النجف: انهى رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان اجتماعا نادرا مع المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني في مدينة النجف وغادرها الى اربيل لعقد لقاءات مع القادة الاكراد.

وخلال وجود اردوغان في مدينة النجف (160 كم جنوب بغداد ) فقد قام بزيارة الى مرقد الامام علي بن ابي طالب رابع الخلفاء الراشدين ثم عقد اجتماعا مع السيستاني استمر حوالي الساعة انتهى من دون الادلاء بتصريحات الى الصحافيين الذين تجمعوا في المدينة القديمة للنجف حيث منزل السيستاني.

ولم تعرف بعد الموضوعات التي ناقشها اردوغان خلال اجتماعه مع السيستاني وهو الاول من نوعه الا ان مصادر عراقية اشارت قبل ذلك الى انه ستتم مناقشة اوضاع المسلمين بشكل عام وخاصة التطورات في البحرين التي تشهد تظاهرات احتجاج شيعية تطالب بالحريات والحقوق العامة.

وكان اردوغان اكد أمس ان بلاده تريد عراقا موحدا يحافظ على السلام ويوفر الرفاهية لشعبه والمنطقة وتدعم وحدة ارضه واستقلاله واستقراره مشددا على ان بلاده تقف بمسافة متساوية مع جميع الاطراف في العراق ونحتضن جميع العراقيين بغض النظر عن دينهم ومذهبهم مبديا استعداد تركيا لتقديم الدعم الكامل للحكومة العراقية والمساعدة لحل المشاكل في جميع المجالات وتقاسم الخبرات في جميع الاصلاحات التي يسعى العراق لها من خلال تعزيز العلاقات بين البرلمانين العراقي والتركي.

وقال اردوغان مخاطبا اعضاء مجلس النواب خلال كلمة امام المجلس انه اتفق مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على رفع مستوى التعاون وعلى اعلى المستوياتquot; موضحا قدوم 200 رجل اعمال تركي الى العراق لبحث امكانية التعاون في مجالات الطاقة والاعمار.

وخلال اجتماع للمالكي واردوغان اكدا ضرورة تطوير العلاقات الثنائية وتوسيع حجم التبادل التجاري خصوصا في مجالي المواد الغذائية والطاقة والإتفاق على التعاون في مكافحة الإرهاب والمنظمات الإرهابية المتمثلة بحزب العمال الكردستاني وتنظيم القاعدة.

وقال المالكي خلال الإجتماع quot;نعمل على زيادة التعاون بين العراق وتركيا لما تربطهما من علاقات تأريخية متينة ،ونستطيع اليوم أن نرسم منحنى لهذه العلاقات وسنجدها بإتجاه تصاعدي ومتطورquot;. ودعا الشركات التركية للعمل في العراق والمساهمة في عملية البناء والإعمار مؤكدا ان آفاق التعاون مفتوحة وواسعة في هذا الإطار على طريق رفع نسبة التبادل التجاري بين البلدين.

من جهته دعا اردوغان العراق إلى الانضمام إلى الإتفاق الرباعي الذي يضم تركيا وسوريا ولبنان والأردن مشيرا إلى أن العراق أصبح اليوم ورشة عمل quot;ونرغب في أن تساهم الشركات التركية في عملية الإعمار في العراق سواء مع الشركات العراقية أو بشكل منفردquot;.

وعبر أردوغان عن امله في تسهيل إجراءات السفر ورفع الإجراءات الرسمية في هذا الإطار وقال quot;نأمل تحويل الحدود بين البلدين من خطوط فاصلة إلى بوابات مفتوحة ومتواصلةquot;.

.. ومباحثات في أربيل

وعقب زيارته الى النجف توجه اردوغان الى اربيل (220 كم شمال بغداد) عاصمة أقليم كردستان ليبحث مع رئيس الاقليم مسعود بارزاني ورئيس حكومته برهم صالح العلاقات الامنية والتجارية والتطورات الاقليمية على ضوء وجود قواعد لحزب العمال الكردستاني التركي الانفصالي في مناطق الاقليم الشمالية المحاذية لتركيا.

وسيشارك اردوغان في حفل الافتتاح الرسمي للقنصلية التركية في اربيل وبمراسيم افتتاح مطار اربيل الدولي.

وتعتبر زيارة اردوغان لاربيل الاولى من نوعها التي يقوم بها مسؤول تركي على هذا المستوى بعد ان كانت انقرة لاتعترف بادارة الاقليم نظرا لتخوفها من ان يؤدي ذلك الى تشجيع التطلعات الانفصالية للاكراد الاتراك في جنوب البلاد.

كما سيبحث اردوغان مع القادة الاكراد مسألة التخفيف من التوتر بين الاكراد والتركمان وخاصة حول محافظة كركوك الشمالية الغنية بالنفط التي يطالب الاكراد بضمها الى اقليمهم الشمالي فيما يعارض التركمان والعرب فيها ذلك ويدعون الى تحويلها لاقليم مستقل لوحده .

