تصريحات كاتبة الدولة الفرنسية المكلفة بالشباب جانيت بوغراب، حول عدم جود اسلام معتدل، سببت لها توبيخا من الدبلوماسية الفرنسية التي تحمل رأيا مخالفا.


كاتبة الدولة الفرنسية المكلفة بالشباب جانيت بوغراب

باريس: لم تبد كاتبة الدولة للشباب الجزائرية الأصل في الحكومة الفرنسية، جانيت بوغراب، فهما ناضجا للموقف الفرنسي من التحولات التي تعرفها البلدان العربية، بل وانخراط باريس فيها، خصوصا بعد تصريحاتها النارية ضد الإسلاميين المعتدلين، ما جر عليها توبيخا شديد اللهجة من الوزارة الأولى الفرنسية.

وبدت كاتبة الدولة المكلفة بالشباب في حكومة فرانسوا فيون، جانيت بوغراب، غير مقتنعة بتهنئة وزير خارجية بلدها، ألان جوبيه لحزب العدالة والتنمية المغربي بمناسبة فوز الأخير في انتخابات 25 نوفمبر التشريعية.

و قالت الوزيرة إن quot;الأمر لا يتعلق بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغربquot;، مذكرة بالتعديلات التي همت مدونة الأسرة، لتتساءل في الوقت نفسه quot;إن كان سيعاد فيها النظرquot; مستقبلا.

تحدثت الوزيرة بلغة مغايرة عن تلك التي علقت بها الدبلوماسية الفرنسية على نتائج الانتخابات التي أعطت الفوز للإسلاميين في أكثر من بلد عربي، من بينها المغرب، على خلفية ربيع عربي لم تتضح بعد معالم المرحلة التي ستليه.

وصرحت بوغراب، التي تنحدر من عائلة حركية جزائرية في حوار لصحيفة لوباريزيان، quot;لا توجد إسلاموية معتدلةquot;،وأي نظام برأيها quot;يستمد قوانينه من الشريعة ستكون معاكسة للحقوق والحريات خاصة حرية العقيدةquot;.

بوغراب مصدومة من تصويت الجالية التونسية لحزب النهضة

إن كان يقلقها quot;تقدم الإسلاميين في كل من تونس والمغرب ومصرquot;، ردّت بوغراب بالإيجاب، معتبرة أن دولة القانون بالنسبة لها، تقاسquot;بمدى احترامها لحقوق المرأةquot;،مؤكدة أنها quot;لن تدعم يوما حزبا إسلامياquot;.
في نفس السياق تتابع الوزيرة الفرنسية:quot; لا أقبل فكرة أنه يمكن أن نؤسس دستورا بناء على الشريعة، منظومة دينية لا تراعي المساواة بالمرةquot;.

وتضيف: الديمقراطية ليست محلا تجاريا حيث يمكن لنا أن نأخذ فقط ما يروقناquot;.

وإن كان quot;خطاب الدبلوماسية الفرنسية يجب أن يكون أكثر صرامة تجاه هذه الأنظمةquot;، تبعا لاستفهام الصحافي الذي استجوبها، تقول بوغراب quot;إنها ليست وزيرة خارجية، وهي تعبر عن رأيها كمواطنة فرنسية من أصل عربيquot;.

وترفض هذه الوزيرة quot;الإيمان بأنّ هناك نوعا من النحس يطارد البلدان العربيةquot;، وأن الاختيار الذي يوجد أمامها quot;يختزل بين الديكتاتورية والإسلاموية، بين الطاعون و الكوليراquot;، على حدّ تعبيرها.

وعبرت عن quot;صدمتهاquot; بتصويت غالبية التونسيين المقيمين في فرنسا لفائدة حزب النهضة الفائز في الانتخابات التونسية الأخيرة.

وتشرح هذا الإحساس تجاه تصويت هذه الشريحة الواسعة من تونسيي فرنسا لفائدة حزب النهضة بنوع من الاستغراب،على كونهم quot;يتمتعون بكافة الحقوق والحريات هنا، ومنحوا أصواتهم لحزب دينيquot;، على حد تعبيرها.

مزهر: الوزيرة تخلط بين الإسلام المتطرف والإسلام

اعتبر الباحث عبد الرحيم مزهر أن تصريحات جانيت بوغراب كاتبة الدولة للشباب بخصوص quot;الإسلام المعتدلquot; تنم عن نقص في تكوينها الثقافي، معتبرا أن الوزيرة quot;تخلط بين الإسلام المتطرف والإسلامquot;.

وقال مزهر في تصريح لإيلاف: quot;ان كان هناك اليوم أغلبية لفائدة حزب العدالة والتنمية في المغرب، فلأن إرادة الشعب المغربي سمحت له بالحصول على 107 مقعدا في البرلمان بموجب الانتخابات التشريعية لشهر نوفمبر 2011quot;.

ولا يعتقد هذا الباحث أن العدالة والتنمية يعتزم العودة للقرن السابع، أو تفرض اللحية و النقاب وهدفه هو محاربة الرشوة وإحقاق العدالة الاجتماعيةquot;.

وأشار بطريقته أن صوت بوغراب لا يمثل إلا نفسها، وذلك بقوله إن quot;السيدة بوغراب نبهت من قبل السيد فيون الوزير الأول والسيد جوبيه رئيس الدبلوماسية الفرنسية اللذان يراعيان العلاقات الثنائية بين دول ذات السيادةquot;.

بوغراب تؤنب من طرف الوزارة الأولى

تداولت بعض الصحف الفرنسية خبر مفاده أن مدير ديوان الوزير الأول للحكومة الفرنسية عاتب بلهجة شديدة الوزيرة بوغراب على تصريحاتها، حيث نُظر إليها على كونها quot;تسيء لسياسة باريس الخارجية تجاه البلدان العربيةquot;، والتي يقودها بمهنية سياسية عالية، برأي العديد من الملاحظين، رئيس الدبلوماسية ألان جوبيه، خصوصا في مرحلة دقيقة تمر بها شعوبها.

كما يفهم من هذا التوبيخ الذي نالته كاتبة الدولة للشباب، بحسب مراقبين، حرص باريس الشديد على مرافقة الحراك الشعبي والسياسي الذي تعرفه العديد من البلدان العربية بالكثير من السلاسة متجاوزة بالمرة أخطاء الماضي القريب كما حصل مع الثورة التونسية عند أولى شراراتها.

وكان جوبيه حاول طمأنة الرأي العام الفرنسي بعد فوز الإسلاميين في المغرب، إذ يرى أنه quot;لا يجب الانطلاق من مبدأ أن كل حزب له مرجعية دينية يجب أن يدانquot;.

واعتبر رئيس الدبلوماسية الفرنسية ذلك بمثابة quot;الخطأ التاريخيquot;، مؤكدا على ضرورة quot;التحدث إلى الذين لا يتجاوزون الخطوط الحمراء التي هي خطوطنا، أي احترام الانتخابات ودولة القانون وحقوق الإنسان والمرأةquot;.