يشدّد أضلاع quot;الائتلاف من أجل التغييرquot; الناشئ حديثا في الجزائر، على ضرورة تجسيد مخططهم القائم على إحداث قطيعة نهائية مع الوضع الحالي في الجزائر، هذا العام. ويعتبر قياديوه أن حالة التشبّع الموجودة لدى مواطنيهم، والتضييق على الحريات لن يحول دون قلب الموازين في الجزائر عبر تغيير سلمي ديمقراطي حقيقي وهادئ على حد وصفهم.


الجزائر: راهن الوزير الأول الجزائري الأسبق أحمد بن بيتور على إحداث التغيير السلمي في بلاده خلال السنة الجارية، ويحذّر من أن الأمر إن لم يقع في غضون الأشهر القليلة القادمة، فإن الفرصة قد تضيع.


قانون محاربة التخريب أخطر من حال الطوارئ

يعتبر بن عبد السلام الذي يقود حركة الإصلاح (حزب إسلامي) أنّ إعلان السلطات الجزائرية عن سحب حالة الطوارئ مؤخرا، عملية تنطوي على تمويه ومغالطة، متصورا أن دوائر القرار أقرّت حالة طوارئ من نوع أخطر، من خلال اعتمادها quot;قانون محاربة الإرهاب والتخريبquot; الذي يمنح صلاحيات واسعة لفرض الحجز التحفظي وتمديده لفترتين ضد كل من يعبر عن غضبه في الأماكن العامة.


كما يؤكد بن عبد السلام عدم صحة ما قالته الداخلية الجزائرية عن توفير قاعات بالمجان للتجمهر، ويستدل محدثنا بأن مسؤولي القاعة البيضاوية وكذا قاعة الأطلس وسط العاصمة طالبوا بدفع مبالغ باهظة للاستفادة من القاعتين، والأمر ينسحب أيضا على القاعة الصغيرة في دار الصحافة المخصصة لعقد الندوات.

ويستغرب بن عبد السلام كيف لسلطة تدعي عدم قدرة الأحزاب على استقطاب الشارع بينما هي تضيق على الحريات وتضاعف من العراقيل، ويتحدى مسؤول حركة الإصلاح بأنّ توفير هامش من الحرية سيجعل قوى المعارضة تنجح في تجنيد الجزائريين.

ويضمّ quot;التحالف من أجل التغييرquot; الذي جرى تأسيسه الشهر الماضي أحزابا وجمعيات ونقابات ومنظمات وشخصيات، ويعتزم هذا التحالف رفع لائحة سياسية إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة حتى يتسنى فتح حوار وطني حولها.

دعوة إلى تكتل مغاربي متحرر

دعا كريم طابو الأمين الاول لحزب quot;جبهة القوى الاشتراكيةquot; المعارض، إلى نشوء تكتل مغاربي متحرّر، يتناغم مع المتغيرات الجديدة في المنطقة.

وفي تجمع حضره أربعة آلاف شخص، قال طابو بضرورة تثمين حراك بلدان الضفة الجنوبية لحوض المتوسط من أجل تغيير الوضع وضمان مستقبل أحسن لدول المنطقة، بيد أنّ الرقم الثاني في الحزب الأمازيغي الذي يتزعمه حسين آيت أحمد أقرّ بصعوبة تحديد معالم وأبعاد هذا التكتل الذي اصطلح عليه بـquot;مغرب الشعوبquot;.

ولاحظ طابو أنّ الأوضاع في الجزائر تتحرك رغم quot;الجمود السائدquot; الذي يطبعها، ومن حق كل مواطنيه ومواطناته التعبير عن أفكارهم ومواقفهم في كنف الهدوء التام، كما نادى بإزالة الحواجز والعوائق التي تمنع الجزائريين من ممارسة حق التعبير بكل حرية.

وسجّل طابو وهو أصغر زعيم سياسي في الجزائر، حاجة بلاده إلى إعادة لحمة الروابط الاجتماعية بين الجزائريين التي لم تعرف طوال تاريخ الجزائر الطويل تمزقا مثل ما هو عليه الأمر حاليا، وأتى كلامه متزامنا مع هجوم شنّه شباب من أحياء العاصمة على الزعيم البربري سعيد سعدي ومؤيديه اليوم، في فصل كشف حجم الفكاك والتباعد الموجود بين أطياف الشارع المحلي.

