تدخل الثورة السورية شهرها العاشر بمزيد من العنف والقتلى من جهة، وبمزيد من التظاهرات السلمية من جهة ثانية. ويبرز من جديد اسم مدينة حماة في ثنايا أخبار سوريا القاتمة، والمدينة التي تعرّضت في آب الماضي إلى هجوم دمويّ لتركيع احتجاجاتها، تتعرّض هذه المرة إلى هجوم مماثل يهدف إلى وقف (إضراب الكرامة) الذي شارك فيه أهلها بكثافة.

ساحة العاصي وسط مدينة حماة السورية ... لطالما كانت معقلا للمطالبين بإسقاط بشار الأسد

وكالات، دمشق: يتواصل العنف والقتل في سوريا بشكل غير مسبوق حاصدا المزيد من المدنيين والعسكريين عشية دخول الثورة على نظام الأسد شهرها العاشر.

وتواصل سقوط الضحايا من مدنيين وعسكريين، في حين يواصل الناشطون دعوتهم إلى العصيان المدني كخطوة تصعيدية بمواجهة قمع النظام المستمر الذي حصد الأربعاء 21 مدنيا.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان ثمانية جنود قتلوا في محافظة حماه في وسط البلاد في هجوم مسلح قام به منشقون واستهدفوا اربع سيارات جيب عسكرية عند مدخل قرية العشارنة في ريف حماه.

واوضح المرصد في بيان ورد لفرانس برس quot;قتل ثمانية على الاقل من الجيش النظامي السوري اثر كمين استهدف اربع سيارات جيب عسكرية على مفرق قرية العشارنة في ريف حماة من قبل مجموعة منشقةquot;.

واضاف المرصد ومقره لندن ان الهجوم جاء quot;ردا على مقتل خمسة مواطنين سوريين خلال استهداف سيارتهم من قبل قوات عسكرية صباح اليوم قرب بلدة خطابquot; في محافظة حماه.

واضافة الى هؤلاء القتلى الخمسة قتل ستة آخرون في محافظة حماه ليرتفع عدد القتلى في هذه المحافظة الاربعاء الى 11.

وأضاف المرصد quot;ان حي الحميدية في حماة تعرض للقصف بالرشاشات الثقيلة وان المواجهات بين المنشقين والجنود كانت لا تزال متواصلةquot; بعد ظهر الاربعاء.

وفي حمص قتل خمسة مدنيين برصاص قوات الامن السورية في حيي البياضة وبابا عمرو.

وفي محافظة ادلب في شمال غرب البلاد قرب الحدود التركية قتل ثلاثة مدنيين برصاص قوات الامن.

واضاف البيان ان quot;امرأة عراقية قتلت برصاص قناصة في الزبدانيquot; في محافظة دمشق.

كما قتل مدني برصاص قوات الأمن في بصر الحرير في محافظة درعا حيث تجري كذلك مواجهات بين منشقين والجيش في بلدة اللجاة.

وفي حي ركن الدين في دمشق تحدث المرصد عن quot;انتشار أمني كثيف بعد أن قام أهالي الحي بإغلاق الشوارع والمحلات تنفيذا للمرحلة الثانية من إضراب الكرامةquot;.

واضاف المرصد ان quot;قوات عسكرية معززة بدبابات وناقلة جند مدرعة اقتحمت صباح الاربعاء مدينة الحراك في محافظة درعا حيث لا تزال تسمع اصوات اطلاق نار كثيفquot;.

من جهة اخرى اوضح البيان ان quot;ذوي مواطن من بلدة تسيل في محافظة درعا تسلموا جثمانه بعد ان استشهد متأثرا بجراح اصيب بها قبل ايامquot;.

وقد قطعت الاتصالات الهاتفية منذ فجر الأربعاء في دوما في ريف دمشق بينما سمع رصاص كثيف قرب مبنى امن الدولة في تلك المدينة التي تبعد عشرين كلم عن العاصمة حسب المرصد.

quot;إضراب الكرامةquot;... خطوات تصعيدية

ويدخل quot;إضراب الكرامةquot; الذي أعلنه المعارضون السوريون يومه الرابع ضمن سلسلة من الخطوات التصعيدية التي ترمي إلى ممارسة المزيد من الضغوط على نظام الأسد المترنح تحت وقع الاحتجاجات الشعبية وبوادر حرب اهلية بدأت تأخذ طابعا مسلحا مع تزايد انشقاق الجنود واصرارهم على مواجهة القوات النظامية وquot;حماية المدنيينquot;.

