النبطية: وجد يعقوب يعقوب نفسه فجأة من دون مورد رزق بعد اضطراره الى اقفال متجر للكحول افتتحه قبل اقل من شهرين في مدينة النبطية في جنوب لبنان مستخدما كل مدخراته، وذلك نتيجة ضغوط من سكان المنطقة الموالين بغالبيتهم لحزب الله، صاحب النفوذ الاوسع في الجنوب.
ويقول يعقوب (50 عاما) من على شرفة منزله في النبطية quot;حضر شباب من القوى السياسية في المدينة، وابلغوني ان وجود محل لبيع الكحول غير مستحب، واستشفيت من كلامهم انهم قادرون على الحاق الضرر بي ان لم اتجاوبquot;.
وردا على سؤال عما اذا كان تعرف على هؤلاء الشبان، يقول من دون تردد quot;انهم من حزب الله وحركة املquot;، الحزبين النافذين في المنطقة. واقفلت خلال الايام الماضية محال عدة لبيع الكحول في النبطية نتيجة ضغوط دفعت رئيس المجلس البلدي في المدينة الى اصدار قرار الاقفال، ما يثير جدلا اعلاميا واسعا.
وقرب المتجر الذي يملكه يعقوب والذي quot;توجد فيه بضائع بملايين الليراتquot;، ارتفعت لافتة كتب عليها quot;اهالي النبطية الفوقا يطالبون محلات بيع الخمور (...) بالاقفالquot;. ويروي سمير صباغ الذي كان يدير مع والده مؤسسة لبيع الكحول انشئت منذ عشرين عاما quot;ارتفعت مثل هذه اللافتات فجأة في المدينة قبل اسبوع. ثم وزع مجهولون بيانا يدعو الى اقفال المحلات التي تبيع المشروبات الروحية. ويوم الجمعة الماضي، خرجت تظاهرة من المسجد بعد الصلاة اطلقت هتافات ضد بيع الكحولquot;.
وعلى الاثر قرر سمير ووالده اقفال مؤسستهما. ويقول لوكالة فرانس برس quot;انا غير مقتنع بما يجري، انا علماني ادافع عن الحريات وحقوق الاقليات، لكنني خضعت للامر الواقعquot;. ويهمس بعض سكان النبطية رافضين الكشف عن اسمائهم ان اصحاب المحال التجارية التي تبيع الكحول تعرضوا quot;للترهيب والتهديدquot;، مؤكدين انه quot;لولا الغطاء المعطى من حزب الله للحملة، لما كان احد تجرأ على تبنيهاquot;، بينما يمتنع تجار لا يزالون يبيعون الكحول عن الحديث مع وسائل الاعلام، ويحرصون على وضع المشروبات الكحولية في امكنة غير ظاهرة.
على موقع quot;فيسبوكquot; للتواصل الاجتماعي، انشأت مجموعة تطلق على نفسها اسم quot;شباب النبطيةquot; صفحة لا يوفر المنضمون اليها حزب الله من انتقاداتهم، ويتساءلون ان كانت النبطية تحولت الى quot;مدينة ايرانيةquot;، أو الى quot;جمهورية قمعستانquot; او quot;اسلامستانquot;.
واطلق على الصفحة اولا اسم quot;تضامنا مع محلات المشروب بالنبطيةquot;، ثم تم تغيير الاسم الى quot;نحن شباب النبطية حريتنا خط احمرquot;. واوحت الصفحة لآخرين بصفحة اخرى بعنوان quot;لا للقمع نعم للمشروب في الضاحية الجنوبيةquot; معقل حزب الله جنوب بيروت. ويرفض حزب الله التعليق على الموضوع.
ويقول احمد كحيل، رئيس المجلس البلدي في النبطية ذات الغالبية الشيعية، انه اتخذ quot;قرار اقفال متاجر الكحول بعد ان رفعت الي عريضة موقعة من 900 شخص تطالب بذلكquot;. واشار الى ان الكحول quot;تتسبب بخرق القوانين وبالازعاج وبخلل في الآداب العامةquot;، مضيفا ان اطفالا يشترون المشروب ويحتسونه.
ويعترض عضو المجلس البلدي علي الصباغ على القرار الذي اتخذ بالتشاور مع محافظ المنطقة. ويقول quot;المطلوب هو ضوابط تقوم بها الاجهزة الامنيةquot;، مشيرا الى ان المحلات quot;تملك ترخيصا من وزارة المال لبيع الكحول، ولا يجوز التدخل في حريات الناسquot;. ويضيف الصباغ ان quot;المنع بالقوة يتعارض مع الدستور الذي يضمن حرية المواطنquot;.
ويمتنع بعض اصحاب المطاعم والمحال التجارية طوعا في مناطق لبنانية معينة تعتبر معاقل لحزب الله الشيعي او لمجموعات سلفية سنية عن تقديم الكحول او بيعها، اما اقتناعا بالشريعة الاسلامية واما احتراما للمحيط.
وقبل اكثر من عشر سنوات، حصلت موجة تفجيرات وتهديدات استهدفت محلات لبيع الكحول في مدينة صيدا الجنوبية ومحيطها حيث كان يتنامى آنذاك نفوذ المجموعات الاصولية السنية، ما ادى الى امتناع متاجر المدينة عن بيع الكحول والمطاعم عن تقديمها. ولا يزال هذا الامر ساريا على نطاق واسع، مع بعض الاستثناءات.
ويحظر القانون اللبناني على الاشخاص دون الثامنة عشرة تناول الكحول، علما ان هناك تراخيا في تطبيق هذا القانون. على صفحة quot;نحن شباب النبطية حريتنا خط احمرquot;، يوجه احدهم quot;سؤالا بريئاquot; الى quot;الذين تعدوا على الحريات العامة لأصحاب محلات المشروبات الكحوليةquot;، فيقول quot;لنفترض ان مجموعة ظلامية طائفية أخرى قامت غدا بمنع الحجاب في مناطقها كونه يتعارض مع بيئتها، ماذا سيكون الرد؟quot;.
ويكتب وسام اسماعيل من جهته quot;يتحدثون في اعلامهم (...) عن السلفية والأصولية وهل يختلفون عنها بشيء؟ لا أرى فرقا بينهم وبين طالبان في تورا بورا فالمصدر واحد...تخلف بالطبع!quot;. ويكتب ثالث quot;حرية، حرية، حريةquot;.
في النبطية، يدافع عباس فحص عن قرار اقفال متاجر الكحول، ويقول quot;الاعتداء على الحريات الشخصية هو بفتح خمارات في مدينة اسلامية. هنا الاكثرية اسلامية ترفض بيع الكحول، والاقليات لا تتعدى العشرة في المئة. فمن يعتدي على من؟quot;.
التعليقات