يترنح نظام الزعيم الليبي معمر القذافي أمام المد الثوري الذي يجتاح المنطقة مهدداً بإنهاء 41 عاماً من حكمه، ومعه يهتزّ عالم النفط، حيث سجلت أسعار النفط زيادات حادة في لندن ونيويورك مع توالي الأنباء عن مقتل نحو 300 شخص في المواجهات بين المحتجين والقوات الموالية للقذافي. في حين سارعت شركات النفط إلى إجلاء موظفيها من البلاد.
بدا نظام الزعيم الليبي معمر القذافي يترنح يوم الإثنين أمام المد الثوري الذي يجتاح المنطقة مهدداً بإنهاء 41 عاماً من حكمه، وهزّ عالم النفط معه. فقد سجلت أسعار النفط زيادات حادة في لندن ونيويورك مع توالي الأنباء عن مقتل نحو 300 شخص في المواجهات بين المحتجين والقوات الموالية للزعيم الليبي. في غضون ذلك سارعت شركات النفط إلى إجلاء موظفيها من الفوضى المتصاعدة.
وكانت شائعات سرت بأن النظام الليبي أخذ يتصدع بأشكال متعددة، قد تكون قاتلة. فسفراء ليبيا في اندونيسيا وبولندا وبنغلاديش ودبلوماسيين أدنى مستوى في السويد أعلنوا إستقالتهم إحتجاجا على البطش الدموي بالمحتجين، كما أفادت تقارير. وأمر القذافي طائراته بقصف منشآت عسكرية للحيلولة دون وقوع ترساناتها بأيدي الجماعات المناوئة، بحسب بي بي سي.
وأسهم وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في زيادة البلبلة بتصريحه للصحافيين ان القذافي في طريقه إلى فنزويلا التي نفت ذلك. ثم بث التلفزيون الحكومي الليبي تسجيلاً قصيراً يظهر فيه القذافي مبللاً يطوي مظلة قبل أن يركب سيارته ليعلن أنه لا يزال في طرابلس.
النفط.. المهدد الأول
يتسم النفط بأهمية حاسمة لبقاء ليبيا اقتصادياً، فهو يشكل اكثر من 90 في المئة من عائدات الخزينة. لكن الانتفاضات التي اجتاحت المنطقة منذ أواخر العام الماضي لم تؤثر تأثيراً يُذكر على إمدادات النفط والغاز. فتونس لا تملك ثروة نفطية وأهمية مصر أكبر من نفطها بسبب قناة السويس التي تمر صادرات النفط عبرها إلى الأسواق الغربية. ومنذ رفعت الولايات المتحدة العقوبات التي كانت مفروضة على ليبيا في عام 2005 توجهت إلى ليبيا أكثر من 100 شركة في لهفة لاستثمار آخر الحقول النفطية غير المكتشفة في العالم. وأعلنت شركة بي بي يوم الإثنين تعليق مشاريعها للبدء بعمليات الحفر في المناطق البحرية قبالة الساحل الليبي للتنقيب عن الغاز في إطار عقد بقيمة 900 مليون دولار وقع عام 2007.
في غضون ذلك ارتفع نفط برنت في لندن الى نحو 105 دولارات للبرميل، وهو أعلى سعر منذ بدء الأزمة الاقتصادية العالمية في أيلول - سبتمبر 2008. وتبعد حقول ليبيا النفطية مئات الكيلومترات عن الاضطرابات الجارية ولكن احتمالات حدوث قلاقل ليست مستبعدة حتى في المناطق النفطية النائية عن مراكز المدن.
ليبيا مقطوعة عن العالم
قطعت الحكومة الليبية يوم الاثنين كل الاتصالات الخلوية والأرضية وسط تقارير عن حدوث إطلاق نار في طرابلس حيث بدأ السكان يستعدون لحماية ممتلكاتهم من النهب. ونقلت مجلة تايم عن أحد سكان العاصمة ان ميليشيا من أنصار النظام فتحت نيران أسلحة خفيفة على محتجين ردوا برمي الحجارة. وقال هذا الشخص انه شاهد في وقت سابق إشعال النار في مبان حكومية في طرابلس، في مظهر غير مسبوق من مظاهر الغضب الشعبي.
ورغم انقطاع الاتصالات واصلت بعض الجماعات المعارضة في الخارج بث تقارير من ليبيين في الداخل. وفي هذا السياق وردت يوم الإثنين معلومات تقول أن الوضع في بنغازي quot;هادئ ومستقرquot; بعد سيطرة الأهالي على المدينة، بحسب منظمة quot;خلصquot; الليبية ـ الأميركية التي تضم ناشطين من أبناء سياسيين ليبيين معارضين في الخارج.
وفي الساعة 3 و45 دقيقة بعد ظهر الاثنين تحدث سكان من طرابلس عن مشاهدة خمس مروحيات عسكرية وطائرتين مقاتلتين تحلق بإتجاه الأطراف الغربية للمدينة حيث يوجد مجمع العقيد القذافي. وأذكت هذه الأنباء تكهنات بأن الزعيم الليبي على وشك الفرار. وبعد نحو ساعتين قالت محطة بي بي سي ان طائرتين مقاتلتين ومروحيتين هبطت في مطار مالطا. وفي المساء قال مسؤولون مالطيون ان الطائرات كانت تحمل مواطنين فرنسيين وان الطيارين الليبيين طلبوا اللجوء السياسي في إتصال ببرج المراقبة قبل الهبوط.
ويبدو ان القذافي فوجئ بالانتفاضة في مؤشر الى جمود الحياة السياسية طيلة العقود الماضية من حكمه، رغم الحقيقة الماثلة في ان انفجار الوضع في ليبيا يحمل كل بدايات الثورة التونسية وشقيقتها الكبرى في مصر. ونقلت مجلة تايم عن مستشار اقتصادي غربي تربطه علاقات وثيقة بالأوساط الحكومية في طرابلس ان جميع أصدقائه من المسؤولين الليبيين قالوا له حين زار ليبيا قبل أسبوعين ان ما حدث في تونس ومصر لن يحدث بأي حال من الأحوال في ليبيا. وأضاف هؤلاء المسؤولون quot;ان زعماءنا القبليين سيمنعون الشباب من الخروج عن النظامquot;. وأعرب المستشار الغربي عن إعتقاده بأن القذافي سيفقد زمام السيطرة أو يحتفظ بدور شكلي دون سلطة حقيقية. وقال انه quot;سيكون من الصعب على قبيلة القذافي ان تنقذ الوضعquot;.
إزاء الاحتمالات التي ترجح ان حكم القذافي لن يتمكن من الصمود سارع الأجانب العاملون في شركات النفط الى الرحيل عن ليبيا. ومن الشركات التي بدأت إجلاء موظفيها توتال الفرنسية وريبسول الإسبانية واو ام في النمساوية. ولم يعرف يوم الاثنين ما إذا كان الأميركيون العاملون في شركات مارثاون اويل واكسون موبل وشفرون قد غادروا. ورغم حالة الذعر بدا ان شركات النفط تقلل من تأثير الأحداث على عملياتها. وقال المتحدث باسم شركة توتال في باريس فلوران سيغورا لمجلة تايم quot;ان انتاجنا وعملياتنا لا تتأثر في الوقت الحاضر بالاوضاع في ليبياquot; ولكن الشركة بدأت رغم ذلك عملية اجلاء quot;العائلات وغالبية الموظفينquot;.
التعليقات