آصف علي زرداري |
منذ تسلم آصف زرداري رئاسة باكستان وشعبية حكومته تتناقص في وجه الضيق الاقتصادي والإرهاب، بحيث صار انقلاب عسكري محتمل أشبه بالبديل الطبيعي. ويُقال الآن إنه ربما عجّل برحيله بعد تسرب مذكرة مجهولة المصدر تطلب العون الأميركي في وجه الجنرالات.
لندن:تنظر محكمة باكستان العليا في قضية سياسية غير مألوفة تدور حول مذكرة بدون توقيع تطلب الى الولايات المتحدة المساعدة في منع المؤسسة العسكرية النافذة أبدا من الاستيلاء على الحكم. وأتت هذه المذكرة في أعقاب مقتل زعيم laquo;القاعدةraquo; أسامة بن لادن في أبوت أباد بشمال شرق إسلام أباد في الثاني من مايو / ايار الماضي.
وقالت تكهنات راجت بشدة إن جهة مقربة من الرئيس آصف علي زرداري هي التي تقف وراء هذه المذكرة، أي أنها كتبت بمباركته، إن لم تكن بيده شخصيا. ثم نقلت صحيفة laquo;فاينانشيال تايمزraquo; عن رجل أعمال باكستاني يدعى منصور إيجاز قوله إن حسين حقاني، سفير بلاده لدى واشنطن، هو الذي اختطها، وإنه يملك الدليل في شكل محادثات هاتفية بينهما... وهذا أمر أيدته المحكمة العليا. ونفى هذا الأخير التهمة جملة وتفصيلا وقدم استقالته احتجاجا. لكن هذا بحد ذاته صب مزيدا من الزيت على النار ورفع درجة التوتر في علاقات الحكومة والجيش المتوترة أصلا.
ويكاد المراقبون يجمعون على أن ما صار يعرف باسم memogate (laquo;ميموغيتraquo; أو laquo;فضيحة المذكرةraquo;) يضيف المزيد من الضغوط على حكومة زرداري الضعيفة ويعزز بالتالي ساعد القوات المسلحة. ويذكر أن هذه الأخيرة تولت حكم باكستان على مدى أكثر من نصف الأعوام الأربعة والستين منذ تقسيم الهند واستقلال البلاد في 1947.
أما المفارقة الكبيرة في المذكرة نفسها فهي أن واشنطن ظلت تجد نفسها بحاجة حقيقية الى العسكر... على الأقل من أجل مواجهة من تصنّفهم laquo;إرهابيينraquo; سواء في أفغانستان المجاورة أو في مناطق الجبال القبلية المتاخمة لها داخل باكستان نفسها.
والسؤال الذي يدور الآن، ويتعين على المحكمة العليا التوصل الى إجابة له، يتعلق رئيسيا بما إن كانت لزرداري نفسه علاقة بالمذكرة. وفي حال ثبت وجود هذا الرابط فإن الخطوة المنطقية التالية هي نهاية عهده في الرئاسة، وعودته الى المعارضة في laquo;حزب الشعب الباكستانيraquo; الذي يتزعمه بالاشتراك مع ابنه بيلاوال.
ومن جهتها نقلت laquo;غارديانraquo; البريطانية عن المحامية أسماء جهانجير قولها إثر إدانة موكلها السفير حسين حقاني: laquo;اعتقد أن هذا هو اليوم الأشد ظلاما بالنسبة للقضاء الباكستاني. فقد أصدرت حكما يضع الأمن القومي فوق الحقوق الإنسانية الأساسيةraquo;.
ويذكر أن الحكومة الباكستانية ظلت تعاني من شعبية متنافصة على الدوام منذ تسلم زرداري مقاليد الحكم العام 2008 عقب اغتيال زوجته بنازير في ديسمبر / كانون الأول 2007. فقد ضربت البلاد سلسلة تبدو لامتناهية من المشاكل الاقتصادية بانت مظاهرها في قطع التيار الكهربائي بشكل شبه مستمر، على سبيل المثال، وتزايدت الهجمات الانتحارية بشكل مخيف وسط غياب أمني ملحوظ.
وفي ظل هذا الوضع العسير على المواطنين انتشرت الشائعات بقرب انقلاب عسكري. وسارع الجيش، على غرار الحكومة نفسها، الى محاولة إطفائها، لكن التوتر في وجه المجهول صار هو ديدن الحياة. ويقول المراقبون الآن إنه حتى في حال امتنع العسكر عن الاستيلاء على السلطة ففي يدهم أساليب سياسية عديدة أخرى للتخلص من زرداري وزمرته.
السفير المستقيل حسين حقاني |
وقالت جماعات حقوق الإنسان إن من حق المواطن الباكستاني أن تسير العدالة في مجراها الطبيعي. وأضافت أن laquo;ميموغيت تأتي بمثابة الاختبار - المحك لسائر الأطراف المعنية، ولكن خصوصا بالنسبة للقضاء والجيش. ذلك أن الأحداث المقبلة هي التي ستظهر ما إن كان حكم القانون هو الذي يسود في البلاد أم قانون الغابraquo;.
ورغم أن منصب الرئاسة شرفي الى حد كبير، فإن زرداري يتمتع شخصيا بنفوذ هائل عبر زعامته laquo;حزب الشعب الباكستانيraquo; الحاكم. ويقول المراقبون إن إطاحته - سواء بانقلاب عسكري أو بغيره - سيكون بمثابة امتهان عميق للقيادة المدنية وسترمي بالبلاد في غياهب المزيد من الفوضى.
التعليقات