قلّل محللون من أهمية لغة التصعيد الإسرائيلية بشأن إعلان حرب على القطاع، مؤكدين أن ما يحدث في العالم العربي سيمنع تل أبيب من إعلان الحرب، فيما ترى حركة حماس أن إسرائيل تشنّ حملة تصعيدية كبيرة في غزة.


حنين عويس: تنذر العمليات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة علىقطاع غزة منذ 72 ساعة، بإمكانية شنّ حرب واسعة على القطاع. إذ إن تصعيدًا خطرًايلوذ بالمنطقة، أهمها ما يهدد استقرار المنطقة، ويتزامن ذلك مع محاولات لإنهاء الإنقسام الفلسطيني الداخلي، وتحقيق الوفاق والوحدة الداخلية، إضافة إلى الجهود المعلنة لانتزاع قرار دولي يطالب بإعلان دولة فلسطينية على حدود عام 1967.

ردود الفعل المتجاذبة بين جميع الأطراف، سواء الفلسطينية أو الإسرائيلية أو الشرق أوسطية أو الأوروبية أو الأميركية، لم تتوصل حتى الساعة إلى اتفاق، يلزم إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية، رغم إعلان التهدئة الذي أبرمته كل الفصائل الفلسطينية قبل يومين.

حرب.. لا حرب..
تحليلات سياسية تتوقع الاستمرار في الهجوم العسكري على القطاع، مما سيؤزّم الوضع في غزة أكثر فأكثر، والذي سيقود الى حرب، لن تُعرف نتائجها الآن، إلا أن المحلل السياسي الفلسطيني، هشام أحمد، قال لـ quot;إيلافquot; مشيرًا إلى أن الوضع السياسي الذي يحيط بالمنطقة لا يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لاتخاذ قرارات غير مسؤولة قد تندم عليها في المستقبل القريب. لذا فهي تنتهج سياسة العمليات العسكرية غير الموسعة خوفًا من ردود الفعل، سواء الداخلية أو الخارجية، وهي الأخطر من وجهة نظره.

وأضافأن الأوضاع في الدول العربية تمنع إسرائيل عن المضي قدمًا نحو التلويح بشنّ حرب ضد غزة، وإنما فهي تتخذ من quot;مفهوم الردعquot; حجة لاستمرار عملياتها العسكرية غير الموسعة للقضاء على quot;بؤر المقاومةquot;.

من جهته، وصف القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس، صلاح البردويل، لـquot;إيلافquot;، الوضع في المنطقة بأنه أشبه بالحرب الموسعة، إذ إن إسرائيل لم تتوقف منذ 72 ساعة عن القصف، ولم تمتنع عن التلويح بخيار الاجتياح وقتل المزيد من الضحايا والمواطنين.

مضيفًا quot;إسرائيل تتوجه نحو المزيد من الاغتيالات والجرائم والتصعيد بحجة القضاء على quot;خلايا الإرهابquot; في غزة، والحدّ من عمليات خطف الجنود الإسرائيليين، ومنع أي عمليات عسكرية في سيناء مصر، معلقًا quot;وكأن إسرائيل هي حامية سيادة سيناء ومصرquot;، مما سيؤدي بالمنطقة إلى وضع أكثر سوءًاquot;.

من جهته، اعتبر لؤي المدهون، عضو المكتب السياسي لحزب فدا، في بيان وصلت إلىquot;إيلافquot; نسخة منه، أن التصعيد العسكري الإسرائيلي واستهداف المواطنين المدنيين بالقصف المدفعي العشوائي بأنه quot;إرهاب دولة منظم وحملة إبادة جماعية تمارسها حكومة نتنياهو ضد أبناء شعبنا الفلسطينيquot;.

هناك أهداف سياسية وأمنية من هذا التصعيد
ويرى المحلل هشام أحمد، أن إسرائيل تشنّ عملياتها العسكرية مستبقة الأحداث والتطورات، فهناك أهداف سياسية وميدانية من وراء هذا التصعيد. وقال: إنquot;الحراك الشعبي الداخلي الذي يقود إلى إعلان الوفاق الفلسطيني بين فتح وحماس، والذي جاء واضحًا وجليًا في الدعوة التي تقدم بها رئيس الوزراء السابق، إسماعيل هنية، وقبله الرئيس الفلسطيني محمود عباس، سيشكل قوة ضغط موحدة داخليًا وخارجيًا، من الممكن أن تنتزع قرار دولي بإعلان دولة فلسطينية على حدود عام 1967، والذي يهدد الدولة الإسرائيلية واستقلالهاquot;.

هذا ونفى صلاح البردويل إمكانية حصول الفلسطينيين على القرار الدولي في هذا الشأن، مشيرًا الى أن quot;بطاقة الفيتوquot; الاميركي ستكون جاهزة بالمرصاد أمام أي قرار سيقف مع القضية الفلسطينية وضد إسرائيل ولو ضمنيًا ومعنويًا. وأضاف:quot; خصوصًا وأن القيادة الفلسطينية تحولت في سياستها من مفاوض للجانب الإسرائيلي إلى ضاغط لدحر الاحتلالquot;.

من جانب آخر، ربط القيادي البردويل بين الأحداث وتقرير المحقق الدولي في أحداث حرب غزة غولديستون، قائلاً: quot; إن إسرائيل تشنّ حملة عالمية لكسب ردود فعل دولية على تقرير غولدستون، مصرّة ومشددة على كلمة quot;لوquot; التي جاءت في تقريره، على النحو التالي quot;إنه كان من الممكن أن تتغير النتائج لو قدمت إسرائيل تقريرها منذ البدايةquot;.

