قال المعارض السوري جلال كدو، رئيس تحرير جريدة الأمل الأسبوعية،إن نهج الحزب البعثي القومي سوف يزول من سوريا، وإن المرحلة المقبلة لا تتحمل مثل هذا النهج الذي لا يزال يتغنى بأمجاد العروبة على حساب الآخرين. وأوضح كدو في حوار مع quot;إيلافquot; أن المعارضة الكردية لا تمانع في قيام ائتلاف عريض بين مختلف أطياف المعارضة السورية على قاعدة الدفاع عن الوطن السوري وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية فيه.

وهنا نص الحوار.


السلطة في سوريا تتجاهل الوجود الكردي معتبرة وجود الأكراد عارض على التركيبة السكانية العربية. هل ترون ان هناك حلحلة في طروحات النظام بعد الاحتجاجات الأخيرة في مدن سوريا؟
ndash; لا شك أنه سيكون هنالك حلحلة في طروحات النظام بالنسبة إلى الوجود الكردي في سوريا، وبدأت بوادر تلك الحلحلة تظهر للعيان حينما يعلنون بين الفينة والأخرى بأنهم سيمنحون الجنسية السورية للكرد المجردين منها. ولكن اعتقد بأنه سوف يكون للكرد دور بارز في سوريا المستقبل، سواء بقى هذا النظام أم لم يبقى. فلا يجوز ان يستمر حال الكرد السوريين هكذا وغير معترف بهويتهم القومية والثقافية الى الابد، ولا بد ان يكون هنالك تغيير جذري سيطرأ على وضع كردستان سوريا، كإحدى نتائج هذه الثورة المتواصلة في مختلف المحافظات السورية، ولا ننسى بأن للكرد في سوريا دورًا وأهمية كبيرة في إنجاح الثورة السورية من عدمها، نظراً إلى تماسكهم وثقلهم السكاني وتوزيعهم الديمغرافي، ولا سيما وجود مئات الآلاف منهم في العاصمة دمشق.

الفكر البعثي الشمولى أوجد صورة قومية نمطية عروبية صرفة في فكر المواطن السوري، كيف ترون مستقبل سوريا مع استمرار نهج الفكري لحزب البعث؟
- اعتقد أن نهج حزب البعث القومي الشوفيني سوف يزول من سوريا كما زال من العراق، وان المرحلة المقبلة لا تتحمل مثل هذا النهج الذي لا يزال يتغنى بأمجاد العروبة على حساب الآخرين وإلغائهم وصهرهم في بوتقة البعث.

فلا وجود لمثل هذه الافكار ولا مجال لاستمرارها في عصر العولمة وquot;فايسبوكquot;، وأرى أن سيناريو استمرار هذا النهج الشوفيني في سوريا غير وارد إطلاقًا إن لم نقل مستحيلاً، وإن من شأن هذا التسونامي الذي يجتاح المنطقة العربية أن يدمّر هذه الافكار والأيديولوجيات العنصرية والشوفينية ووأدها الى الابد.

النظام في سوريا دعم الحركات اليسارية بصورة عامة ووجد ربما حتى احزاب سياسية كردية يسارية نوعًا من التضامن الفكرى مع النظام هل تعتقدون ان هذا النهج اصبح من الماضي؟
- سوريا كانت ولا تزال تلعب بالأوراق الإقليمية في مجمل الدول المجاورة لها وفي مجمل دول المنطقة، وتعمل على زعزعة الاستقرار فيها، وهي لم تدعم التيارات اليسارية وحدها فحسب، بل نراها تدعم التيارات الدينية والاصولية وحتى الارهابية المعارضة لأنظمة حكمها في دول المنطقة. حيث ان دورها يرتكز على التدخل في شؤون الآخرين، كما نرى في لبنان والعراق وفلسطين وغيرها. ويوجد تضامن فكري وسياسي ومذهبي وعنصري بينها وبين التيارات التي تدعمها هنا وهنالك لتحقيق اكبر قدر ممكن من أجنداتها السياسية من خلال التمسك بخيوط كثيرة للعب بها والمساومة عليها وقت الحاجة.

لنستبق الامور ولنر صورة جديدة في الحكم السوري المستقبلى بإتلاف جماعي لاحزاب المعارضة من دينية او قومية يسارية او يمنية. هل تعتقدون ان هذه التركيبة الفكرية ملائمة لوجود الكرد وائتلافهم مع هذه التركيبة؟
- المعارضة الكردية لا تمانع قيام ائتلاف عريض بين مختلف أطياف المعارضة السورية على قاعدة الدفاع عن الوطن السوري وتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية فيه، وكذلك على قاعدة الاعتراف بوجود الشعب الكردي في سوريا كثاني اكبر قومية في البلاد يعيش على ارض آبائه واجداده الأوائل، ومنح الكرد كل حقوقهم المترتبة على ذلك حسب ثقلهم او وجودهم السكاني، إضافة الى اجراء الاصلاحات او التغييرات حسب ما يراه الشعب السوري مناسباً له.

