الأسد والمالكي في لقاء سابق في دمشق

فيما لم تنف مصادر في حزبي الدعوة الإسلامية والبعث العراقيين وجود اتصالات عير مباشرة بينهما بدفع من الحكومة السورية على ضوء تقاربها الأخير مع الحكومة العراقية، فإنها لم تؤكد وجود رسالة وجّهها الأمين العام لحزب البعث العراقي، جناح محمد يونس الأحمد، المقيم في سوريا إلى الدعوة بزعامة رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، تقترح عليه تشكيل حكومة وحدة وطنية منهما.

وأشارتالمصادر إلى أن هذا التقارب يواجه معارضة شديدة من قبل إيران ذات التاثير القوي على سياسات البلدين، ورفضها لأي وجود لنشاط البعث في العراق.

وفور إطلاع quot;إيلافquot; على نص الرسالة، التي حملت توقيع quot;سرايا البعثquot;، وأشارت إلى أنها موجّهة من الأحمد الى المالكي، فقد اجرت اتصالات مع مصادر عراقية تنتمي الى الحزبين استمرت طيلة اليومين الماضيين، تم التوصل بنتيجتها إلى أن هناك وساطات غير مباشرة وفي مراحلها الأولى لتحقيق تقارب بين العدوين اللدودين.

وقد سبق لرئيس النظام العراقي صدام حسين أن أصدر قرارا في مطلع ثمانينات القرن الماضي بتنفيذ حكم الإعدام ب كل شخص يثبت انتماؤه الى حزب الدعوة او يدعم نشاطاته.. وبدوره يهاجم هذا البعث ويحمّله مآسي العراق خلال ثلاثة عقود مضت، ويحمّله كل ما يتعرض له العراقيون حاليا من عمليات قتل وتفجير.

من جهته، أشار مصدر في حزب الدعوة إلى أنه علم بالرسالة، وان قيادة الحزب اطلعت على نص لها عبر شبكة الانترنيت، لكنها لم تتسلم نصها بر خطاب مكتوب.

وأضاف أن الرسالة تتضمن شروطًا وصفها بالتعجيزية، مثل إلغاء الدستور العراقي الحالي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وهما امران ليس من صلاحيات المالكي قبولهما أو رفضهما.

لكن المصدر أقرّ بوجود اتصالات ورسائل شفوية متبادلة غير مباشرة بين الطرفين عبر وسطاء، موضحة أنها في بداياتها، ولم تثمر عن اي تحرك أو اتصال مباشر لحد الآن.

من جهته لم يستبعد مصدر في حزب البعث وجود مثل هذه الرسالة، منوهًا في هذا المجال إلى ان تحسن علاقات الحكومة العراقية وموقفها الداعم لنظيرتها السورية في مواجهة الانتفاضة الشعبية التي تشهدها البلاد منذ تسعة أشهر، دفعت بهذه الأخيرة إلى ممارسة ضغوط على الأحمد المقيم في دمشق، والذي يتزعم جناحًا في حزب البعث مناوئًا للجناح الآخر الذي يتزعمه نائب رئيس النظام السابق والمتواري عن الأنظار منذ عام 2003 عزة الدوري.

واوضح المصدر أن هذه الضغوط تدفع باتجاه تقارب مع حكومة المالكي مقابل استمرار دعمها لدمشق وتشكيلها بوابة تمر عبرها كل خروقات العقوبات المفروضة على نظام الرئيس السوري بشار الاسد سياسيا واقتصاديا.

وأشار إلى أنه يجد أن أمر التقارب مع كل ذلك مستبعد، خاصة انه سمع من قياديين في جناح الاحمد بأنهم لايمكن ان يتقاربوا مع المالكي، وهو الذي وقع على قرار إعدام الرئيس السابق صدام حسين في أواخر عام 2006. لكنه يرى ان هناك اطرافا نافذة من ضمن القرار السوري، وصفها بالمستفيدة من التقارب العراقي السوري، هي التي تدفع باتجاه هذا الأمر، رغم معارضة اطراف اخرى ضمن الترويكة السورية الحاكمة.

ثم انتقلت quot;إيلافquot; بهذه المعلومات إلى مسؤول في قيادة حزب البعث العراقي المؤيد لسوريا quot;قيادة قطر العراقquot; في الحزب، فسألته عن الامر فأجاب بأنه لايستبعد وجود مثل هذا التوجه نحو تقارب بين حزبي الدعوة والبعث، لكنه اشار الى ان هذا الامر لن يصل في النهاية الى اي نتيجة بسبب الرفض الايراني الشديد لأي نشاط تحت مسمى البعث في العراق.

ونوه في هذا الإطار إلى ان مسؤول قيادة الحزب محمد رشاد الشيخ راضي كان قد زار بغداد عام 2009، واجتمع مع المسؤولين الكبار فيها ووقع اتفاقا بعودة نشاط الحزب الذي يصنف بأنه غير صدامي (نسبة الى صدام حسين) للعمل في العراق، لكن اي خطوات لتنفيذ ذلك الاتفاق لم تخطوحتى الآن بسبب ضغوط ايرانية، برغم ان الحزب عمل مع فصائل المعارضة العراقية السابقة التي تحكم العراق حاليا، وناضلت ضد نظام صدام حسين.