وكان قد ذكر الموقع الالكتروني لصحيفة quot;هارتسquot; الإسرائيلية، أن الأمين العام للأمم المتحدة رفض خلال لقائه مع الرئيس الإسرائيلي سحب أو إلغاء تقرير غولدستون، الذي اتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة خلال حرب quot;الرصاص المصبوبquot;. وطالب بيرس بأن يقوم بسحب التقرير في ظل تراجع quot;غولدستونquot; عن تقريره في مقال نشره الأسبوع الماضي في صحيفة واشنطن بوست، إلا أن الأمين العام رفض ذلك بشدة.

وكانت صحيفة quot;الإندبندنتquot; البريطانية قد أكدت في وقت سابق أن الحملة التي تشنّها إسرائيل على نتائج تقرير الأمم المتحدة، حول الهجوم على قطاع غزة قبل عامين تهدف إلى إبطاله. وأوضحت الصحيفة، أن هذه الحملة بدأت عقب تراجع القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون عن مجموعة من الاستنتاجات التي خلص إليها تقريره حول ملابسات تلك الحرب، والتي أدان فيها إسرائيل. وكان غولدستون قد قال لصحيفة quot;واشنطن بوستquot; إنه يملك الآن معطيات جديدة عما جرى في ذلك الهجوم، من شأنها أن تؤدي إلى تقرير مختلف عن السابق.

هدنة الفصائل مرهونة بفهم إسرائيل
هدنة الفصائل الفلسطينية بحسب صلاح البردويل، قد تفهم برسالتين بالنسبة إلى حكومة إسرائيل، إما لمصلحها.. مما سيقود المنطقة إلى التهدئة ووقف العمليات العسكرية، والتزام الفصائل بهدوئها النسبي... وإما أن تعتبره تصعيدًا، مما سيقود الفصائل إلى الرد وبعنف على كل الاغتيالات، التي أدت إلى مقتل 18 مواطنًا في غزة، سيؤثر على إسرائيل بشكل سلبي وأثر عكسي.

ورفض البردويل، ما وصفه بـquot;الادعاءات الإسرائيليةquot;، التي حمَّلت حماس المسؤولية عن استمرار التصعيد العسكري على القطاع، وحذرت من أنها لن تقف quot;مكتوفة الأيديquot; في حال استمرارهquot;.

واتهم المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري - في مؤتمر صحافي عقده في غزة- إسرائيل بالإصرار على التمسك بالتصعيد على قطاع غزة quot;وعدم الاكتراث بسياسة ضبط النفس التي أبدتها فصائل المقاومة في القطاعquot;. قائلاً quot;حركة حماس تحذر الاحتلال الإسرائيلي من الاستمرار في جرائمه لأن الحركة لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء استمرار التصعيد، وعلى الاحتلال أن يدرس عواقب جرائمه قبل الاستمرار فيهاquot;.

وأضاف quot;على إثر تصعيد الغارات الجوية والهجمات العسكرية على غزة، وضعت حماس قواتها الأمنية وخدمات الطوارئ في حالة تأهب على مدار الساعة في خضم السجال الدموي بين الطرفينquot;.

إسرائيل تخشى الوفاق الفلسطيني المصري
وتستغل إسرائيل انشغال الإعلام الدولي بما يسمّى بـquot;الربيع العربيquot;، والمواجهات الداخلية في دول الشرق الأوسط، لتقوم باعتداءاتها في قطاع غزة، وبتوسيع الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية عامة. هذا ما أكد عليه البردويل quot;التغيرات في الأوضاع العربية والثورات تشكل مزيدًا من الرعب الذي يهدد إسرائيل، وخصوصًا بعد ما أبرم أخيرًا بين الفصائل والحكومة الفلسطينية والحكومة المصرية بعد الثورة وإسقاط نظام مباركquot;.

ويشير أحمد لـquot;إيلافquot;، إلى أن الحكومة الإسرائيلية تخشى العلاقات الفلسطينية المصرية، مركزًا على قضية الحدود واتفاقيات التعاون، التي قد تبرم في المستقبل القريب، بين الجانبين الفلسطيني والمصري لفكّ الحصار عن غزة.

تحركات المجتمع الدولي

أبدى البردويل تخوفه من ردود الفعل الدولية، quot;التي جاءت مخيبة لآمال الشعب الفلسطيني، وغير شافية لشعب يرزح تحت الاحتلال، مستغلاً كل المواثيق للمضي قدمًا في عملياتها العسكرية لقتل المدنين، بحصولها على الخط الأخضر من الولايات المتحدةquot;.

وطالبالمجتمع الدولي أن يتحرك لوقف هذا الهجوم، قبل أن يتحول إلى مجزرة، لأن القادة الإسرائيليين مصممون على مواصلة التصعيد مهما كانت الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين. في المقابل، فقد وافقت الفصائل الفلسطينية على التهدئة، وبالتالي فإن التصعيد الإسرائيلي غير مبرر خصوصًا بعد العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين الذين سقطوا خلال الأيام الأخيرة. ورأى أنه على العالم أن يضع حدًا لغرور القوة الإسرائيلي، وأن يضغط في اتجاه السلام العادل، الذي تريد الحكومة الإسرائيلية الالتفاف حوله من خلال هذه الاعتداءات الممنهجة التي لا داعي لها على الإطلاق.

من جهته، طالب المدهون المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وquot;إنقاذه من خطر الإرهاب الإسرائيلي، والضغط على حكومة نتنياهو اليمينية لوقف عدوانها وتصعيدها العسكري غير المبرر ضد الشعب الفلسطيني، الهادف إلى نسف التحركات والجهود السياسية الدولية المبذولة لإعادة عملية السلام على مسارها الصحيح على أساس قرارات الشرعية الدولية 242، 338، 194quot;.