أقرّت حكومة كردستان العراق بعد ساعات من إصابة متظاهرين برصاص قوات الأمن بأن أعمال العنف والتظاهرات في الاقليم قد وصلت إلى مرحلة خطرة، ودعت المعارضة الكردية الى الحوار والتفاوض السلمي وعدم اللجوء الى العنف لتسوية المشاكل. وأكدت أن قوات الامن لن تطلق النار على المتظاهرين، لكنها ستمنع أعمال العنف خلال احتجاجاتهم .. فيما وصف الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر قرار الحكومة بحصر تظاهرات الاحتجاج في ثلاثة ملاعب في بغداد بأنه سخيف ومناف للديمقراطية وينمّ عن خوف.


قالت حكومة اقليم كردستان عقب اجتماع لها بعد ساعات من تظاهرات شهدتها مدينة السليمانية الشمالية اسفرت عن إصابة عدد من الطلاب برصاص الأمن الكردي واعتقال ناشطين انه منذ اكثر من شهرين تمر هذه المدينة وبعض المناطق التابعة لها بظروف صعبة quot;حيث يقوم بعض الاشخاص من بين المتظاهرين بتحريف مسار التظاهرات نحو العنف وخلق الفوضى، وذلك وفق برنامج مدروس وبالنتيجة تراق دماء ابناء كوردستان وتعرقل حياة ومعيشة المواطنينquot;.

واضافت انها ومنذ بدء هذه الأوضاع أصدرت تعليماتها وأوامرها الى قوات الشرطة والآسايش أن تتصرف في إطار القانون والتعليمات المعمول بها، وكذلك أن تعمل الأطراف السياسية لتهدئة الأوضاع عن طريق الحوار والتفاوض لتهيئة الأرضية الحقيقية لإجراء الاصلاحات التي تصبّ في مصلحة المواطنين ومعالجة النواقص في كردستان، وخلق أجواء سياسية ملائمة للبدء بالحوار بين القوى السياسية.

ولأجل تحقيق هذا الهدف أعلنت حكومة الإقليم عن استعدادها تنظيم واجراء أي مفاوضات وحوارات بين الأحزاب المشاركة في الحكومة والمعارضة، التي نتج منها الاجتماع الخماسي المشترك بين (الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والاتحاد الاسلامي الكردستاني والجماعة الاسلامية وحركة التغيير).

وقالت انه اضافة الى ذلك، فقد أعربت حكومة الاقليم عن استعدادها الكامل لتنفيذ النقاط الـ17 الواردة في قرار برلمان كردستان، كما أجاب رئيس الحكومة برهم صالح في رسالة له الى المجلس المؤقت لمتظاهري ساحة السراي في السليمانية بصورة ايجابية على مطالبهم quot;وهذا يعني أن الحكومة استمعت عن قرب الى مطالب المتظاهرين، وأعلنت استعدادها لتنفيذ مطالبهم المشروعةquot;.

واوضحت الحكومة في بيان لها الليلة الماضية ان رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني أبدى في أكثر من موقف استعداده إجراء الاصلاحات والاستجابة لمطالب المتظاهرين وأحزاب المعارضة، بما فيها اجراء انتخابات مبكرة، وأعلن عن برنامج شامل يتضمن اجراء اصلاحات لازمة ومعالجة المشاكل، بحيث تكون محل قبول جميع الأطراف.

واشارت الى ان كل هذا الاستعداد والتعامل الواقعي لحكومة الاقليم لم تؤد الى تهدئة الأوضاع وتهيئة المزيد من فرص الاصلاح وتنفيذ قرارات الحكومة فحسب quot;بل لاحظنا أعمال العنف والتظاهرات وصلت الى مستوى خطر، يهدد حياة وسلامة ومعيشة المواطنين وقوات الشرطة والآسايش، وأسفرت عن استشهاد وجرح عدد من المتظاهرين وعناصر الشرطة، ومن هنا فإن استمرار هذا الوضع على هذا المنوال يفتح الباب لخلق اضطرابات، ويمثل تهديدا جدياً، ليس فقط على الوضع الأمني في كردستان، بل يشل كذلك عمل المواطنين وحركة السوق ونشاطات دوائر الحكومة والمشاريع الخدمية، لذا فإن معالجة هذه الظروف المضطربة، وفق القانون، ضرورة ملحة لتطبيع الأوضاع عامة وتهيئة فرص حقيقية لإجراء حوار وطني موسع والتفكير في معالجة جذرية للمشاكلquot;.