وابلغ مصدر عراقي quot;ايلافquot; ان مباحثات اردوغان في كردستان ستتناول قضية حزب العمال الكردستاني الذي يتخذ من اراضي كردستان العراق قواعد له يهاجم انطلاقا منها بين الحين والاخر اهدافا حيوية مدنية وعسكرية داخل الاراضي التركية.

واشار الى ان القوات التركية ا عادة ماتهاجم قواعد حزب العمال التركي داخل الاراضي العراقية الشمالية لايقاف هجماته ضد اهداف حيوية داخل الاراضي التركية.

واوضح ان هناك لجنة تركية عراقية اميركية امنية مشتركة تجتمع بشكل دوري لمتابعة تحركات حزب العمال الذي كان الاتراك يتهمون اكراد العراق بمساعدتهم عسكريا ولوجستيا. كما أن هناك قواعد عسكرية تركية داخل الاراضي العراقية وخصوصاً في منطقة بامرني ما يتطلب العمل على الاسراع بخروجها بعد أن وقف العراق رسمياً وفعلياً ضد أي تحرك معادٍ لتركيا ينطلق من أراضيه.

ومنذ عام 2007 يقصف الجيش التركي في شكل منتظم مواقع حزب العمال الكردستاني في العراق وقام في هذا الاطار بعمليات توغل برية عدة. وبحسب التقديرات فان نحو الفي متمرد يتحصنون في شمال العراق.

وتدعو انقرة واشنطن حليفتها في الحلف الاطلسي التي تزودها بمعلومات عن تحركات المتمردين وايضا حكومة اقليم كردستان العراق الى بذل مزيد من الجهد دعما لتصديها لحزب العمال الكردستاني.

وخلال لقاء اخير في كندا طلب اردوغان من الرئيس الاميركي باراك اوباما ممارسة ضغوط على القادة الاكراد في العراق لاحتواء انشطة حزب العمال الكردستاني.

وسبق تصاعد العنف فترة هدوء نسبي طرحت خلالها الحكومة التركية المنبثقة من التيار الاسلامي مبادرة لمصلحة تعزيز حقوق الاكراد البالغ عددهم 15 مليون شخص من اصل نحو 73 مليون تركي رتفع اصوات في تركيا تطالب الجيش باجتياح شمال العراق بحجة ان الاميركيين لم يضعوا حدا لانشطة حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه انقرة منظمة ارهابية.

واضاف المصدر ان تحولا كبيرا في علاقات تركيا مع الادارة الكردية العراقية قد بدأ منذ عامين بفضل دخول شركات تركية للعمل في عمليات البناء التي يشهدها الاقليم موضحا ان هناك حوالي 200 شركة تركية والاف العمال الاتراك الذين يزاولون نشاطهم في كردستان العراق. وقد بدات السلطات التركية تشير مؤخرا الى ان قضية اقليم كردستان مسالة عراقية داخلية لاتريد التدخل بها.

وتكتسب العلاقات العراقية التركية أهمية بالغة على الاصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية نظراً للروابط التي تجمع البلدين الجارين تأريخياً وثقافياً بما ينعكس على طبيعة هذه الروابط وضرورة قيامها على أسس من التعاون المشترك والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين.

وقد تم توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين على اثر زيارات متبادلة لمسؤولي البلدين حيث ان هناك على الصعيد الاقتصادي علاقات تجارية واسعة النطاق تأخذ شكل استيراد العراق للبضائع التركية بكميات كبيرة بما جعل نقطة العبور بين البلدين من أهم المناطق التجارية التي تشهد حركة دخول الشاحنات التركية الى العراق بشكل يومي وكبير وبالمقابل فأن العراق يصدر نفطه المستخرج من كركوك عبر أنبوب النفط الذي يمر بالاراضي التركية وصولاً الى ميناء جيهان حيث يصدر الى انحاء العالم.

ومع زيادة قدرة العراق على التصدير وضرورة فتح منافذ جديدة ،فقد تقرر فتح خط أنبوب نفطي آخر وأنبوب نقل الغاز عبر تركيا ليكون عاملاً من عوامل توثيق الروابط الاقتصادية بين البلدين الجارين وبما يعود بالمنفعة المشتركة عليهما.

وكانت بغداد وأنقرة وقعتا خلال زيارة أردوغان للعراق منتصف تشرين الأول (أكتوبر) عام 2009 حوالي خمسين مذكرة تفاهم تعزز التعاون السياسي والاقتصادي بينهما خصوصاً في مجال الأمن والمياه وفتح المعابر والنفط والربط الكهربائي والصحة والسكك الحديد والزراعة.