واشنطن: يذكر موقف الولايات المتحدة الحذر ازاء احتمال القيام بعملية عسكرية ضد ليبيا بجدل اخر اندلع داخل الادارة الاميركية في تسعينات القرن الماضي بخصوص الحروب في يوغوسلافيا السابقة.
فمثلما جرى خلال حروب البوسنة وكوسوفو يدعو اعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي الى القيام بتدخل جوي لمساعدة السكان فيما يحذر البنتاغون من مغبة تحرك كهذا.
واكدت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون مطلع الاسبوع ان واشنطن تفكر في اقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا قبل الاقرار بان الادارة ما زالت quot;بعيدةquot; عن اتخاذ مثل هذا القرار.
في هذه الاثناء لم يبد مسؤولو البنتاغون حماسا كبيرا وندد وزير الدفاع روبرت غيتس بquot;كلام غير متروquot; لصقور مؤيدين لفكرة التدخل.
لكن بعض المسؤولين الاميركيين يعتبرون انه لا يوجد اي خلاف بين المدنيين والعكسريين حول هذه المسالة مثلما كان الامر في ظل رئاسة بيل كلينتون بخصوص يوغوسلافيا السابقة.
ففي البوسنة، كما حصل بعد بضع سنوات في كوسوفو، يدور جدل حول فرصة اقامة منطقة حظر جوي وشن حملة من عمليات القصف على القوات الصربية.
وقد انتهى المطاف بها الى تبني الفكرة بعد ابداء تحفظات شديدة خصوصا من اعلى مسؤول عسكري الجنرال كولن باول.
حتى ان السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة مادلين اولبرايت سألته انذاك quot;ما هي الفائدة بان يكون لنا هذا الجيش الرائع الذي تتحدثون عنه باستمرار ان لم نتمكن من استخدامه؟quot;.
وكانت منطقة الحظر الجوي التي فرضت فوق البوسنة فاشلة لان القوات الصربية استطاعت مواصلة هجماتها البرية بالمدفعية على السكان المدنيين كما يذكر روبرت هانتر السفير الاميركي السابق في الحلف الاطلسي في ظل رئاسة بيل كلينتون.
اما الضربات الجوية فقد تبين انها كانت حاسمة. وقال هانتر quot;حتى اذا حظرتم اي تحليق فوق ليبيا فانكم لن توقفوا قدرة القذافي على قتل الناسquot;.
وعلى العكس راى ان على واشنطن على سبيل المثال ان تسعى مع حلفائها الى تسليح المعارضة وتشويش الاتصالات او بدء اتصالات مع بعض اعضاء النظام الليبي بمساعدة دول عربية.
واعتبر ريتشارد فونتين الخبير في quot;مركز الامن الاميركي الجديدquot; وهو مركز ابحاث مقره في واشنطن، ان فرض منطقة حظر جوي قد يتحول في الواقع الى معضلة دبلوماسية مثلما حصل اثناء الحروب في البلقان.
واضاف quot;من المرجح ان تعارض روسيا والصين اقامة منطقة حظر جوي بتنظيم الولايات المتحدة او الحلف الاطلسي. وسيكون والحالة هذه على الولايات المتحدة ان تقرر تنفيذها بتفويض من الامم المتحدةquot;.
وهذا سيتطلب عددا كبيرا من الطائرات لمدة غير محددة وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف الى تدخل عسكري مباشر مثلما حدث في البوسنة في العام 1995 او في كوسوفو في 1999.
ولفت فونتين الى انه بالرغم من ان الاهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة الغنية بالنفط كبيرة جدا بالنسبة لواشنطن فقد يؤدي اي تدخل من طرفها الى تأجيج مشاعر العداء للولايات المتحدة لدى الشعوب العربية.
واوضح quot;انه توازن دقيق. فمن جهة لا نريد الشروع باي تحرك يأتي بنتيجة عكسية لكن من جهة اخرى تقضي مصلحتنا بان تتكلل هذه الثورة بالنجاح ليس فقط بالنسبة لليبيا بل وايضا بالنسبة لمفعول كرة الثلج التي قد تحدثه بطريقة او باخرىquot;.
التعليقات