الرسالة المنسوبة الى حزب البعث العراقي جناح يونس الأحمد

وقد جاء في نص الرسالة التي وصلت نسخة منها الى quot;ايلافquot; على انها من حزب البعث العراقي جناح الاحمد موجّهة الى حزب الدعوة الاسلامية بزعامة المالكي لتشكيل quot;حكومة وحدة وطنية مؤقتة برئاسته على اعتبار أن العراق quot;لن يستقر إلا إذا اتفق البعث والدعوة وتناسيا الماضيquot;، وذلك في مبادرة جاءت quot;تثميناquot; لمواقف رئيس الوزراء العراقي القومية مع quot;تاج القومية العربيةquot; سوريا.. هكذا قالت الرسالة.وشريطة إلغاء الدستور الحالي وإصدار عفو عام.

وقالت الرسالة quot;تلقينا ببالغ الأسى ممزوجاً بالمرارة أنباء التفجيرات الإجرامية التي طالت عاصمتنا الحبيبة بغداد منذ صباح الخميس (الماضي) ومازالت مستمرة الى الآن، وراح ضحيتها المئات من أبناء شعبنا الصابر بين شهيد وجريحquot;.

واضافت quot;اننا إذ ندين هذه الأعمال الإرهابية، ونتوجه إلى المالكي، ومن خلاله إلى حزب الدعوة العراقي أكبر الأحزاب المشاركة في العملية السياسية، بتاريخه العريق، بنداء عراقي خالص بعيداً عن التخوين والتآمر وتثميناً للمواقف القومية التي اتخذتها الحكومة العراقية بشخص المالكي مع الشقيقة سوريا تاج القومية العربية وبلد الممانعة العربية الوحيدة، إذ تتكالب عليها قوى الشر الاستعمارية لإيقاف قرارها العربي المستقل، وتخليها عن المقاومات العربية المناهضة لكل الاحتلالات، ومنها المقاومة الفلسطينية بكل فصائلهاquot;.

واوضحت الرسالة quot;لهذا نطالب المالكي بمراجعة حاضره وحزبه، ونحن نراجع أخطاء حزبنا، واختيار قيادة جديدة بعد الأخطاء الجسام التي وقع فيها أشخاص باسم البعث، وها هو حزب الدعوة والأحزاب الأخرى تسير في الأخطاء نفسها المكلمة لأخطاء الماضيquot;. وقالت quot;نحن على يقين بأن العراق لن يستقر إلا إذا اتفق البعث والدعوة وتناسيا الماضي وتطلعا إلى عراق ديموقراطي حر مستقل آمن ينعم شعبه بالرفاهية باستثمار خيراتهquot;.

واشار الحزب في رسالته قائلا quot;وبناء على ما سبق فإننا نطالب بتشكيل حكومة وطنية، تدير البلاد لفترة زمنية لا تتجاوز السنتين برئاسة المالكي من الكفاءات وضباط جيشنا الوطني الحالي والسابق، وخلال هذه الفترة يصدر عفو عام عن السابقين واللاحقين ممن أخطأوا بحق العراق، ويستثنى من هذا العفو كل من ساهم وموّل إراقة الدم العراقيquot;.

وقال في الخنام quot;أملنا أن يأخذ الأخ المالكي بهذا المقترح لننطلق بالعراق إلى الأمام ونتخلص، نحن كذلك، من الصنمية ومن الأشخاص الذين أصبحوا وبالاً على حزبنا وشعبنا ومستقبل بلدناquot;، في اشارة الى خلاف تيار الاحمد مع تيار البعث الاخر بقيادة عزة الدوري.

لا وجود لاتفاق بتسليم سوريا لعزة الدوري الى العراق

بالترافق مع ذلك، وردًا على تقارير صحافية خليجية اشارت الى ان السلطات السورية وتماشيا مع تقاربها الحاصل مع الحكومة العراقية فإنها ستسلمها نائب الرئيس السابق عزة الدوري، فقد استبعد مصدر مقرب من القيادة السورية هذا الإجراء لسببن، الأول أن مثل هذا الأمر سيسيء إليها، وثانيا ان الدوري ليس موجودا في سوريا.

بدورها نفت الحكومة العراقية إبلاغها رسمياً من نظيرتها السورية نيتها تسليم الدوري.. وأكد المتحدث الرسمي باسمها علي الدباغ أمس أنه لايملك مثل هذه المعلومات، ولم تبلغ بغداد رسمياً من قبل دمشق بهذا الأمر.

والدوري الموضوع على القائمة الاميركية لأركان النظام العراقي السابق الخمسة والخمسين المطلوبين للقوات العراقية والاميركية بعد حرب العراق في آذار (مارس) عام 2003 قد تم تخصيص مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد في إلقاء القبض عليه.

وكانت مصادر صحافية خليجية اشارتأخيرا الى أن سوريا تعتزم تسليم الدوري إلى الحكومة العراقية، في إطار تفاهمات ينوي الأسد من خلالها مقايضة العراق مقابل الوقوف الى جانبه.