يرى محلّلون تحدثوا إلى quot;إيلافquot; من واشنطن أنّ الحذر الذي يميّز مواقف الولايات المتحدة تجاه الأزمة في مصر والمطالبة بانتقال سلس ومنظّم للسّلطة، عائد إلى كون القاهرة تشكل حجر الزاوية في السياسيات الأميركية في المنطقة، ويجمع المراقبون على تغيّر الأوضاع اليوم بغضّ النظر عن نتائج الثورة.
لمتابعة أخبار ثورة مصر: أنقر على الصورة |
واشنطن: على الرغم من مرور عشرة أيام على quot; ثورة اللوتسquot; المصرية، فإنّ نهايتها لم تعرف حتى اللحظة وما ستؤول إليه من نتائج. فالمتظاهرون لا يملّون من الخروج إلى الشوارع مطالبين بالرحيل الفوري للنظام، على الرغم من كل المطالبات الحثيثة التي وجهها المجتمع الدولي بالإسراع لانتقال منظم للسلطة في مصر وارجاء التغييرات التي تسهم في نشر الديمقراطية. وذلك حقنا للدماء وعودة السلم إلى المجتمع وتجنبًا للخسائر التي قد تحدث للاقتصاد في ظل تلك المتغييرات.
وكانت الإدارة الأميركية في اليومين الماضين قد ضاعفت من ضغوطها على الرئيس المصري للتنحي مع تنامي الثورة الشعبية في مصر ولكن من دون طلب تنحية مباشرة.
كما أن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية اعتبرت أن الرئيس المصري حسني مبارك لم يقم بخطوات كافية من أجل أرساء الديمقراطية في البلاد مبدية تأييدها لإنتقال منظم وسلس في السلطة، مما فتح باب التساؤلات حول التغييرات التي طرأت على الموقف الأميركي إزاء ما يحدث وإن كان ذلك مؤشرًا لتخلّي الإدارة الأميركية عن أحد حلفائها في المنطقة العربية.
الدكتور أدموند غريب المحلل السياسي والأكاديمي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جورج تاون الأميركية يرى أن مصالح الإدارة الأميركية في مصر تملي عليها تبني سياسات معينة، فهي من جهة مطالبة بدعم القوى التي تطالب بالتغيير خصوصًا أن هذه الإدارة تحدثت كثيرًا عن الشفافية والإصلاح.
ولكنها من جهة أخرى تجد أن مصر تعد حليفًا مهمًّا للولايات المتحدة في المنطقة العربية، كما أنها تشكل حجر الزاوية في السياسة الأميركية الإقليمية. وهناك الكثير من القضايا والمصالح المشتركة منها معاهدة السلام وأمن اسرائيل ومكافحة الإرهاب والعلاقات الإستخباراتية والعسكرية، لذلك فإنها تنظر بحرص إلى ما قد تؤول إليه الأمور في مصر لأن سقوط النظام قد يعني بروز تحديات وأزمات حقيقية للسياسة والأهداف الأميركية في مصر، وقد تمتد إلى المنطقة العربية. لذلك هي تنظر بحذر وتطالب بانتقال سلس ومنظم.
أما في ما يخص المعونة الأميركية المقدمة لمصر، فيستبعد بأن تتأثر المعونة بسبب العلاقة مع مصر المربوطة بمعاهدة السلام ما لم تحدث تغييرات جذرية في التعاملات والمصالح ما بين أميركا ومصر.
ويرى غريب أنه لا يمكن الجزم بما قد يؤول له الوضع من بقاء الرئيس في السلطة أو تنحيه، ولكن مما لاشك فيه أن الوضع تغير الآن ومرحلة الرئيس مبارك قد ولت حتى لو بقي في السلطة، على حد تعبيره.
صحيفة الواشنطن بوست اعتبرت أن بقاء مبارك في الحكم حتى نهاية ولايته يعني استمرار الفوضى والإحتجاجات المطالبة برحيله الذي قد يصل لأيام أخرى أو حتى شهور.
وتشعر الإدارة الأميركية بالارتياح لموقف الجيش المصري الذي يتمسك بالحياد في تعامله مع المتظاهرين ما بين quot;مؤيدين ومعارضينquot; من المجموعتين بعيدين عن بعضهما متأمّلاً أن يستمر ذلك لكي يتمكن من أن يكون ضامنًا للحكومة الموقتة.
ويرى كثير من المراقبين والحقوقيين أن من حق المتظاهرين في مصر وفي أي مكان في العالم الخروج في مظاهرات سلمية للتعبير عن رأيهم ومن حق الناس تقبل ما يريده الشعب.
ويقول السيد عماد حمد وهو عضو في منظمة مكافحة التمييز العنصري للعرب الأميركيين إنه من حق الشعب المصري الخروج في مظاهرات سلمية للمطالبة بما يريد وإذا كان بقاء مبارك في السلطة أو رحيله هو ما يريده الشعب فليكن وعلى الشعوب الأخرى احترام ذلك، فنحن مع احترام إرادة الشعوب، كما ويصف ما قامت به الحكومة المصرية في التعامل مع المتظاهرين من قطع وسائل الإتصال عن طريق الموبايلات والإنترنت بأنه quot;إجراء تعسّفي وهي وسيلة لتكميم الأفواه تزيد من نقمة الشارع المصري على الحكومةquot;.