الدستور السوري قومي عربي صرف ويرى في شعار امة عربية واحدة وبرسالتها الخالدة فكرًا مقدسًا ومطلقًا هل ترون إمكانية تعايش القوميات الاخرى تحت هذه اليافطة ام انه يجب اجراء تغيير جذري في الدستور السوري؟
- الدستور السوري بال، ولا يجوز استمرار العمل بهذا الدستور، الذي يعتبر بحسب المادة الثامنة منه حزب البعث قائداً للدولة والمجتمع، إضافة الى انه يناقض الواقع الاجتماعي الفسيفسائي في البلاد، حينما يقول في احد بنوده ان كل من يعيش على تراب سوريا فهو عربي، وبذلك يتناقض هذا الدستور مع واقع وطبيعة الشعب السوري المتعدد الثقافات والاعراق والمكونات. من هنا لابد من تغيير هذا الدستور بما يتلائم وحقوق كل المكونات السورية، وبما يتلائم مع روح العصر، ويؤدي الى انسجام تام بين ابناء الوطن ويعزز الوحدة الوطنية في البلاد.

سوريا كدولة مواجهة مع إسرائيل، كانت ذريعة خلال عدد من العقود في كسب تأيد ومساندة الدول العربية والحركات السياسية العربية لها رغم عدم توقيعها معاهدة سلام مع اسرائيل. هل ترون ان أي نظام مستقبلي ديمقراطي في سوريا سيكون له توجهات سلمية لعقد صلح دائم وعادل مع اسرائيل؟
- اعتقد أن النظام الحالي يتاجر بقضية الجولان وقضية المواجهة مع اسرائيل، ويستعمل هذه الشعارات لتنفيس وضعه الداخلي، ولإلهاء الرأي العام الداخلي والعربي بحروب ومواجهات وعداوات وهمية مع هذا وذاك، واعتقد أن اي نظام ديمقراطي يحكم سوريا في المستقبل، سوف لم يمانع على تحقيق السلام مع اسرائيل، لاسترداد هضبة الجولان المحتلة، في حال كان هنالك استعداد من الطرف المقابل لإبرام اتفاقية في هذا الشأن، كما هو عليه الحال لدى دول الطوق الاخرى كمصر والاردن.

ما هو دور الشباب الكردي في المسيرات الاحتجاجية السلمية التي تدور رحاها في سوريا اليوم؟
- للشباب الكردي دور مهم ومفصلي في ما يجري في سوريا حالياُ من مظاهرات واحتجاجات، شأنه في ذلك شأن الشباب السوري الآخر، ورأينا جميعاً كيف نزل المئات من الشباب الكرد الى شوارع المدن الكردية في كردستان سوريا، كمدينتا قامشلو وعامودا قبل أيام للتضامن مع اخوتهم واشقائهم في باقي محافظات البلاد، ولا سيما في درعا واللاذقية، والمطالبة بإجراء الاصلاحات والتغييرات، على غرار ما يجري في المدن السورية الأخرى، ورأينا كيف دحض هؤلاء الشباب بمظاهراتهم السلمية، محاولات النظام التي كانت ترمي الى الايحاء للآخرين، بأن الكرد يقفون معه والى جانبه.

هل ترون ان للدور السلبي للقوى السياسية السورية تجاه الاحتجاجات الكردية كافة التي جرت سابقا اثرًا لموقف كردي موحد امام تغير النظام؟
- لا شك ان الكرد لا ينسون عدم وقوف الآخرين إلى جانبهم في محنتهم، خاصة ابان انتفاضة آذار/مارس 2004، حينما انتفض الكرد عن بكرة أبيهم من مدينة ديريك الى دمشق العاصمة، وقتل النظام العشرات من الشباب الكرد، وجرح مئات آخرين بدم بارد، حتى أخمد انتفاضتهم بقدوة الحديد والنار. لكن رغم ذلك فإن الكرد اعلنوا مراراً وتكراراً من خلال مجلسهم السياسي، الذي يضم تسعة أحزاب كردية ndash; أعلنوا- تضامنهم مع اخوانهم في حوران والساحل والداخل والعاصمة دمشق، واستنكروا ممارسات النظام تجاه المتظاهرين العزل، لا بل شاركوا في التظاهرات كما اسلفنا، ونزلوا الى الشوارع تضامناً مع اخوتهم السوريين.

هل سنرى إعلان إقليم كردستان في سوريا قريبًا؟
- سوريا مقبلة على إصلاحات وتغييرات كبيرة وجذرية كغيرها من دول المنطقة التي تهبّ عليها رياح التغيير، واعتقد أنها مقبلة على سيناريوهات محتملة عدة، بينها الفيدرالية او الكونفدرالية او الإدارات الذاتية او ما شابه ذلك، لذلك من غير المستبعد أن نجد إقليم كردستان سوريا في ظل تسارع الأحداث وتطوراتها السريعة والدراماتيكية.