منذ أكثر من 10 سنوات مضت أتذكر كنت قد زرتك في دار الإفتاء في مدينة حلب و كنت وقتئذ مفتي المدينة // و الآن أصبحت مفتي الجمهورية...!! //، و الحق يقال أنك استقبلتني بحفاوة. و لا أدري أن هذه الحفاوة مازالت موجودة أم لا..

استقبلتني ليس إبراهيم إبراهيم ككاتب صحفي كردي سوري بل و عضو مستقل في المجلس العام للتحالف الديمقراطي الكردي في سورية و تناقشنا و تبادلنا الآراء في الكثير من المواضيع و القضايا الداخلية المتعلقة من قضايا الإصلاح و محاربة الفساد و الرشوة المنتشرة في جسد مؤسسات الدولة العسكرية و المدنية و كنت متفقاً بكل ما تحدثنا و خاصة فيما يتعلق بحقوق الوطن و المواطنة و أتذكر 2001 و في محاضرة للدكتور طيب تيزيني في قاعة السكك الحديدية في حلب وعن الإصلاح و التغيير في سورية و طرح الدكتور طيب مشاركة السوريين جميعاً في عملية التغيير وقتها سألت الدكتور طيب كيف للأكراد أن يشاركوا عملية التغيير و هم مخونون و متآمرون و الطلبة الكرد يفصلون من المدارس و الجامعات، تم فصل 5 طلبة كورد من معهد إعداد المعلمين في مدينة عفرين الكردية عام 2001. و تقدم مني أحد عناصر الأمن السياسي في سورية في القاعة ثم ناديتك و ناديت الدكتور طيب و قلت تعالوا وشوفو عملية التغيير و بالفعل جيئت و دافعت عني مشكوراً، إذ دافعت عني و عن حقي كسوري و ككردي سوري أيضاً لأنك مقتنع بصوابية رأي و خطأ ممارساتهم، كنت مقتنعا بأن الحرية و الديمقراطية هي حق طبيعي من حقوق المواطن السوري عامة و الكردي خاصة و الآن تخرج على الفضائيات في مقابلتك الأخيرة على فضائية الجزيرة القطرية وتدافع عن من سلب الشعب حقه من سجن و قمع لا بل تؤدي رسالتهم و تخوّن الشعب و تتهم بالتآمر على سورية..!!

و أتذكر جيداً أنك قلت لي أتمنى من كل الأكراد السوريين ان يكونوا واقعيين و وطنيين مثلك، فقلت لك أن كل الأكراد سوريين مثلي و أنا اكثرهم تشدداً في طرحي السياسي. و الآن أيها الصديق القديم أنا خائن لسوريا و فتّان و محرض كما يقولون أصدقاؤك أو رفاقك الجدد.

لكن...قلت لك أن النظام عمل دائماً و جاهداً أن يشيع غير ذلك عن الأكراد و اتفقنا آنذاك لعقد لقاءات بيننا و بشكل مستمر و نقلت ما جرى في لقائنا إلى الأخوة في التحالف الديمقراطي الكردي و أسعدوا بالخبر و شكلنا لجنة من التحالف للقاء بك و بالآخرين مثل المطران يوحنا ابراهيم و الدكتور محمود عكام و كانت اللجنة مؤلفة من الأخوة على ما أتذكر من أحمد قاسم عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي // آنذاك// و الأخ العزيز و الأسير الآن في سجون الأجهزة الأمنية مصطفى جمعة الأمين العام لحزب الإتحاد الشعبي الكردي أيضاً // آنذاك // فك الله أسره...!! و عبد الرحمن أحمد كعضو مستقل و نوري بريمو عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة اليمقراطي // آنذاك // و غيرهم و عقدنا الكثير من الجلسات في مكتبك في جامع الروضة بحلب.

و قتها كنت تلتقي بالرئيس بشار الأسد و كنت تعدنا دائماً بأنكم يجب أن تلتقوا به و تشرحوا له معاناتكم و قضيتكم التي هي بالنتيجة ستحل في دمشق و ليس في أية عاصمة أخرى و علينا كسوريين أن نصحح و نوضح حقيقة الصورة الكردية في سورية و ندحض كل الإفتراءات و الإتهامات الباطلة التي تلصق بالأخوة الأكراد و أن نقرب بين أبناء الوطن الواحد و أن لم و لن يسجل التاريخ لخيانة واحدة من سوري واحد.

و الآن أيها الصديق الغائب في قعر النظام السوري تأتي و تتهم بما كنت تطلب به أنت بالتآمر و الإرتباط بالخارج. و كنت تزرع الأمل في نفوسنا و تعطينا دائماً الإشارات بقرب حل مسألة الأكراد المجردين في الجزيرة وبقرب الإنفتاح على الشعب السوري طبعاً عمر هذا الكلام أكثر من 10 سنوات و ما زال الشعب يتنظر، و كنت تقول أن الرئيس بشار شاب طموح و منفتح و أتصور أن الكثير من الأمور غير الطبيعية مثل الإعتقالات التعسفية و كبت الحرية ستنتهي، ثم جاءت إنتفاضة الكرد في 2004 في الوقت الذي كنت قد حذرتكم أنت و من المقربين لبشار الأسد بأن الأكراد لم يعد يتحملوا و أن الوضع سينفجر.. و انفجر الوضع و راح أكثر من 50 شهيداً كردياً لا بل سورياً..!!

و مضى 6 سنوات و الواقع كما هو قانون الطوارئ و الأحكام العرفية و الرشوة و الفساد و القضية الكردية تزداد تعقيداً و الشباب جمرة تحت رماد التنكيل و القمع السلطوي و تخرج إلى الفضائيات لتدافع جهة هي الوحيدة المسؤولة عن ما جرى و ما سجري و القادم أخطر. لم يمض الوقت أيها الشيخ المفتي و عليك أن تلحق الشعب بفتوى الحرية و الديمقراطية، بفتوى أن نعود و يعود كل سوري إلى الوطن بعيداً عن الخوف و السؤال في المطار، لقد اشتقنا لحلب و دمشق و حمص.

كاتب سوري مقيم في الدنمارك