أكد الكاتب والناشط السوري ثائر الناشف أن بشار الأسد أشرف على الافلاس السياسي، وان أجواء الفساد التي يشرف عليها نظامه لن تعيد السوريين الى منازلهم قبل تنحيه عن السلطة، واوضح الناشف في حديث لـ quot;إيلافquot; ان سوريا ما بعد الأسد ستعود بالوطن الى عصره الذهبي، الذي ازدهرت به الحريات والديمقراطية.
القاهرة: آلت دوائر المعارضة السورية المقيمة في مصر على نفسها ضرورة العمل من اجل تفعيل الاصلاحات السياسية في الداخل السوري، ورأى هؤلاء انه لا يمكن الوصول الى هذا الهدف من دون الاطاحة بنظام بشار الاسد.
وكان من بين هؤلاء الاعلامي والمفكر السياسي السوري ثائر الناشف، الذي اعتبر في حديث خاص لـ quot;إيلافquot; ان خطاب بشار امام مجلس النواب السوري لا يعدو كونه خطاباً فئوياً حمل الكثير من إشارات التهديد والوعيد.
وقال الناشف: quot;ان الاسد ظن انه سينطلي على شعبه ما يسرده من عبارات، مكانها الوحيد هو اجتماعات حزب البعث، وما برح ان اعقب خطابه بهجوم أجهزته الامنية على المتظاهرينquot;. إضافة الى حديث الناشف عن ابعاد وتفاصيل اخرى ذات صلة بالمشهد السوري في حواره من القاهرة مع quot;ايلافquot;.
هل اختلف موقف الشعب السوري من نظام بشار الأسد قبل خطاب الأربعاء؟
في الواقع لم يتبدل موقف الشعب السوري قبل خطاب بشار الأسد، ولا حتى بعده، نظراً إلى انعدام الثقة بين الشعب والنظام منذ أكثر من ثلاثة عقود، فعندما يتحدث النظام عن رفع حالة الطوارئ يكون كمن يناقض نفسه، لأنه يعلم أن بقاءه في الحكم قائم على هذا القانون الاستثنائي. وعليه فإن خطاب رأس النظام لم يضف شيئاً جديداً على كل خطاباته السابقة، كما ولم يحدد الخطوط العريضة لعملية الإصلاح، إنما كان خطاباً متهافتاً يفتقر الرؤية الدقيقة، عدا عن كونه خطاباً فئوياً حمل الكثير من إشارات التهديد والوعيد بالقول quot;من ليس معي فهو ضديquot;. وهذا غطاء واضح لأجهزته الأمنية لكي تشرع في علميات الاعتقال والقتل بلا هوادة.
هل اعتمد نظام الاسد استراتيجية معينة للتعاطي مع الظروف الجديدة التي تمر بها بلاده؟
استراتيجية نظام الأسد قائمة أصلاً على البطش والقمع بكل أشكاله ووسائله، وهذه الاستراتيجية ليست بجديدة على نظام الوريث، فقد استخدمها الأسد الأب في مطلع السبعينيات والثمانينات، وسار عليها نجله منذ تربعه على عرش السلطة. والملاحظ أنه لم يحدث أي تغيير في سياسة القمع التي يمارسها النظام ضد خيارات الشعب السوري في الحرية والعدالة والمساواة، والدليل الأبرز على تلك السياسة القمعية، استخدامه الأسلحة الثقيلة وللرصاص الحي وغاز الأعصاب المحرّم دولياً quot;الموتارquot; ضد المتظاهرين العزل في مختلف أنحاء المدن السورية، فالنظام السوري لا يختلف في سياسته القمعية عن أي نظام فاشي، لديه الاستعداد الكامل للتعامل بوحشية مقيتة مع مطالب المتظاهرين.
يلاحظ أن السيناريو الدائر حالياً في سوريا يتسق إلى حد كبير مع ما دار بين نظام مبارك وشعبه، فهل ستكون النهاية واحدة بالنسبة إلى نظام الأسد؟
ثمة اختلاف كبير بين نظامي الأسد ومبارك من حيث الأداء والأسلوب، وعلى أساس هذا الاختلاف، لا يمكننا التنبؤ بالنهاية المرتقبة لنظام الأسد أسوة بغيره من الأنظمة العربية، فنظام مبارك قد يلتقي من الناحية الشكلية مع نظام الأسد في ما يخص التعامل مع ثلاثية الفقر والفساد والبطالة. فالفساد المستشري في سوريا بفعل هيمنة أقارب الرئيس على الرأسمال والاستثمارات الوطنية يتشابه إلى حد كبير مع الفساد الذي كان ينخر جسد الدولة المصرية، نتيجة انخراط طبقة رجال الأعمال في مفاصل السلطة، وهو ما عرف حينها بزواج المال والسلطة.