ولا يتوقع السيد شريف بسيوني مدير الجمعية المصرية الأميركية أن يحصل تغيير جذريّ في الحكومة في الوقت القريب وأن مبارك الذي يتحلى بشخصية قوية سيصمد في الحكم إلى مدة ربما تصل إلى أشهر على أن يتم تسليم مقاليد الحكم بعده إلى عمر سليمان الرجل الثاني في الدولة والذي لا يقبل به كثير من المصريين المطالبين بتغيير النظام نفسه.
للوقوف عند آخر المستجدّات، اتصلت quot;إيلافquot; بالسفارة والقنصلية المصريّة في واشنطن، التي فضلت عدم الرد على الأسئلة، واتهمت quot;إيلافquot; بنشر الأخبار غير الصحيحة والاستنتاجات التي تستبق الأحداث. وعلى الرغم من التصويب والتوضيح الذي قدمته مراسلة ايلاف بإبلاغ السفارة بـأنّ إيلاف تقف على مسافة واحدة من جميع الاطراف، وليست مؤيدة لطرف ضد آخر في أي نزاع، إنّما تبتغي نقل الآراء المختلفة لمحللين ومواطنين مصريّين، إلا أنّهم فضلوا عدم الرد على الاسئلة.
وفي الولايات المتحدة يعيش الكثير من معارضي النظام المصريّ ومن المطالبين برحيل مبارك من الحكم وقد نظمت الكثير من المظاهرات أمام البيت الأبيض وشارك فيها الآلاف من المصريين المندّدين بالسياسة المصرية.
الإعلامية السابقة إيمان عايش تقول:quot; منذ سنتان ونحن نطالب بتغيير النظام ونقيم المظاهرات أمام البيت الأبيض وذهبنا إلى الكونغرس وأرسلنا خطابات وإيميلات تطالب بتغيير النظام في مصر. أما الآن فنحن نطالب الحكومة الأميركية بالتدخل لتنحية النظام عن الحكم ومحاكمتهم، وتغيير الدستور لكي تكون مدة الحكم ثلاث سنوات ومن ثم تنتهي ولايته. وأن يتم تقييم الحاكم الذي سيحكم البلاد. أيضًا نطالب بالديمقراطيةquot;.
أما منال فريد فلها رأي مختلف فعلى الرغم من اعتراضها على نظام الحكم في مصر، إلا أنها ترى أنه من واجب المصريين التروي الأن والتفكر بحكمة وإعطاء مبارك الفرصة للإصلاح والتغيير ما دام أنه سيرحل عن الحكم خلال الست شهور القادمة. وأن خروجه من الحكم بما يليق به كرئيس دولة. كما ترى أن الحملة التي أقامها المتظاهرون في مصر والذي يدعمها المعارضون في الخارج قد حققت أهدافها حيث أن الرئيس مبارك لن ينتخب نفسه. وفرصة التوريث إنتهت. لذلك فهي تناشد المتظاهرين التروّي والتفكير بمصلحة البلاد لتفويت الفرصة على المتربّصين، على حدّ تعيرها.
العقيد المتقاعد عمر عفيفي في مصر والمعارض المصري في أميركا وهو أحد منظمي المظاهرات السلمية التي تجري حاليًّا في مصر من خلال النت وصاحب كتاب quot;علشان ما تضربش على قفاكquot; يقول :quot; لا بديل عن تنازل مبارك عن الحكم ولا بديل عن تغيير النظام ومحاكمته على ما فعله مع المتظاهرين الذين خرجوا بطريقة سلمية، ويجب محاكمة المقصّرين من رجال الشرطة على ما فعلوه بالشعب المصري، مطالبًا في الوقت ذاته بتعديل كبير في مواد الدستور ويرى أن أهم ما أنجزته ثورة اللوتس المصرية هو كسر حاجز الخوف. والخروج من النفق المظلم الذي دام لسنوات طوال،على حد تعبيره.
ويعتبر عفيفي أن quot;ما قام به رجال الأمن من ترك الناس وحيدين في الشارع مع إطلاق الحرامية واللصوص هو عمل دنيءquot; واعتبر أنهم يرسلون رسالة للناس مفادها إما نحن أو لا يوجد أمان، في محاولة منهم لترويع المواطنينquot;. ويرفض عفيفي فكرة الحوار، فلا حوار مع من يطلق الرّصاص على أبناء بلاده.
ويؤكد المحلّل الإقتصادي مختار كامل ومسؤول الإتصال في منظمة تحالف المصريين بأن ما يحدث في مصر قد تكون له انعكاسات على الاقتصاد العالمي. فأسعار البترول آخذة في الإرتفاع الآن. كما أن البورصة الأميركية سقطت إلى ما يقارب 120 نقطة في بداية الأحداث. والسبب أن عدم الإستقرار السياسي سيؤدي إلى اختلال في رؤوس الأموال مما يعني نقلها من بلاد إلى بلاد أخرى. فالحركة الضخمة لرؤوس الأموال تؤدي إلى خلخلة النظام المالي عبر العالم, بسبب هجرة رؤوس الأموال. وأيضًا من الممكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النقل والتأمين مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، خصوصًا في حال إغلاق قناة السويس فإنّ ذلك سوف ينعكس سلبًا على العالم وسيؤدي ذلك بدوره إلى ارتفاع الأسعار في كل مكان بسبب ارتفاع تكاليف النقل.
التعليقات