انقرة: تجمع مئات الاشخاص في عطلة نهاية الاسبوع متحدين درجات الحرارة المتدنية جدا في انقرة في تظاهرة مناهضة للحكومة لا سابق لها..اذ انهم لم يرفعوا الاعلام واللافتات بل عبوات البيرة وكؤوس الشمبانيا.

التجمع الذي اطلق عليه اسم quot;تحرك الشربquot; الذي اقيم في مدن كبيرة اخرى سببه نظام جديد يفرض قيودا صارمة على بيع المشروبات الكحولية ما دق ناقوس الخطر في صفوف سكان المدن الاتراك العلمانيين الذين يتخفون من ان الحكومة الاسلامية الجذور تستهدف نمط عيشهم الليبرالي.

وقالت امرأة شاركت في التظاهرة في انقرة quot;لسنا مدمني كحول. انهم ينتهكون حقوقناquot;. وهتف المحتجون quot;لا للفاشيةquot; فيما رفع اخرون كؤوسا مصنوعة من لمبات وهي شعار حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا.

وكتب احد المحتجين على صفحة فيسبوك المخصصة لهذا الحدث quot;لنشرب حتى التقيؤquot;. وشكلت هذه العبارة ردا على رئيس الوزراء رجب طيب ادروغان وهو مسلم ملتزم يرفض الاتهامات الموجهة الى حكومته بمحاولة فرض نمط حياة اسلامي الا انه لا يمكنه اخفاء اشمئزازه من المشروبات الكحولية.

وكان اردوغان قال غاضبا quot;من يتدخل؟ انهم يشربون (بحرية) حتى التقيؤquot; مشددا على ان السلطات تسعى فقط الى حماية الشباب من عادات مضرة. وحاول نائبه بولنت ارينج التخفيف من الجدل قائلا للمنتقدين ان quot;الحياة لا تقتصر على الشرب والجنسquot;.

ويكشف التأثير الاولي للنظام الجديد الذي دخل حيز التنفيذ في مطلع كانون الثاني/يناير انه لا يطال فقط الشباب بل ايضا البالغين الذين يحضرون مناسبات اجتماعية مثل الحفلات الغنائية وحفلات الاستقبال.

ويضع النظام قيودا صارمة على اعلانات المشروبات الكحولية ويمنع الباعة المخولين بيع المشروبات الكحولية من اخراجها من متاجرهم مما اثار تساؤلات حول كيفية قيام شركات الطعام بتنظيم مناسبات احتفالية.

ويحظر النظام الجديد المشروبات الكحولية في المناسبات المرتبطة quot;بالاطفال والشبابquot; مثل الحفلات الغنائية والمهرجانات ويحدد السن القانوني لتناول الكحول ب24 عاما ما يتناقض مع قوانين سارية المفعول تسمح للاتراك بشراء الكحول واستهلاكها والدخول الى مؤسسات تقدم الكحول في سن الثامنة عشرة.

ويقول كاتب الزواية محمد تزكان في صحيفة quot;ميليتquot; اليومية ان quot;الهدف ليس حماية الشباب بل التدخل في الحياة الاجتماعية بحجة الكحولquot;. ومن الضحايا البارزين لهذا النظام الجديد ملهى quot;بابيلونquot; في اسطنبول وهو المكان الاهم للموسيقى الحية من كل انحاء العالم.

بموجب النظام الجديد، اعتمد الملهى اجراء التدقيق بالهويات عند المدخل لمنع دخول من هم دون الرابعة العشرين عندما تكون الحفلة التي يستضيفها برعاية شركة للمشروبات الكحولية وهو امر كثير الانتشار لتمويل حفلات لفنانين اجانب.

يقول محمد اولوغ احد مالكي الملهى quot;انها ضربة كبيرة توجه الى سمعتنا على المستوى العالمي.. نحن نحتاح اطرافا راعية لعروضناquot;.

وفي حادث اخر وقع الاسبوع الماضي حذفت شركة انتاج النبيذ عن قائمة حفل استقبال اقيم بمناسبة اطلاق فيلم جديد خوفا من فرض غرامة عليها لان المسرح الذي اقامت فيه الحدث لا يملك رخصة لتقديم الكحول.

وطلبت جمعية المحامين في انقرة من المحكمة ادارية العليا في تركيا الغاء النظام الجديد بحجة انه ينال من الحريات الفردية.

وكانت الجمعية نجحت في 2007 في وقف مرسوم حكومي كان سيحدد quot;مناطق حمراءquot; خارج المدن للمؤوسات التي تقدم النيذ والمشروبات الكحولية.

عندما كان رئيسا لبلدية اسطنبول في تسعينات القرن الماضي حظر ادروغان الكحول في المطاعم التي تديرها البلدية. وفي العام الماضي تصدر عنوانين الصحف بحثه الاتراك على تناول العنب بدلا من شرب النبيذ.

ومنذ وصوله الى الحكم العام 2002 عمد حزبه الى رفع الرسوم على الكحول بشكل كبير.

ويقول ايتكيم ايكير وهو صاحب مقهى في انقرة quot;لا تجد روما مرتفعة الى هذا الحد في اي مكان اخر. انه بمثابة عقابquot;.

ويشير منتقدو موقف الحكومة القائم على محاربة ادمان الكحول الى الارقام التي تظهر ان الاتراك ليسوا مستهلكين كبارا للكحول مع 1,5 ليتر للفرد سنويا في مقابل حوالى 12 ليترا للفرد في دول اوروبا الغربية.

وهذا النظام الجديد اعطى ذخيرة جديدة لمعارضي الحكومة الذين يعتبرون ان حزب العدالة والتنمية يتحول الى حزب استبدادي مع حملات اردوغان المنتظمة على وسائل الاعلام وتشدد الشرطة مع التظاهرات في الشارع وخلافات الحكومة المتأججة مع القضاء.