أصبحت بلدة قره قوش المسيحية الصغيرة في شمال العراق ملجأ وملاذاً آمناً لكثير من الاسر المسيحية التي فرت خلال الاشهر القليلة الماضية من باقي مدن البلاد مثل بغداد والموصل خوفا من اعمال العنف.


قره قوش: توجهت مئات العائلات المسيحية الى بلدة قره قوش في الجانب الشرقي لمدينة الموصل كبرى مدن محافظة نينوى بعد حادثة كاتدرائية سيدة النجاة في 31 تشرين الاول/كتوبر الماضي في بغداد التي تعرضت لهجوم تنظيم القاعدة ادى الى مقتل 44 من المصلين وكاهنين، كلاهما من البلدة نفسها.

وجاءت اغلب العائلات الى هذه البلدة التي يتولى حمايتها قوات اغلبها من المسيحيين، من بغداد والموصل، واخرى من مدينة كركوك الغنية بالنفط التي تقطنها قوميات مختلفة وكذلك من مدينة البصرة باقصى جنوب البلاد، وفقا للمطران جورج كاسموسى.

وقال المطران كاسموسى لطائفة السريان الكاثوليك في قرة قوش متحدثا الى الجنرال ديفيد بركينز قائد القوات الاميركية في شمال العراق لدى زيارته البلدة ان quot;هذه العائلات عانت من الصدمةquot;. واضاف quot;انها صدمة عندما تتعرض للهجوم وانت داخل كنيسةquot;.

وتابع quot;نأتي الى الكنيسة للصلاة، لنجد السلام. اذا كنت لا تستطيع ان تجد هذا السلام في الكنيسة فاين يمكن ان تذهب؟quot;. ووفقا لمنظمة الدولية للهجرة، فان 1354 عائلة مسيحية عراقية تركت منازلها منذ الهجوم على الكنيسة في بغداد، ضمنها 158 توجهت إلى منطقة الحمدانية ذات الغالبية المسيحية حتى 31 كانون الثاني/يناير الماضي.

ويقول الأب سعد حنا راعي كنيسة القديس يوسف الكلدانية في العاصمة العراقية والذي درس الفلسفة واللاهوت للكاهنين اللذين لقيا حتفهما في تشرين الاول/اكتوبر الماضي، quot;تعلمون إن الوضع هنا في بغداد غير مستقر للغايةquot;، مضيفا quot;الكثير من العائلات لديها اقارب او اصدقاء في قرى شمال العراق، لذا عندما اصبح الوضع صعبا قرروا الانتقال الى هناكquot;.

ويتحدر معظم القساوسة السريان الكاثوليك في العراق من قره قوش وهي بلدة تقع على بعد 30 كيلومترا من مدينة الموصل ويبلغ عدد سكانها حوالى 35 الف نسمة، 95 في المئة منهم مسيحيون. وبحسب سكان محليين والشرطة فان القوات العراقية تم تجنيدها من البلدة حيث تعمل عناصر مسلحة على توفير الأمن للكنائس وغيرها من المباني.

ويقول كسموسى مخاطبا بركينز quot;اعرف ان المسلمين تعرضوا كذلك الى العنفquot;، مضيفا quot;لكن ان تعيش اقلية في حالة خوف هو امر اصعب بكثيرquot;. ويقدر عدد المسيحيون في العراق بين 800 الف و1,2 مليون نسمة في السنوات السابقة لغزو العراق عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة الذي أطاح بنظام صدام حسين ولكن هذا الرقم قد انخفض إلى نحو 400 الف الانquot;.

ويتركز تواجد المسيحيين الان في بغداد والموصل والمناطق المحيطة بها، وأجزاء من كردستان. واشار تقرير المنظمة الدولية للهجرة الشهر الماضي الى أنه quot;على الرغم من التدابير الأمنية المتزايدة لا يزال مناخ من انعدام الأمن الشديد منتشرا بين المسيحيين المتبقين في بغداد، وكثيرون منهم لا يزالون عاقدي العزم على الرحيلquot; فيما عبرت العديد من العائلات في قره قوش عن عدم الرغبة في العودة إلى هناك على المدى القصير.

وقال كيغان دي لانسي من المنظمة الدولية للهجرة ان مراقبي المنظمة المحليين قالوا الشهر الماضي ان نحو نصف الأسر المشردة داخليا في قره قوش تريد الاندماج في المجتمع، فيما قال البعض انهم لن يعودوا أبدا إلى الموصل.

وبحسب لانسي فان عشرة بالمئة منهم ينوون الحصول على اعادة توطين في الخارج في حين ينتظر آخرون quot;ان يروا كيف سيستقر الوضع قبل اتخاذ قرار بشأن الخطوة المقبلةquot;. وطالبت السلطات في قره قوش من المسؤولين في المحافظة المساعدة على توفير فرص عمل واستثمارات للبلدة في محاولة للتعامل مع التدفق الحاصل.

ويقول كسموسى ان المدينة ستستفيد في حال تمت ترقية الكلية الموجودة في البلدة إلى جامعة حتى يتمكن الطلاب الذين فروا من الموصل ان يواصلوا دراستهم. ولاحظ لانسي انه في حين أن معظم المسيحيين النازحين في قرة قوش يستأجرون منازل ويعيشون مع اقاربهم فيما لا يزالquot;الكثير منهم يذهبون إلى الموصل من اجل وظائفهم أو لغرض التعليم والعودة الى قره قوش في الليلquot;.

أما بشأن إقناعهم بالعودة إلى ديارهم يقول كسموسى quot;انهم سيعودون عندما يرون اشارات الاطمئنان، عندما يستتب الامن هناك ليلا ونهارا وعندما لا يكون هناك هجمات مسلحة في المدينة وعندما تتوقف جميع عمليات القتل والخطف والانفجاراتquot;؟

واعرب كسموسى في لقاء جمعه مع بركينز وضباط الجيش العراقي عن شعور الاحباط لدى طائفته ازاء الزعماء السياسيين العراقيين. وقال quot;عندما يكون هناك هجوم ضد المسيحيين نسمع خطابات كثيرة ولكن عندما يأتي الوقت لتمرير القوانين، تبقى الامور على نفس المنوالquot;. واضاف quot;ان العراق هو بلدنا ايضا، ونحن نريد البقاء هناquot;.