عبر مسؤولون أميركيون عن تخوفهم من احتمالية أن ينضم المعتقلين السابقين في غوانتاموا والذين رحلوا لبلادهم وباتوا الآن يتمتعون بالحرية في ظل الثورات، من ان يعودوا لممارسة عملهم الإرهابي.


قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة فقدت أثر العديد من معتقلي غوانتانامو السابقين الذين تم إعادتهم إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو ما اعتبروه بمثابة الإشارة الدالة على أن الاضطرابات التي تشهدها المنطقة تعمل في تلك الأثناء على تعطيل علاقات مكافحة الإرهاب المحورية التي دأبت واشنطن على تكوينها منذ وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر الإرهابية عام 2001.

ولفت المسؤولون في هذا السياق كذلك إلى تباطؤ أو حتى توقف تدفق المعلومات القادمة من ليبيا، واليمن، وغيرهما من دول المنطقة بشأن أنشطة وأماكن تواجد معتقلي غوانتانامو السابقين، جنباً إلى جنب مع غيرهم من الإسلاميين الذين أُطلِق سراحهم من سجون محلية. وعبَّر المسؤولون عن تخوفهم من احتمالية أن ينضم هؤلاء المعتقلين السابقين مرة أخرى إلى تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإسلامية.

وأوردت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية في هذا الإطار عن مسؤول بارز بالمخابرات الأميركية، قوله :quot; هل بإمكانهم أن يعودوا مرة أخرى إلى القيادة المركزية للقاعدة في باكستان ويضيفوا إلى زخم الجهاد العالمي. نعم، بإمكانهم. أو قد يمكثوا في الأماكن التي يتواجدون بها حالياً ويعملون بالنيابة عن القاعدة لاختراق المعارضة. أو قد ينضمون إلى المعارضة. وأنا لا أرى أن أي من تلك النتائج مشجعةquot;.

ثم مضت الصحيفة تقول إن الحركات الاحتجاجية الشعبية التي تشهدها المنطقة الآن تسببت في الإطاحة ببعض من حلفاء الولايات المتحدة التي كانت تستعين بهم في مجال مكافحة الإرهاب، وتركت آخرين مشتتين للغاية أو معرضين سياسياً، في وقت تباطأ فيه بالفعل التعاون مع المخابرات الأميركية في بعض المجالات، بينما تكافح الولايات المتحدة من أجل التعرف على نظراء يمكن الوثوق بهم في الحكومات المُعدَّلة.

وقال مسؤول أميركي آخر في هذا الشأن :quot; من الصعب تقاسم معلومات عندما لا يكون لديك أية معلومات عن هوية الأطراف الأخرىquot;. ومع هذا، رأت الصحيفة أن تلك الاضطرابات قد تسببت في قلب سياسة الولايات المتحدة الخارجية في المنطقة، مع رحيل بعض من أقدم حلفائها أو اهتزاز صورة بعضهم الآخر، وعدم وضوح الرؤية حتى الآن فيما يتعلق بتكوين تحالفات مع القادة الجدد في تلك الدول. وأكدت وول ستريت جورنال أن التأثيرات التي ستطال جهود مكافحة الإرهاب تعتبر واحدة من الهزات الارتدادية التي تثير قلق المسؤولين بأجهزة المخابرات الأميركية بشكل كبير.

واعترف أحد المسؤولين الأميركيين المعنيين بملف مكافحة الإرهاب بتراجع مستوى التعاون في بعض الدول، لكنه شدد على أن جميع الشراكات الاستخباراتية قد تأثرت.

وفي اليمن، أوضحت الصحيفة أن المسؤولين الأميركيين والأوربيين يشعرون بقلق متزايد أن المعتقلين السابقين في غوانتانامو لم يعودوا يخضعون لقدر كبير من المراقبة الحكومية، إن كانت هناك مراقبة من الأساس. واكتشفوا في نفس الوقت زيادة طفيفة في نشاط تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وقال مسؤول أميركي بارز آخر في مجال مكافحة الإرهاب إن التنظيم يتآمر بشكل نشط للغاية من أجل شن هجمات جديدة على الولايات المتحدة خلال فترة الهدوء التي تشهدها عمليات مكافحة الإرهاب وتشرف على تنفيذها السلطات الأميركية واليمنية.

