ينتشر الثوار على امتداد كثيب رملي ويراقبون خط الجبهة بينما تقوم طائرة صغيرة بتحليق دائري ويوقف عادل سيارته بعد رحلة طويلة لتوزيع الارز. وحوله يرفع الثوار ايديهم ويهتفون quot;الله اكبرquot; بينما تبتعد الطائرة عن المنطقة.


العقيلة: قطع عادل قبلان الليبي البالغ من العمر 41 عاما 330 كلم من بنغازي معقل التمرد في الشرق الليبي، ليحمل الى الثوار الطعام الذي اعدته عائلته صباح اليوم نفسه. ومن بعيد يرتفع الدخان الاسود فوق مواقع راس لانوف النفطية. وكان الثوار سيطروا على المدينة لاسبوع الى ان طردتهم منها القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي التي تتقدم يوميا وتطرد الثوار مستخدمة القنابل والصواريخ وقذائف الهاون.

وفجأة تدوي ثمانية انفجارات في الصحراء تتدحرج الحجارة على اثرها. وعلى بعد اكثر من خمسة كيلومترات يرتفع الدخان فوق السهل الصحراوي. ويؤكد ونيس مختار (40 عاما) quot;هذا الصباح كنا هناك على بعد 30 كلم عن راس لانوف (...) اضطررنا للتراجع امام كثافة القصفquot;.

ويواجه الثوار قوة ضرب الطيران والمدفعية ويعانون من نقص في الخبرة القتالية والتنظيم العسكري. لكن الجانب اللوجستي والتموين يشكلان تحديا ايضا. واوضح طارق (32 عاما) quot;نحن هنا مثل اصابع اليد. عادل لا يحارب معنا لكنه يجلب لنا الطعام كل يومquot;، بينما يتناول رفاقه الطعام في مجموعات صغيرة وهم جالسون على الرمال او وراء سياراتهم.

وقال عادل quot;عندما جئت الى الجبهة للمرة الاولى رأيت مقاتلين شبابا يتناولون الخبز والجبن ويشربون المياه. لم يكن لديهم غير ذلك قبل ان يشنوا الهجوم. كان يجب مساعدتهم، تأمين الغذاء لهمquot;. يستيقظ عادل كل يوم في السابعة ويوقظ اولاده الخمسة ثم يعد مع الاسرة بين مئتين و300 وجبة غذائية ينقلها الى الجبهة. في اليوم الثاني قام بنقل مئتي سندويش الى الثوار.

وقال مبتسما quot;لكن هذا لم يكف. قطعت 370 كلم لاعود الى بنغازي واشتريت مئة شطيرة وحملتها من جديد الى الجبهةquot;. وعلى الطريق الصحراوية من بنغازي الى الجبهة، لا يرى عادل الكثير من السيارات.

وهو لا يجد خلال رحلته سوى شاحنة محملة بقوارير مياه الشرب وسيارات بيك آب تنقل متمردين الى جانب سيارة جيب مزودة ببطارية مضادة للطيران يقودها احد الثوار وهو يضع قناعا مضادا للغاز للوقاية من الرياح.

لكن عليه ان يملأ خزان سيارته بالوقود، فيتوقف امام المحطة التي تنتظر فيها عشرات السيارات منذ ساعات. ويقول له صاحب المحطة quot;اذا ساعدتنا لا تنتظر طويلاquot;. واضاف عادل الذي يملك محلا لبيع المجوهرات في بنغازي ان quot;هذا الامر يكلف بعض المال لكن لا يهم.

وتابع quot;لم اعد احتمل القذافي. اريد ان ابقى قادرا على التحدث الى الجميع، الى الاجانب، وعلى الصلاة وعلى فعل ما يحلو لي من دون ان تراقبني اجهزة الاستخبارات التابعة للقذافيquot;. والاسبوع الماضي رأى عادل قنابل تسقط على بعد اقل من مئتي متر من سيارته وقتلى وجرحى على حافة الطريق. لكن quot;ان شاء اللهquot; سيعودquot; لمساعدة رفاقه.

وفي اغلب الاحيان تهتز الارض على خط الجبهة. ودوت ثلاثة انفجارات بعد اطلاق نار جاء من الشمال من جهة البحر. ويتحرك المتمردون بسرعة ويعدون بطاريتهم المضادة للطيران مع انه لم يكن احد منهم يعرف مصدر القصف. واستقل عادل سيارته مجددا وتوجه الى بنغازي. وقال quot;اشعر بالارتياح والسعادة عندما اعود. لانني نجحت ولانني عدت حياquot;.