واكدت حكومة كردستان قناعتها الراسخة بالحرية وبحرية التظاهر وفق القانون، داعية القوى والأطراف الكردستانية الى معالجة مشاكلها عن طريق الحوار والتفاوض السلمي، وعدم اللجوء الى العنف لتسويتها.

وطالبت مواطني الاقليم عامة، والمواطنين في مدينة السليمانية بصورة خاصة، الى التعاون والمساندة لانهاء هذا الوضع المتأزم وتهدئته، حيث وقعت أعمال عنف، وخرج الوضع عن دائرة مطالبهم ومصالحهم، وأصبح أداة لتمرير أجندات حزبية بعيدة عن الأساليب الشرعية والقانونية، ومن اجل ذلك فإن المؤسسات الحكومية المعنية سوف تسخر جهودها كافة وفق القانون لمعالجة هذه الأزمة، كما إن قوات الشرطة والآسايش سوف تمنع أعمال العنف في التظاهرات بالأساليب المدنية ووفق القانون والتعليمات بعيداً عن إطلاق النار.

واعربت حكومة الاقليم عن املها في ان تساعد جميع الاطراف السياسية في خلق ارضية حقيقية للاصلاح الجذري في كردستان، والذي نفذ قسم منه، والاستمرار فيه وتطويره، بما يؤدي الى معالجة الأزمات، ويصب في مصلحة المواطنين وتنفيذ مطالبهم المشروعة quot;في حين أن الاستمرار في هذا الوضع المضطرب وغير المستقر سيؤثر سلباً على سمعة الاقليم وتجربته، والذي بلا شك لن يستفيد منه أحد في كردستانquot;.

وقد شدد برهم صالح على القادة الميدانيين لقوات الأمن الداخلي على ضرورة حماية حرية التعبير ومعيشة المواطنين وان تتعامل وفق القانون مع محاولات خلق الفوضى والاضطرابات.

واكد أن معالجة المشاكل تتم بالحوار وايجاد الحلول المناسبة لها، وليس عن طريق خلق الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار، قائلا quot;بدلاً من تحريف التظاهرات، ينبغي عرض المطالب بشكل هادئ ووفق القانونquot;.

وكانت قوات الامن الكردية قد فرقت عصر امس بالقوة تظاهرة طلابية في مدينة السليمانية، طالب المشاركون فيها بالإفراج عن زملاء لهم، ما ادى إلى إصابة عدد من المتظاهرين بجروح.

وقالت مصادر محلية إن قوات الأمن الكردية (الاسايش) أطلقت النار لتفريق تظاهرة لطلاب جامعة السليمانية في وسط المدينة، ما أسفرعن إصابة عدد غير محدد منهم بجروح.

وكان المئات من طلبة جامعة السليمانية تظاهروا للمطالبة بالإفراج عن زملاء لهم، سبق ان اعتقلتهم القوات الأمنية في تظاهرة خرجت في المدينة صباح امس، كما طالبوا باجراء اصلاحات حكومية، من بينها محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين.

وكان 98 شخصًا اصيبوا بجروح في مواجهات واعمال عنف تخللت تظاهرات مطالبة بالاصلاح في المدينة نفسها امس الاثنين بينهم 65 من عناصر الأمن، فيما أصدرت اللجنة الأمنية في المدينة، التي تعد ثاني اكبر مدن الاقليم، قرارا منعت بموجبه التظاهرمن دون موافقات رسمية.

وتشهد مدينة السليمانية، التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال الطالباني، منذ السابع عشر من شباط (فبراير) الماضي، تظاهرات واسعة، طالبت باجراء إصلاحات حكومية ومحاربة الفساد والمفسدين، تخللت يومها الأول مواجهات مع القوات الأمنية، أسفرت عن سقوط أكثر من 200 شخص بين قتيل وجريح، تحولت بعدها إلى اعتصام مفتوح في ساحة السراي في وسط المدينة.

وطالبت قوى المعارضة الكردية عقب اجتماع مشترك في الخامس من الشهر الحالي بحلّ الحكومة الحالية في إقليم كردستان، وتشكيل حكومة انتقالية ائتلافية توافقية، تتولى تهيئة الأرضية المناسبة لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة في الإقليم، مؤكدة quot;أنها لن تخوض أي حوار مستقبلي مع أحزاب السلطة إلا مشتركةquot;. وردا على ذلك، اعلن رئيس بارزاني سعيه إلى إجراء انتخابات مجالس المحافظات خلال الأشهر الستة المقبلة، وتأسيس هيئة للنزاهة في الإقليم .