لكن الاختلاف العميق بين النظامين، يتمثل في أن نظام الاسد وصل إلى السلطة بفعل انقلاب عسكري في 16 تشرين الثاني/نوفمبر عام 1970، في حين أن نظام مبارك كان امتداداً طبيعياً لنظام السادات، وقد وصل إلى الحكم بإجماع ومباركة المؤسسة العسكرية، وبالتالي فإن حالة القمع والمنع الموجودة في سوريا أشد بكثير مما هي عليه في مصر. من هنا لانستطيع أن نرسم الصورة التي تكونت في أذهاننا في ميدان التحرير ونقلها إلى ساحة الأمويين أو المرجة في دمشق، ولعل هذا ما يميز كل ثورة عربية على حده، فالنهاية واحدة، لكن الطرق تختلف من بلد إلى آخر.
المخطط الخارجي ورقة اعتمد عليها الأسد لتبرير ما تمر به بلاده من ثورات مناهضة له، ما مدى صحة هذا التبرير، وما موقف الشعب السوري منه؟
عندما كشف رئيس النظام السوري النقاب أمام حاشيته التي كانت متجمهرة في ما يسمى بمجلس الشعب، ظنّ أن الشعب السوري سيصدق روايته الركيكة التي زعم فيها أن سوريا تتعرض لمؤامرة خارجية أطرافها بعيدة وقريبة. من الواضح أن النظام السوري في حالة إفلاس كامل، وهو الآن يحاول الهروب إلى الأمام كغيره من الأنظمة الشمولية التي تركن إلى نظرية المؤامرة.
علينا أن نسأل النظام هنا، عن أي نظرية مؤامرة يتحدث، هل خروج الشباب من بيوتهم مؤامرة؟ وهل أصبح نداء الحرية مؤامرة ؟!
إذا ما أردنا أن نتحدث عن المؤامرة التي جبلت عليها عقلية النظام منذ ستينيات القرن الماضي، فإن أكبر مؤامرة مارسها النظام ضد الشعب السوري، تمثلت في إطلاق الرصاص الحي على صدور المتظاهرين العزل في مخالفة واضحة وصريحة لكل الأعراف والشرائع الدولية.
ما الدور الذي قد تلعبه إيران وحزب الله لحماية النظام السوري، وهل هناك مصلحة لنجاد ونصر الله في بقاء الأسد على رأس النظام، وما هي هذه المصلحة؟
لإيران مصلحة كبيرة في بقاء نظام الأسد في الحكم، فالعلاقات بين النظامين السوري والإيراني ليست علاقات عادية بين أي دولتين، وإنما هي قائمة على تحالف استراتيجي وثيق وعميق يصل إلى كل مفاصل الحكم. فحاجة النظامين إلى بعضهما بعضًا لا تنفصل، إذ تحتاج إيران بشار الأسد كقاعدة متقدمة بهدف تأمين نفوذها على الساحة العربية، وسوريا بالنسبة إلى إيران حلقة وصل أساسية وممر حيوي لإمداد حزب الله بكل ما يحتاجه من دعم لوجيستي. أما عن حاجة الأسد الابن لإيران، فتتمثل في الحماية السياسية والأمنية التي توفرها إيران لنظامه، فضلاً عن الاستثمارات والمشاريع والأموال التي يتحصل عليها من إيران.
وعليه فإن سقوط نظام الأسد سيؤثر بشكل كبير على المشروع الإيراني في المنطقة، وقد ينكفئ ذلك المشروع إلى داخل الحدود الإيرانية، حينها سيتغيّر وجه المنطقة، وستتغير معه قواعد اللعبة الإقليمية بشكل جذري وحاسم.
