إحدى التظاهرات في درعا

أكد ناشط حقوقي وأكاديمي سوري أنه لا يتوقع أن يدعو أحد من وزراء الحكومة الجديدة الى التغيير، معتبرًا أنّ لا أحد بينهم معروف بسجله الاصلاحي. ويستبعد الناشطون أن تأتي الاصلاحات المنشودة على يد الحكومة التي أعلن عنها الأمس.


نيويورك: اتخذ نظام الرئيس بشار الأسد جملة خطوات تحسبًا لمزيد من الاحتجاجات اليوم الجمعة، منها العفو عن بعض السجناء. ويرى مراقبون أن هذه الاجراءات محاولة لتهدئة الأعداد المتزايدة من المتظاهرين الذين نزلوا الى الشوارع في الاسابيع الماضية.

كما سحبت السلطة قوى الأمن المرهوبة من مدينة بانياس الساحلية واستعاضت عنها بقوات من الجيش. والتقى الأسد وجهاء من مدينة درعا حيث بدأت الحركة المطالبة بالاصلاح الديمقراطي في منتصف آذار مارس، واقال الحكومة السابقة لتشكيل حكومة جديدة.

ولكن ناشطين حقوقيين أكدوا في غمرة الاعلان عن هذه التغييرات أن منظمي حركة الاحتجاج في درعا ما زالوا مستهدفين بالاعتقالات، واستبعد ناشطون أن تأتي الاصلاحات المنشودة على يد الحكومة الجديدة التي تضم بعض الوجوه القديمة بين وزرائها.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن ناشطين انهم يشكُّون في ان تكون هذه التغييرات كافية لإسكات المطالبين بالاصلاح الديمقراطي، وفي بعض الحالات بتنحية الرئيس نفسه.

ربيع دمشق: نار في عرين الأسد!

ويتكهن مراقبون ان الاجراءات الأخيرة التي جاءت وسط انباء عن اندلاع احتجاجات جديدة في مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، تأتي في اطار مسعى لاستباق تظاهرات الجمعة الذي اصبح يوم خروج اوسع الاحتجاجات المناوئة للحكم سواء في سوريا أو في بلدان عربية أخرى.

وقال المؤرخ السوري عمرو العزم لصحيفة نيويورك تايمز quot;ان هذه جزء من جملة جهود يبذلها نظام الحكم لإرضاء الناس وتهدئتهمquot;. واشارت الناشطة الحقوقية رزان زيتونة في اتصال هاتفي مع نيويورك تايمز من دمشق الى ان من غير الواضح ما إذا كان نشر الجيش في بانياس بدلاً من قوى الأمن خطوة quot;ايجابية أو سلبيةquot;.

ولاحظت زيتونة أن النظرة الى الجيش السوري الذي يخدم فيه جميع الشباب السوريين أكثر إيجابية منها إلى إجهزة أمن الدولة المكروهة. وقالت الناشطة الحقوقية quot;لكنهم يقولون ان الجيش سيمنع الاحتجاجات في المستقبل ونحن لا نعرف كيف سيكون رد فعل المواطنين غدًاquot;.

وقال رجل أعمال من درعا إن أحد أقربائه كان ضمن الوفد الذي التقى الرئيس الأسد الى جانب زعماء قبائل وناشطين اجتماعيين وعلماء دين. واضاف ان الاجتماع استمر نحو ثلاث ساعات وان الوفد quot;بحث غالبية القضايا بانفتاح وحريةquot;.

ونقلت نيويورك تايمز عن رجل الأعمال الذي طلب عدم ذكر اسمه خوفًا على سلامته quot;ان الرئيس كان وديًّا للغاية خلال الاجتماع واستمع بأذن صاغيةquot;. بل ان الرئيس قال لهم انه شاهد كيف دمر اشخاص من درعا تمثال والده وملصقاته هو واضاف: quot;لا تقلقوا. سأسامح كما يسامح الأب ابناءهquot;.

ولكن الناشطة زيتونة، منسقة رابط معلومات حقوق الانسان، قالت إنه على الرغم من اللغة التصالحية التي سادت اللقاء فإن شهودا ابلغوا منظماتهم ان عشرة على الأقل من منظمي حركة الاحتجاج في درعا تعرضوا الى الاعتقال فيما كان وجهاء المدينة يجتمعون مع الرئيس الأسد.

وقال وسام طريف مدير منظمة quot;انسانquot; التنفيذي ان منظمته المدافعة عن حقوق الانسان ايضًا تلقت تقارير عن وقوع اعتقالات. وتساءل طريف عن سبب اعتقال المواطنين في القرى إذا كانت السلطة تحاول التوصل الى اتفاق مع اهل درعا.

وجاء تشكيل الحكومة السورية الجديدة بعد اسبوعين على اقالة الحكومة السابقة. ولكن التغيير ليس جذريا كما كان يأمل بعضهم. فإن وزيرين على الأقل من وزراء الحكومة السابقة احتفظا بحقيبتيهما في الحكومة الجديدة هما وزير الخارجية وليد المعلم ووزير الدفاع علي حبيب.

وقال رضوان زيادة وهو ناشط حقوقي واكاديمي زائر في جامعة جورج واشنطن انه لا يتوقع ان يدعو احد من وزراء الحكومة الجديدة الى التغيير. وتحدث زيادة عن الوزراء الجدد مشيرًا الى ان لا احد بينهم معروف بسجله الاصلاحي وتنفيذ اصلاحات على الأرض. وقال زيادة انه لا يعرف ايضا كم عدد السجناء السياسيين المشمولين بالعفو عن المعتقلين لمشاركتهم في الاحتجاجات الأخيرة. ولاحظ quot;ان الا أحد يعرف كم عددهم. إذ لا تُنشر ارقام بالمرةquot;.

من جهة اخرى نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن فادي سالم وهو سوري من حلب يعمل مدير برنامج الحوكمة والابتكار في كلية دبي للادارة الحكومية، قوله ان غالبية السوريين ما زالوا يؤيدون الرئيس الأسد على الرغم من الاحتجاجات. وحذر من quot;التبسيط والرومانسيةquot; بتصوير الوضع على انه الشعب في مواجهة السلطات. وقال ان القضية اعقد بكثير.

واعرب سالم عن اعتقاده بأن كثيرًا من السوريين يعتبرون الأسد اصلاحيًا في نظام مهترئ منوهًا بتسارع وتيرة الاصلاح في سوريا خلال الاسابيع الأخيرة، وخصوصًا التغيير الذي طرأ على الاعلام الرسمي حيث تجري نقاشات حيوية حول الفساد وقانون الطوارئ وتناقش اللجنة المشكلة رسميًا، الغاء القانون على التلفزيون الرسمي وترد على اسئلة المواطنين، بحسب سالم. فان مثل هذا النقاش ما كان ليمكن تخيله حتى وقت قريب.