الصدر : قرار الحكومة حصر التظاهرات في الملاعب سخيف

وصف الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر قرار الحكومة العراقية بحصر تظاهرات الاحتجاج التي تجري ايام الجمعة في بغداد في ثلاثة ملاعب بأنه سخيف ومناف للديمقراطية، وقال ان السلطات تتصور أن كل صيحة ومظاهرة موجهة ضدها، لذلك تحاول التضييق على المتظاهرين.

وقال الصدر زعيم التيار الصدري، وله 40 عضوا في مجلس النواب العراقي من بين 325 نائبا، ردا على على سؤال وجهه له احد انصاره حول تحديد أماكن التظاهرات من قبل السلطات المعنية، ان الحكومة تدعّي الديمقراطية وهذا ينافيه .. كما إنها تتصور أن كل صيحة ومظاهرة هي عليها، لذلك تحاول حصر المتظاهرين والتضييق عليهم، وهذا غير مقبول . وتساءل قائلا quot;هل يسري هذا القرار على التظاهرات المناصرة والمؤيدة حكومة المالكيquot;.

واعتبر الصدر قرار الحكومة بأنه نابع من الخوف من التظاهرات quot;وهو قرار سخيف، ولامعنى له ولاداع له. واضاف quot;لعل الحكومة تتحجج بالوضع الأمني، وهذا لايختلف إذا كان داخل الملعب أو خارجه، فإن خرجت عن نطاق المفخخات، ستدخل في نطاق الصواريخ العمياء، كما قد تتحجج بالوضع التجاري لأهل المحال التجارية. فأقول: تقديم مصالح المتظاهرين أولى أم المحال التجارية أم ماذا ... والله العالمquot;. وشدد على ضرورة اعطاء الشعب quot;ولو عن طريق البرلمان فرصة لإبداء رأيه بهذا الخصوصquot;.

وابدى الصدر امتعاضه من فكرة تخصيص ملاعب كرة القدم للتظاهر قائلاً quot;إن هذا الأمر فيه إتلاف للملاعب أكيداً وهذا غير مرضي ... كما إن تلك الأماكن عائدة ومعدة لأمور خاصة ... تتنافى مع التظاهر السلميquot;. وقال quot;هذه عشر نقاط كاملة لمن أراد رفض هذا القرار المجحف، الذي ينبئ عن خوف وجهلquot;.

وقبل ذلك، رفض الناشطون العراقيون الذين ينظمون احتجاجات الجمعة في بغداد، منع السلطات العراقية لهم من التظاهر في ساحة التحرير في وسط بغداد، وتحديدها ثلاثة ملاعب في العاصمة لذلك. وقالت quot;حركة 15 شباطquot; ان اعلان السلطات عن منع اقامة التظاهرات في الميادين العامة وشوارع المدن والاكتفاء بالتجمع في الملاعب الرياضية أو ألاماكن التي تحددها quot;الطغمة الحاكمةquot; تكشف عن وجهها الكالح وعن الخوف من مواجهة مطالب الشعب الذي ذاق الامرين من تسلطها طيلة ثمان سنوات ونيف من الارهاب والفساد والتلاعب بمقدرات الشعب العراقي والذي اوصلها الى كراسي الحكم.

وقالت الحركة في بيان تلقته quot;ايلافquot; نحن اعضاء حركة الخامس عشر من شباط وباقي القوى المنتفضة والمساندة لها quot;نعلن بأننا سنحج صباح كل يوم جمعة الى كعبتنا الجديدة (ساحة التحرير) في وسط بغداد، وسنجعل كل شوارع العراق وميادينها مكانًا لإعلان التحدي لحكومة المنطقة الخضراء، وكل من يقف في مواجهة الشعب، من اجل تحقيق اهدافه في اسقاط حكومة المحاصصة الطائفية بقضها وقضيضها، فالكل مشارك في الجريمة، ولن نستثني أحداquot;.

ومنذ الخامس والعشرين من شهر شباط- فبراير الماضي، بدأت حركة التظاهرات تنشط في ساحتي التحرير والفردوس في وسط بغداد في كل يوم جمعة، مما يرافقها اجراءات امنية مشددة، واحيانا فرض حظرتجوال.