بيروت: يجول المراقبون العرب منذ ثلاثة ايام في مدن سورية تشهد اضطرابات واعمال عنف بحراسة لصيقة من الاجهزة الامنية الرسمية، يطاردهم جيش من الناشطين المعارضين بكاميرات هواتفهم المحمولة و...بالمطالب، فيما عيون العالم مسمرة عليهم: المهمة المحددة بشهر قابل للتجديد تبدو شاقة ومحفوفة بالمخاطر.
ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة باري-سود في فرنسا خطار ابو دياب لوكالة فرانس برس quot;الظروف التي يعمل فيها المراقبون العرب صعبة للغاية. انهم بين مطرقة ضغوط السلطات السورية وسندان الطلبات الملحة من الناشطين. ليست هذه ظروف مثالية للعملquot;.
ورغم ان المبادرة العربية للحل التي ارسل المراقبون بموجبها الى سوريا لمراقبة وقف اعمال العنف تنص ايضا على السماح بدخول وسائل الاعلام الاجنبية الى البلاد، فان اللقطات الوحيدة المصورة عن الاحداث السورية لا تزال تلك المنشورة على المواقع الكترونية والتي يلتقطها ناشطون او مواطنون عاديون غالبا بكاميرات هواتفهم المحمولة.
على اشرطة الفيديو المصورة خلسة والتي لا يمكن التأكد تماما من صدقيتها، ظهر عدد من المراقبين وبينهم رئيس البعثة محمد احمد مصطفى الدابي، في مواقف لا يحسدون عليها.
في احدى هذه اللقطات، تحث مجموعة من الشبان رجلين يرتديان السترة البرتقالية الخاصة بالمراقبين على دخول مسجد في مدينة حمص، بحسب ما يقول التعليق على الشريط، لرؤية quot;طفل شهيد في الخامسة من عمرهquot;. ويبدو الطفل ممددا على سجادة مع آثار دماء على جسمه. ويلتقط احد المراقبين الصور بصمت، بينما يتلو الآخر الفاتحة.
وفي شريط آخر، تروي ام مقتل ابنها البالغ من العمر 23 عاما كما تقول، لرئيس اللجنة الذي يصغي باهتمام، وتقول quot;رشوه بالدبابةquot; وquot;لم يكن مسلحاquot;. وتشكو اخرى قصة احتجاز ابنها منذ عيد الاضحى. الى جانب الدابي، وقف مراقبان احدهما يدون باهتمام ما يقال، وسط صراخ وتدافع وهتافات quot;الله اكبرquot; وquot;لا اله الا الله والاسد عدو اللهquot;.
وفي لقطة صورت في حمص خلال زيارة لجنة المراقبين العرب، بحسب التعليق المسجل على الشريط، يسمع صوت اطلاق نار كثيف يقول التعليق ان مصدره quot;الجيش وكتائب بشارquot;. ويسمع هرج ومرج وصراخ، وهتافات quot;خائن خائن خائن، الجيش السوري خائنquot;.
كما تم بث لقطة قصيرة ومصورة عن بعد لرجال بالسترات البرتقالية الى جانب آلية مدرعة، قال صوت مسجل انها التقطت في حي بابا عمرو في حمص.
وتنص المبادرة العربية على سحب الآليات العسكرية من الشوارع واطلاق المعتقلين على خلفية الاحداث المستمرة منذ منتصف آذار/مارس والتي تسببت بسقوط اكثر من خمسة الاف قتيل بحسب الامم المتحدة.
وسبق وصول المراقبين الى مدينة حمص، احد معاقل الانتفاضة السورية، الاربعاء سحب عدد من الدبابات من الاحياء. كما ترافقت مهمة البعثة مع افراج السلطات عن 755 معتقلا شاركوا في اعمال عنف ضد النظام وquot;لم تتلطخ أيديهم بدماء السوريينquot;، بحسب ما ذكر التلفزيون السوري.
غير ان مهمة المراقبين، وان كانت شجعت المتظاهرين على الخروج بعشرات الالاف في كل مكان زارته البعثة، لا سيما في حمص الاربعاء وفي ادلب ودوما الخميس، لم تطمئن المطالبين باسقاط نظام الرئيس بشار الاسد لا الى حسن نوايا النظام ولا الى اقتراب الحل الموعود، خصوصا انها ترافقت مع سقوط المزيد من الضحايا.
فقد افاد ناشطون حقوقيون عن مقتل 25 مدنيا الخميس برصاص قوات الامن السورية في دوما القريبة من دمشق، وحماة (وسط) وغيرهما من المدن. وقتل 14 مدنيا الاربعاء بنيران قوات الامن، على ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
ورفض سكان حي بابا عمرو المحاصر في حمص الاربعاء دخول المراقبين بسبب مرافقة ضابط كبير في الجيش السوري لهم، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان الذي تخوف من تحول المراقبين الى quot;شهود زورquot;.
كما شككت جهات اخرى بقدرة البعثة على القيام بالمهمة المطلوبة منها.
ففي باريس، اعلنت وزارة الخارجية الاربعاء ان المراقبين العرب لم يمكثوا الا فترة قصيرة في حمص للتمكن quot;من التحقق من الوضعquot; على الارض ولم يحولوا دون مواصلة حملة القمع في المدينة.
واتهمت منظمة quot;هيومن رايتس ووتشquot; المدافعة عن حقوق الانسان النظام السوري بنقل عدد كبير من المعتقلين الى مواقع لم يدخلها المراقبون.
ودعت موسكو سوريا الى منح مراقبي الجامعة العربية اقصى درجة من الحرية، بينما حثت واشنطن السلطات على تمكين المراقبين من الوصول الى كل المناطق.
ويقول خطار ابو دياب ان المراقبين يعانون من quot;نقص في الوسائل اللوجستية التي يعتمدون فيها على السلطات السورية، من وسائل التنقل الى الحماية الامنية الى وسائل الاتصال، وهم محاطون بالاجهزة الامنية السورية (...) وقلقون على امنهمquot;.
وكانت السلطات السورية اكدت بعد توقيعها بروتوكول المراقبين ان مهمة هؤلاء ستنتهي بتبيان حقيقة ان العنف في سوريا هو من عمل quot;عصابات مسلحةquot;.
ويقول ابو دياب ان مهمة المراقبين quot;هي الاولى من نوعها بالنسبة الى الجامعة العربية، ولا بد من اعتماد الواقعية في الحكم على المهمة. تغيرت الجامعة مع التغيرات الحاصلة في العالم العربي، ويجب ان نحكم على افعال المراقبين وعلى موضوعية تقاريرهمquot;.
ويضيف quot;في بلد كبير مثل سوريا، تنفيذ المهمة يحتاج الى مئات المراقبين القادرين على الانتشار في كل مكان والتحرك بسهولة، لكن لا امكانات لذلكquot;.
ويخلص quot;من دون دعم لوجستي من الامم المتحدة، ستبقى مهمة هذه البعثة قصيرة الامد، وستشكل اختبارا نرجو ان ينتهي بقول الحقيقة، وهذا هو المهمquot;.
التعليقات