بدوره، رافع أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم الإسلامية لتغيير سياسي عميق سلمي وسلس في الجزائر، يوصل البلد إلى بر الأمان، معتبرا أنّ الشعب الجزائري بمختلف توجهاته العقائدية وألوانه السياسية، مستعد للانخراط بصورة حضارية لتحقيق التغيير على أرض الواقع.

وذكر سلطاني وهو حليف عبد العزيز بلخادم وأحمد أويحيى في الائتلاف الحاكم، أنّ كل الشروط متوفرة للمرور بالبلاد من مرحلة الديمقراطية quot;الشكليةquot; إلى quot;ديمقراطية حقيقيةquot; مبنية على أسس التناوب والحريات السياسية وحرية الرأي والتعبير والحريات النقابية.

ويرى سلطاني أنّ الجزائر بحاجة إلى استكمال مسيرة استقلالها، عبر دعامتي quot;الانفتاح السياسيquot; وquot;تأهيل الشبابquot;، ويتوقف الانفتاح السياسي بمنظوره على أربعة محاور أساسية: quot;مراجعة الدستور وقانون الانتخابات وضمان شفافية الانتخابات المقبلة وفتح الحقل الإعلامي وضمان حق ممارسة النشاط النقابيquot;.


ويركز بن بيتور على ما يسميه quot;العنصر المفجّرquot; أو quot;الشرارةquot;، وهذه الأخيرة قد تتفجر كما يرى من محذوري الفساد العام والفقر المستشري، بما قد يسرّع عجلة التغيير المأمول الذي لا يزال يصطدم بالعديد من العثرات منذ الذي حصل ليلة الخامس من كانون الثاني يناير الماضي.

ووجه بن بيتور ما سماها quot;نصيحةquot; إلى الجيش الجزائري والقوى الأمنية بالتجاوب مع تطلعات الشارع، والتعلّم من دروس تونس ومصر والذي يحدث حاليا في ليبيا.

وردا على لا مبالاة الجماهير الجزائرية بنداءات التغيير التي أطلقها أكثر من فصيل سياسي واجتماعي، يلفت رئيس الحكومة الجزائرية أنه بين كانون الأول- ديسمبر 1999 وآب- أغسطس 2000، على ما يمكن أن تنهض به التعبئة والتوجيه من أدوار وهو ما سيركز عليه ائتلاف التغيير في قادم الأيام لوضع قواعد صلبة للتجديد الوطني عبر مجموعة من التجمعات والندوات عبر ولايات البلاد، سيكون منطلقها التجمع المرتقب في 18 من الشهر الجاري في الجزائر العاصمة.

من جانبه، أعلن حيدر بن دريهم المتحدث باسم إئتلاف التغيير، أنّ التغيير يفرض نفسه كحتمية في الجزائر بحكم الانسداد السياسي الخطر وتسيير ثروات البلاد والشأن العام كأنها quot;ملكية خاصةquot;، فضلا عن تراكم عشريات متتالية من الممارسات السياسية السلبية وما رافقها من حرب أهلية قضت على الأخضر واليابس في تسعينات القرن الماضي.

وينبّه بن دريهم وهو أحد مؤسسي حزب التجمع الديمقراطي (ثاني تشكيلة سياسية في الجزائر) إلى أنّه من شأن غياب الحقوق وغلق مجال الحريات والتراجع عن مكتسبات انتفاضة تشرين الأول- أكتوبر 1988 بجانب ما يسميه quot;اغتصاب دستور 1996quot; أن يضيّع على الجزائر فرصتها في الإنخراط ضمن محفل الدول الديمقراطية والمتقدمة.

أما نسيم لقفل رئيس حركة الشباب والطلبة الجزائريين فيبرز نية ائتلاف التغيير لتجميع كل الجزائريين حول أرضية توافقية تتوخى التغيير نحو نظام يحترم مبدأ التداول على السلطة، ويحترم الحريات الفردية والجماعية، وذاك يقتضي بحسب وثيقة عمل اعتمدها أضلاع الائتلاف، إعادة بناء النظام وإزالة انحرافات السلطة الفردية وما ترتب عنها من مآس وكوارث وتهميش.
من جانبه، يرفض جمال بن عبد السلام أحد قياديي quot;الائتلاف من أجل التغييرquot; إنّ الأخير يناضل لأجل قطيعة نهائية وليس مجرد حلول ترقيعية، ويكشف أنّ مؤتمر التغيير المزمع خلال المرحلة المقبلة سيعنى بمناقشة والمصادقة على ميثاق للحقوق والحريات، والخروج بأرضية سياسية كفيلة بإخراج الجزائر من المآزق التي أقحمت فيها.