تظاهرات تطالب بإسقاط النظام السوري

يعيش الجيش السوري الحر الذي يعمل عبر الحدود من مخيم لاجئين يحرسه الجيش التركي حالة من التوتر مع المجلس الوطني السوري، بسبب دعوة الأخيرة لأن تكون مهام الجيش الحر دفاعية فقط، وسط اتهامات بأن المجلس الوطني يتحرك للسيطرة على تمويل الجيش الحر.

في وقت يصعد نظام الرئيس بشار الأسد حملته ضد المحتجين في الداخل تتسبب الخلافات حول التكتيكات التي يتعين اعتمادها في حدوث انقسامات عميقة بين فصائل المعارضة السياسية والمسلحة تضعف المعركة ضده ، كما افاد ناشطون.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن جنود وناشطين قريبين من الجيش السوري الحر الذي يعمل عبر الحدود من مخيم لاجئين يحرسه الجيش التركي ان هناك توترات مع المجلس الوطني السوري بسبب اصراره على ان يقتصر نشاط الجيش السوري الحر على العمليات الدفاعية. وقال هؤلاء الجنود والناشطون إن المجلس تحرك هذا الشهر للسيطرة على تمويل الجيش السوري الحر.

وأوضح عبد الستار مكسور الذي يعمل في تنسيق شبكة إمداد الجيش السوري الحر ان المجلس الوطني السوري quot;لا يفعلون سوى الكلام وهم منشغلون بالسياسة فيما يقوم نظام الأسد بذبح شعبناquot;. وردد ما قاله مسؤولون آخرون في الجيش السوري الحر تحدثوا لصحيفة نيويورك تايمز قائلا quot;اننا نريد القيام بعمل عسكري أشد فاعليةquot;.
ويرى مراقبون ان هذه الخلافات تلقي ضوءًا على عنصر ديناميكي اساسي في نضال المعارضة ضد نظام الأسد هو اخفاقها حتى الآن في اقامة جبهة موحدة. وان المعارضة في الخارج مثقلة بالانقسامات حول الأشخاص والمبادئ.

وبرز الجيش السوري الحر بوصفه قوة جديدة رغم علامات الاستفهام التي اثارها معارضون عن حقيقة التنسيق بين مجموعاته. ومن جهة أخرى فان معارضة الخارج لم تلق حتى الآن قبولا كاملا من معارضة الداخل.

وكان المجلس الوطني السوري والجيش السوري الحر اتفقا في وقت سابق من هذا الشهر على التنسيق في ما بينهما. وجاء الاتفاق بعدما اعرب معارضون عن مخاوف من تقويض التزام المعارض بالوسائل اللاعنفية بسبب عمليات الجيش السوري الحر التي تنال تغطية اعلامية واسعة ، لكنها تخدم رواية النظام الذي يقول ان سوريا مستهدفة بمؤامرة خارجية.

وكان انبوب لنقل النفط الى مصفاة في حمص فُجر يوم الخميس. واتهمت وكالة الانباء السورية الرسمية quot;ساناquot; ما سمتها quot;مجموعة ارهابية مسلحةquot; وهي التسمية التي يطلقها النظام على مخططي الانتفاضة. واشار ناشطون في حمص الى ان النظام يقف وراء التفجير في اطار محاولته فرض حصار على المدينة.

واحدثت الأزمة السورية تغييرات جيوسياسية في المنطقة زادت في تعقيد الرد الدولي عليها. وانقلبت تركيا على نظام الأسد بعدما كانت من حلفائه القريبين. ولكن روسيا التي تربطها علاقات استراتيجية بدمشق ، والصين وقفتا ضد استصدار قرار من مجلس الأمن يدين النظام السوري. في هذه الأثناء عملت ايران على تعزيز علاقاتها بالنظام وبذلك زيادة المخاوف من اشتعال حريق في عموم المنطقة.

وتؤكد تركيا انها تستضيف المنتفضين السوريين لأسباب انسانية محضة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول كبير في وزارة الخارجية التركية قوله يوم الخميس quot;انهم في تركيا من أجل حمايتهمquot;. ولكن الأيام الأخيرة شهدت وقوع اشتباكات على الحدود السورية ـ التركية بين المتنفضين وقوات الجيش السوري. ويقول ناشطون ان الجيش السوري الحر ينظم شبكة تهريب الى سوريا من داخل الأراضي التركية لارسال جنود وأسلحة وامدادات طبية الى الداخل. وشوهدت مؤخرا مجموعة من المهربين في قرية تركية قرب الحدود السورية يعبئون اسلحة في اكياس دقيق فارغة قبل الانطلاق على دراجات نارية. وحين سُئلوا عن وجهتهم اجابوا quot;سوريا ، سورياquot; ، بحسب نيويورك تايمز.