والخوف - وفقاً لمسؤولين أميركيين بارزين ndash; هو أن مؤامرات القاعدة التي سيتم إحباطها عادةً من الممكن أن تنزلق الآن عبر الشقوق الخاصة بعمليات جمع المعلومات الاستخباراتية. فيما قال مسؤول يمني إن التعاون مع الولايات المتحدة بشأن جهود مكافحة الإرهاب متواصل، وأن القوات التي تتعامل مع المتظاهرين تختلف عن تلك التي تتعامل مع القاعدة. كما نوه إلى أن بلاده تتعامل وتتجاوب مع ما تتلقاه من استفسارات من الولايات المتحدة بشأن أماكن تواجد معتقلي غوانتانامو السابقين.

وبينما سبق لإدارة أوباما أن أعلنت صراحةً عن أن الحريات السياسية سوف تقلل من مكانة تنظيم القاعدة في منطقة الشرق الأوسط وما ورائها، أكدت الصحيفة أن مسؤولي مكافحة الإرهاب في أميركا وأوروبا يراقبون التغييرات الجذرية التي تشهدها المنطقة بمزيج من الحذر والخوف. فبالإضافة لقلقهم مما يحدث في اليمن، يخشى المسؤولون الأميركيون من أن يتراجع مستوى التعاون من قِبل الأجهزة الأمنية في تونس ومصر، في الوقت الذي ينأى فيه القادة الجُدد هناك بأنفسهم عن انتهاكات الماضي.

وقالت الصحيفة إن جزءً كبيراً من التعاون الوطيد الذي كان يجمع واشنطن والقاهرة كان نابعاً من رغبة الرئيس السابق حسني مبارك ورئيس جهاز المخابرات، عمر سليمان، للعمل مع الولايات المتحدة في مكافحة التطرف الإسلامي. وقال المسؤول الاستخباراتي الأميركي البارز إن علاقتهم بمصر كانت العلاقة الأكثر أهمية على مدار العِقد الماضي. وأكد أنهم لن يكرروا التجربة التي خاضوها مع مبارك.

وبينما يبدو الموقف متشابهاً في تونس، أوضح مسؤولون أميركيون أن القيادة الجديدة في تونس لا تزال متعاونة وزودت الولايات المتحدة بمعلومات عن الأماكن التي يختبئ بها اثنان من معتقلي غوانتانامو السابقين هناك. لكن مسؤولين يقولون إن مستوى التعاون غير مؤكد في مجالات أخرى، وأنهم سيحتاجون وقتاً لإعادة بناء العلاقات.

ورأى مسؤولون استخباراتيون كبار أن الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة الآن ستستمر، وأن الضبابية ستظل محيطة على مدار الأشهر القادمة بالتساؤلات المتعلقة بكيفية استرداد الشراكات التي كانت مبرمة من قَبل مع دول حليفة في المنطقة على صعيد مكافحة الإرهاب. أما بخصوص العلاقات مع ليبيا، فنقلت الصحيفة عن أحد مسؤولي إدارة أوباما، قوله :quot; انتهى الأمر مع القذافي. ونحن لا نعرف حالة الشعبquot;.

هذا ولم يتسنى للصحيفة الحصول على تعليق في هذا الجانب من مسؤولي السفارة الليبية في واشنطن. ونقلت عن ضابط بارز سابق بالمخابرات الإسرائيلية، قوله :quot; لن تكون الأوضاع كما كانت في السابق. حيث بات يتعين عليهم أن يراعوا ما يريده الشارع العربيquot;. وبينما ظلت تتسم علاقات الولايات المتحدة بالملوك والحكام المستبدين في المنطقة بالقوة، فإن الجمهور العربي الأوسع في النطاق تراوده الشكوك إلى حد كبير بشأن الجهود التي تبذلها واشنطن فيما يخص مكافحة الإرهاب.