ويقول الناشطون السوريون إن المرحلة الأولى من quot;إضراب الكرامةquot; تهدف لإقفال الحارات الفرعية، والتوقف عن تسيير العمل في المراكز الوظيفية، وإغلاق الهاتف الجوال.

وتتضمّن المرحلة الثانية البدء في إضراب المحال التجارية. أما المرحلة الثالثة، فتشمل الهيئات التعليمية عبر إضراب الجامعات. ويسعى ناشطو الثورة إلى شل قطاع النقل وإغلاق الطرق بين المدن في المرحلة الرابعة.

وتستهدف المرحلة الخامسة القطاع العام عبر إضراب موظفي الدولة، في حين ستبدأ خطوة إغلاق الطرق الدولية في المرحلة السادسة الأخيرة.

وعلى موقع فايسبوك دعا الناشطون السوريين إلى مواصلة حركة العصيان المدني التي انطلقت الاسبوع الماضي لتكثيف الضغط على نظام الرئيس بشار الاسد.

وقال احد الناشطين ان quot;المرحلة الثانية قد بدأت سنغلق هواتفنا النقالة لاربع ساعات بعد الظهر وسنغلق الشوارع وسنذهب الى العمل لكن من دون ان نعملquot; وذلك quot;لنقطع الموارد المالية التي يقتل بها النظام اطفالناquot;.

واكد ناشط آخر ان quot;الاضراب متواصل في درعا لليوم الرابع على التواليquot;.
من جانبه قال هاشم احد سكان كناكر على بعد خمسين كلم جنوب دمشق quot;لم يصوت احد الاثنين في الانتخابات البلدية والاضراب متواصل منذ الاحد ولم يذهب الطلاب الى المدارسquot;.

ودعا المجلس الوطني السوري الذي يمثل معظم تيارات المعارضة السورية مجددا المجتمع الدولي الى حماية المدنيين من القمع الدامي الذي اسفر حتى الان عن مقتل اكثر من خمسة الاف قتيل حسب الامم المتحدة.

وأعلنت بسمة قضماني الناطقة باسم المجلس الوطني السوري على موقع المجلس ان quot;اعضاء المجلس يناقشون مختلف السبل لحماية المدنيين وسيجدون وسائل جديدة لحمايتهم في سورياquot;.

حماة... على خطّ النار من جديد

حماة ..رابع أكبر مدينة سورية والتي تضمّ أكثر من 750 ألف نسمة حسب آخر الإحصاءات، تعرّضت فجر الأربعاء إلى اقتحام منظم من طرف دبابات النظام.

واقتحمت قوات الأسد مدينة حماة لإنهاء إضراب عام بدأ منذ ثلاثة أيام دعما للاحتجاجات المستمرة والتي تسببت بإغلاق أغلب المتاجر وتعطيل الأعمال.

وكالعادة، واجهت قوات الأسد مقاومة من منشقين عن الجيش دمروا عربتين مدرعتين وفقا لما ذكره النشطاء على شبكة الانترنت، وحسبما نقلت وكالات الأنباء.

وقال النشطاء إن المنشقين عن الجيش هاجموا قافلة عربات جيب عسكرية خارج حماة فقتلوا ثمانية جنود بينما قتل 30 شخصا آخرين على الاقل في أنحاء سوريا يوم الاربعاء.

في أغسطس اب الماضي، شنّ الأسد هجوما داميا على حماة التي كانت معقلا للمعارضين المطالبين بإسقاط نظامه، وأنهى التدخل العنيف احتجاجات حاشدة في وسط المدينة وخلف حينها عشرات القتلى والجرحى والمعتقلين
وفجر الأربعاء، دخلت قوات الجيش إلى أحياء في الشمال والشرق من نهر العاصي الذي يقطع المدينة التي تبعد 240 كيلومترا شمالي دمشق، وفتحت نيران مدافعها الرشاشة ونهبت وأحرقت المتاجر المغلقة التي شاركت في quot;إضراب الكرامةquot; المفتوح الذي دعت إليه المعارضة.

