الأميرالوليد بن طلال

لندن: أكد الأمير السعودي، الوليد بن طلال، في مقال له اليوم نشر في صحيفة quot;النيويورك تايمزquot; أن الإطاحة بالرئيسين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي في أعقاب التظاهرات الجماهيرية التي وقعت أخيراً في كلا البلدين، وما تلاها من فوضى عامة في الجزائر والبحرين والأردن وليبيا والمغرب واليمن، قد ولّدت مجموعة واسعة من الآراء بشأن الأسباب الجذرية التي وقفت وراء تلك الأحداث المتلاحقة.

وقال إن بعض المحللين يعتبرون تلك التظاهرات نتيجة طبيعية لسياسات الأنظمة الاستبدادية التي أضحت غافلة عن الحاجة إلى إجراء إصلاح سياسي أساسي، وأن آخرين ينظرون إليها على أنها النتاج الحتمي لمشكلات اجتماعية واقتصادية وخيمة، ظلّ يعانيها جزء كبير من العالم العربي على مدار عقود، وبخاصة الشباب.

وأضاف أنه في كلتا الحالتين، ما لم تتبن كثير من الحكومات العربية سياسات مختلفة جذرياً، فإن بلدانهم ستشهد على الأرجح مزيداً من الاضطرابات السياسية والمدنية.

وأوضح أن هناك حقائق لا يمكن إنكارها، أهمها أن غالبية سكان العالم العربي لم يتجاوزوا بعد عامهم الـ 25، وأن معدل البطالة للشباب في معظم الدول يبلغ 20% أو أكثر.

كما ترتفع نسبة البطالة بين السيدات، المهمشات اقتصادياً واجتماعياً. وتتأثر الطبقات الوسطى سلباً بالتضخم، الذي يجعل على ما يبدو من إمكانية العيش بشكل مستقر أملاً بعيد المنال. إضافة إلى اتساع الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون، وعدم تلبية احتياجات الملايين الأساسية من الإسكان والرعاية الصحية والتعليم.

وأشار في السياق عينه أيضاً إلى أن الدول العربية أصبحت مثقلة بالأنظمة السياسية التي عفا عليها الزمن، وأصبحت هشّة. وفي الوقت الذي قد تكون فيه تلك الحالة العربية مثبطة للهمم، فإن إصلاحه إما أنه ليس بالأمر المستحيل أو أن أو أنه لم يفت بعد.

وتابع الأمير بالقول quot;لقد نجحت مجتمعات أخرى كانت تعاني أمراضًا مماثلة في استعادة عافيتها. لكن باستطاعتنا أن ننجح إذا فتحنا أنظمتنا أمام مشاركة سياسية أوسع في النطاق، وأمام المساءلة، وزيادة الشفافية، وتمكين المرأة وكذلك الشباب. كما يجب التعامل بشكل كامل مع القضايا الملحة الخاصة بالفقر والأمية والتعليم والبطالة.

ورأى أن المبادرات التي تم الإعلان عنها للتو في بلده، المملكة العربية السعودية، من جانب الملك عبد الله هي خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها ليست إلا بداية لرحلة طويلة أمام توسيع نطاق المشاركة، ولاسيما من جانب جيل الشباب.

وأوضح بن طلال أن الدرس الذي ينبغي الخروج به مما حدث أخيراً في مصر وتونس، وما أعقب ذلك من فوران في دول أخرى، لم يكن أساسه الحماس المناهض للولايات المتحدة أو الحماس الإسلامي المتطرف، هو أن الحكومات العربية لم يعد يمكنها أن تفترض أن شعوبها ستظل راكدة ومهزومة.

وأنه لا يمكن للمهدئات التي كانت تُستَخدم العام الماضي، التي كانت تهدف إلى التهدئة، أن تكون بدائل بعد ذلك لأي إصلاح ذي مغزى. وشدد في الإطار عينه على أن رياح التغيير تهبّ بقوة في أنحاء المنطقة كافة،وأنه سيكون من الحماقة افتراض أنها ستتبدد قريباً.

واعتبر الوليد بن طلال أن أي إصلاح فعال لابد وأن يكون نتاجًا لتفاعل هادف وحوار بين مكونات المجتمع المختلفة، وخاصة بين الحكام والمحكومين.

وقال إن ذلك لابد أن يشمل أيضاً الجيل الشاب، الذي أضحى في هذا العصر التكنولوجي متشابكاً بصورة متزايدة مع نظرائه في مناطق أخرى من العالم.

وأكد في الختام أن الاستبعاد لن يكون مجدياً بعد ذلك، وأن التغيير السياسي والاجتماعي يكون مضطرباً ومؤلماً وغير متوقع على الدوام.