، وتسهيل بقاء الفارّين خارج قبضة العدالة.
التعليقات