ويؤكد المجلس الوطني السوري انه الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري ، بما في ذلك الفصائل المسلحة. واجتمع رئيس المجلس برهان غليون لأول مرة مع قائد الجيس السوري الحر العقيد رياض الأسعد في اقليم هتاي التركي حيث وافق العقيد الأسعد على الحد من الهجمات التي تستهدف قوات النظام.
وقال عضو المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري سمير نشار في حديث لصحيفة نيويورك تايمز ان الجيش السوري الحر أخذ يبرز بوصفه القوة المسلحة للمعارضة السورية. ولكنه شدد على ان دعم المجلس له يقتصر على تقديم المساعدات المالية والانسانية وليس السلاح. واضاف ان المجلس يريد ان يعمل الجيش السوري الحر في حدود حماية المدنيين وليس مهاجمة النظام. واضاف quot;ان التنسيق معهم أفضل من تركهم يعملون ما يشاؤونquot;.

ويرى محللون ان حجم الجيش السوري الحر الذي يقول انه يضم نحو 10 آلاف مقاتل ، أصغر من ان يتصدى لحملة البطش التي يقوم بها نظام الأسد. وقال اعضاء في المجلس الوطني انه ضعيف التسليح غالبية اسلحته تأتي مع المنشقين.

وقال مراقب امضى اسبوعين في سوريا مؤخرا يتابع نشاط المنتفضين ان الجيش السوري الحر مجموعة جنود من مناطق متفرقة بعضهم في السادسة عشرة من العمر يحملون كلاشنكوفات ويظهرون في التظاهرات لحماية المدنيين. ولكن بعض افراده يختفون في كهوف قرب الحدود التركية ويقومون بتهريب السلاح والامدادات تحت جنح الظلام.

وقال نشار ان تركيا توفر ملاذا للمعارضة السورية ولكن مصادر تمويل المجلس الوطني السوري هي تبرعات السوريين وآخرين في العالم العربي. ويعمل المجلس من مكتب متواضع في اسطنبول. وقال نشار quot;ليس لدينا ميزانية ولم نفتح حسابا مصرفيا في تركيا حتى الآنquot;.

وكان مسؤولون كبار في المجلس الوطني السوري أكدوا ان العقوبات العربية والتركية والاوروبية ليست كافية في مواجهة حملة النظام. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن منشق كان مسؤولا كبيرا في وزارة الخارجية السورية ان تسليح الثوار من الخارج يمكن ان يلحق اضرارا جسيمة بنظام الأسد. وقال المنشق الذي كان سفيرا هرب الى اسطنبول من سوريا الاسبوع الماضي ان اجهزة النظام الأمنية تعمل في نحو 50 منطقة من مناطق سوريا. وذهب الى ان تنفيذ هجمات دقيقة بالارتباط مع منطقة عازلة تفرضها تركيا داخل سوريا سيكونان مقتل النظام.

وقال مسؤولون في المعارضة ان الجيش السوري الحر والمجلس الوطني السوري والحكومة التركية بحثوا في الأيام الماضية اقامة منطقة عازلة في حال تدفق النازحين بأعداد ضخمة.

وكان 20201 سوري دخلوا تركيا منذ ايار/مايو منهم 8424 سوريا ما زالوا داخل الأراضي التركية ، بحسب انقرة.
ولكن مسؤولين كبارا في الحكومة التركية أكدوا يوم الخميس ان المنطقة العازلة ستكون حلا أخيرا وليست هناك تحضيرات لأي شكل من اشكال العمل العسكري.
ودعا نشار الى منطقة عازلة تقيمها تركيا بالتعاون مع الجامعة العربية والمجتمع الدولي مؤكدا ضرورتها لحماية المدنيين والأعداد المتزايدة من المنشقين. وقال نشار ان النظام يعيش في فقاعة وليس لديه احساس بالواقع. quot;وهم مثل القذافي لن يدركوا ذلك إلا عندما تأتي النهايةquot;.