وكانت حماة السورية قد شهدت بدءا من الثاني من فبراير/شباط من العام 1982 في عهد الأسد الأب أحداثا دامية حين هاجمتها القوات النظامية بالأسلحة الثقيلة لمدة شهر تقريبا ما تسبب بمقتل الآلاف وتشريد نحو 100 ألف، وتدمير جزء من المدينة خاصة القسم القديم منها.

ووقع ذلك الهجوم الذي اشتركت فيه الشرطة السرية والمخابرات في عهد الرئيس السابق حافظ الأسد الذي توفي في العام 2000، وقاده شقيقه رفعت الأسد، وشنت السلطات حينذاك الحملة العسكرية ردا على ما قالت إنه تمرد كانت جماعة الإخوان المسلمين طرفا فيه، وتراوحت التقديرات بشأن ضحايا الحملة التي تمت وسط تعتيم إعلامي تام بين 10 آلاف قتيل وفقا للصحافي البريطاني روبرت فيسك ndash;الذي زار حماة بعيد الحملة- و40 ألفا وفقا للجنة السورية لحقوق الإنسان.

وتقول الامم المتحدة ان أكثر من 5000 شخص قتلوا في حملة الأسد ضد الاحتجاجات التي اندلعت شرارتها في مدينة درعا الجنوبية في مارس اذار الماضي.

وقال الامين العام للامم المتحدة بان كي مون للصحافيين في نيويورك quot;لا يمكن أن يستمر هذا. باسم الانسانية حان الوقت لكي يتحرك المجتمع الدولي.quot;
وبدأت الاحتجاجات بدعوات سلمية للاصلاح لكنها تطورت الى مطالب بالاطاحة بالاسد. وتتزايد المخاوف من نشوب حرب أهلية مع ظهور تمرد مسلح مُتنام، وتقول الحكومة السورية ان أكثر من 1100 من أفراد الجيش والشرطة وأجهزة الامن قتلوا

الإعلام السوري وquot;الجماعات الإرهابيةquot;

من جانب آخر قالت وكالة الأنباء السورية (سنا) إن قوات الأمن اشتبكت الثلاثاء مع مجموعة مسلحة في إدلب، ونقلت عن مصدر رسمي قوله إن الجماعة كانت قادمة من قرى تمصرين وكفر يحمول وحزانو، وأدى الاشتباك إلى سقوط عدد من القتلى والمصابين، لم تحدد الوكالة عددهم.

وأعلنت وكالة الأنباء السورية كذلك أن quot;مجموعة إرهابية مسلحةquot; فجرت أنبوب غاز قرب مدينة الرستن في حمص من دون وقوع ضحايا، وهو رابع حادث يستهدف البنى التحتية لنقل النفط والغاز منذ مارس/آذار الماضي. إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان نقل عن ناشط في المكان أنه quot;لا علاقة للثوار أو المنشقين بتفجير الخط بين بلدة تلبيسة ومدينة الرستنquot;.

من جهة أخرى، طالت أعمال العنف لبنان، فقد اصيب سبعة اشخاص، لبنانيان وخمسة سوريين من بينهم طفل في التاسعة، برصاص الجيش السوري الاربعاء في مناطق حدودية بين البلدين في حادثين منفصلين، ونقلوا الى مستشفيات لبنانية، بحسب ما افاد مسؤول محلي ومصدر طبي.

وقال بكر الحجيري عضو بلدية عرسال ذات الغالبية السنية في البقاع (شرق) لوكالة فرانس برس ان quot;دورية سورية كانت داخل الاراضي اللبنانية، اطلقت النار في محيط منقطة خربة داود في خراج بلدة عرسال فجرا، واصابت شابين هما خالد الفليطي ومحمد الفليطيquot;.

واوضح الحجيري ان الشابين نقلا الى مستشفى بلدة شتورة حيث اجريت لهما عمليات جراحية وان quot;وضعهما مستقر الآنquot;.

ومساء، افاد مصدر طبي وكالة فرانس برس ان خمسة سوريين من مدينة القصير الحدودية، طفل في التاسعة وفتاة في السادسة عشرة وسيدتان ورجل، اصيبوا برصاص الجيش السوري جرى نقلهم الى لبنان.

واوضح المصدر ان الجرحى الخمسة نقلوا عبر الحدود الى بلدة عرسال، ومنها الى مستشفيات في عكار شمال لبنان.