لم تعد تكترث صفية عبد الله، وهي امرأة أميركية منقبة اعتنقت الإسلام عام 1975، بنظرات المحيطين بها بسبب ارتدائها لذلك الزى الإسلامي. وحول الواقع الذي تعيشه صفية، وغيرها من السيدات الأميركيات القليلات اللواتي اخترن ارتداء النقاب، بين ما يتعرضن له من مضايقات في بعض الأحيان وتعاطف في أحيان أخرى، خصصت اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية تقريراً مطولاً ألقت من خلاله الضوء على هذا الأمر، ونقلت في هذا السياق عن صفية، التي تبلغ من العمر 55 عاماً، قولها :quot; لم أعد ألاحظ في حقيقة الأمر ردود فعل الناس، إلا إذا قالوا ثمة شيءquot;.

وصفية من مواليد شيكاغو، وهي باحثة علوم اجتماعية، وتعيش في منطقة واشنطن منذ أكثر من 30 عاماً، وطيلة هذه المدة، لم ير أحد وجهها تقريباً. وهذا النقاب الذي ترتديه صفية هو نفس غطاء الوجه الإسلامي الذي أعلنت فرنسا مطلع الأسبوع الجاري أنه من المحظور ارتدائه في الأماكن العامة. وهو القرار الذي أثار جدلاً واسعاً هناك، مع الإعلان عن تغريم سيدة واحدة هناك على الأقل بموجب ذلك الحظر الجديد، وإلقاء القبض على سيدات أخريات أثناء احتجاجهن على ذلك الحظر في باريس.

وفي الولايات المتحدة، دعا بعض المسلمين الغاضبين إلى مقاطعة البضائع الفرنسية، في حين عبر آخرون عن موافقتهم على حظر ارتداء تلك القطعة التي يعتبرونها قمعية. وتحدثت صفية في الإطار ذاته عن أنه ومنذ ارتدائها للنقاب بعد مرور فترة قصيرة على اعتناقها الإسلام، كانت تواجه في خروجاتها اليومية مزيجاً من المضايقات والتعاطف والراحة والإبعاد. وقد حظيت حالة صفية باهتمام من جانب المسؤولين في مجلس العلاقات الإسلامية ndash; الأميركية ( كير ) ndash; وهي جماعة تعني بالحقوق المدنية وتتخذ من واشنطن مقراً لها. وسبق للمجلس أن أخذ على عاتقه مهمة الدفاع عما يقرب من 40 حالة لسيدات ترتدي النقاب منذ العام 2008، من بينهن حالات كانت تحاول البنوك والمتاجر والمدارس أن تحظر ارتداء النقاب فيها.

ولفتت الصحيفة في نفس السياق إلى تلك الشكوى التي تقدمت بها سيدة للمجلس يوم الجمعة الماضي، بعد أن دخلت في مشاجرة أمام أبواب قاعدة أندروز الجوية أثناء زيارتها لابنتها المريضة التي تعيش هناك. وتساءلت تلك السيدة، وتدعى مالكة أمة الله والتي ترتدي النقاب، عن سر الاشتباه فيها وفي سلوكياتها، حيث قالت quot; ما الذي يجعلني موضعاً للاشتباه، ملابسي ؟ quot;. ومع هذا، لفتت الصحيفة إلى أن مثل هؤلاء السيدات يحظين كذلك بتعاطف. وهنا، عاودت صفية لتقول quot;حقيقةً، أنا في غاية الارتياح هنا. قد يحدث ثمة شيء أو يتحدث البعض بثمة أشياء في 20% من الوقت. لكن معظم الناس جيدون. والمنطقة هنا متحضرة ومتنوعة للغايةquot;.

كما تحدثت صفية عن إجراءات التفتيش المكثفة التي تتعرض لها عند التوجه إلى المطار، حيث تكون من أوائل الأشخاص الذين يقع عليهم الاختيار بطريق عشوائية للخضوع للفحص. وقالت إنها لا تهتم عندما يُطلب منها أن ترفع النقاب وأن تظهر جواز سفرها لمسؤولي أمن من السيدات، طالما أن ذلك يتم بعيداً عن أعين الضباط الرجال. وأوضحت صفية أيضاً أن تغطية نفسها أمام جميع الغرباء يسمح لها بالتواصل والتفاعل مع العالم وفقاً لرؤيتها الخاصة، مؤكدةً أن ارتداء النقاب هو خيارها.