ما المشهد الذي قد تبدو عليه سوريا في حال الإطاحة بنظام بشار الأسد على الصعيدين الداخلي والخارجي؟
قبل وصول نظام الأسد إلى سدة الحكم، وقبل فرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية، عاشت سوريا في خمسينيات القرن الماضي فترة ذهبية، عرفت فيها الأحزاب وتداول السلطة والانتخابات النزيهة، وكذلك المجتمع المدني والصحافة الحرة، لهذا لا اعتقد أن المشهد السوري ما بعد حكم عائلة الأسد سيكون بعيداً من صورة المشهد الوطني، الذي عرفته سوريا في تلك الفترة الذهبية من تاريخها المعاصر.
هناك حديث عن احتمالات تقسيم سورية إلى دولتين بعد زوال حكم الاسد، إحداهما علوية وأخرى سنية، ما مدى صحة هذه التقديرات، وكيف ستتعامل معها سوريا ما بعد بشار؟
الحديث عن تقسيم سوريا إلى دولتين أو دويلات عدة، حديث بعيد من الواقع، رغم أن العمل فيه قد جرى في عشرينيات القرن الماضي، عندما شرعت سلطات الانتداب الفرنسي بتقسيم سوريا إلى خمس دويلات، تنفيذاً لسياسة فرّق تسد، لكن تلك المحاولة باءت بالفشل، ولم يكتب لها النجاح، لذلك لا مجال البتة للحديث عن تقسيم سوريا إلى دويلات. كما إن الحائل دون أي تقسيم محتمل للخريطة السورية، يتجلى في النسيج الاجتماعي المتماسك والمتلاحم بين مختلف مكوناته العرقية والمذهبية، وسيزداد هذا التماسك والتلاحم بعيد رحيل النظام عن الحكم.
بالانتقال إلى الملف السوري الإسرائيلي، ما هي إخفاقات نظام الأسد في التعامل معه، وما هو مستقبل الجولان بعد وصول قوى أخرى إلى الحكم في سورية ؟
كانت هناك فرص عديدة لبلوغ عملية السلام، إلا أن النظام السوري لم يستثمرها بالشكل الأمثل، وكان بالإمكان عودة الجولان كاملاً إلى السيادة السورية، لو أن حافظ الأسد سار في طريق السلام بلا تردد أو تهاون، لكنه فضّل البقاء على حالة اللاسلم واللاحرب، لأن السلام ينطوي على استحقاقات كثيرة ينتظرها الشعب السوري بفارغ الصبر، وعلى رأسها إطلاق الحريات العامة وتحسين معيشة المواطن ورفع مستويات التنمية، كما إن السلام يسحب منه شعارات المقاومة والممانعة التي يدعيها ويتاجر بها باسم القضية الفلسطينية.
يجب أن لا نغفل عن مسؤولية حافظ الأسد في احتلال الجولان في عام 1967، عندما كان وزيراً للدفاع، والسؤال الآن، كيف لنظام تخاذل في الدفاع عن الجولان أن يسعى إلى استعادته، وهو يعلم أن السلام مع إسرائيل يسحب من يده الكثير من الأوراق التي يلعب بها على ساحة المنطقة؟
لذلك فإن مستقبل الجولان في مرحلة ما بعد نظام الأسد، سيكون أفضل بكثير مما هو عليه الآن، لأن أي نظام حكم جديد ستكون له الشرعية الكاملة والجرأة الكافية لاستعادة الجولان كاملاً ضمن المرجعيات المعتمدة في مؤتمر مدريد وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
هل هناك استراتيجيات تضعها القوى السورية في الخارح، مثل عبد الحليم خدام ورفعت الأسد، للعب دور في سوريا قبل وبعد الإطاحة بنظام الأسد؟
ليس هناك أي استراتيجيات جديدة لدى القوى السورية في الخارج، فخدام الذي انشق عن نظام الأسد، أعلن أنه لا يريد العودة إلى السلطة ضمن أي نظام جديد، كما إن رفعت الأسد الذي خرج من سوريا على وقع الخلاف الحاد مع شقيقه حافظ، لا يملك أي رصيد شعبي في أوساط المجتمع السوري، وبالتالي لا يمكن الحديث مسبقاً عن أي دور سياسي لقوى بعينها. فليس التغيير الذي يسعى إليه الشعب السوري يعني إعادة انتاج المرحلة السابقة بكل رموزها وقواها السياسية، بل هو من صنع الشعب السوري الذي سيفرز قواه السياسية من خلال صناديق الاقتراع.
التعليقات