بعد إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطابه الأخير عن تعديلات تشمل الإعلام الجزائري، بدأ الصحافيون والباحثون في هذا المجال بمناقشة واقع هذا القطاع في ظل قانون 1990.

نسخ من صحف جزائرية


الجزائر: فتح الخطاب الأخير للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الفرصة أمام الصحافيين والباحثين في مجال الإعلام، لمناقشة واقع القطاع في ظل قانون الإعلام لسنة 1990، وسقف التوقعات بشأن التعديلات المرتقبة لهذا القانون، وهوالمشروع، الذي أعلن عنه الرئيس بوتفليقة خلال خطابه الأخير للجزائريين. quot;إيلافquot; حاولت فتح نافذة حول النقاش الدائر، من خلال رصد أراء باحثين ومختصين جزائريين في الموضوع.

وخلال حديثه مع quot;إيلافquot; تساءل الدكتور محمد قيراط عميد كلية الاتصال بجامعة الشارقة، والأستاذ بجامعة الجزائر سابقا، عن سر تأخر السلطة الجزائرية في الإعلان عن هذا التعديل... quot;هل القرار سياسي؟ أم انه بالفعل قرار يخدم الكلمة الحرة بالجزائر، وليس وسيلة للتخويف وترهيب وتكميم وممارسة الرقابة على الصحفيين؟، يقول الدكتور قيراط الذي عبر عن quot;أسفه الشديد لتعامل السلطات في قضية تجريم وحبس الصحفي أسوة بالمجرمين وقطاع الطرق والقتلةquot;.

وحول موقفه بشأن التعديلات المرتقبة لنص القانون، اعتبر أنquot;القوانين والمواثيق وحدها لا تكفيquot;، ويجب على السلطة أن توفر المناخ التشريعي والقانوني لهذه الحرية، وعلى السلطة نفسها أن تحترم هذه المواثيق وتتقبل النقد وتوفر كل المعلومات، لا أن تسعى الحكومة إلى بسط سيطرتها على المؤسسات الإعلامية بطرق مختلفة لتتحكم في مخرجاتها وفي الخطاب الإعلامي. وقال أنه في هذه الحالة quot;تبقى القوانين والتشريعات والمواثيق حبرا على ورقquot;. وأضاف أنه يجب تمكين الصحفيين من الوصول إلى المعلومات بكل حرية، لأن ذلك quot;يساعدهم على القيام بعملهم بدقة متناهية ويساعدهم على تجنب الأخطاء والهفوات واللجوء إلى التضخيم والتخمين والإشاعات، لذلك quot;يجب إجبار مصادر الأخبار من وزارات، دوائر حكومية، مؤسسات عامة وخاصة على توفير المعلومة وتقديمها للرأي العام وعدم حجبها أوإخفائها أوالتلاعب بها لأن هذا التصرف يعتبر جريمة ومخالفة في حق القانونquot;.

من جهة أخرى اعتبرقيراط أنquot;إشراك الإعلاميين والأكاديميين في وضع القانون الجديد، مسألة غاية في الأهمية ولابد منهاquot;، مع ضرورة إنشاء مرصد وطني للإعلام يكون دوره مراقبة التجاوزات والمخالفات ووضع حد للفوضى الموجودة في قطاع الإعلام، كما ثمن الدعوات التي تنادي بضرورة فتح السمع البصري أمام القطاع الخاص، واعتبر في هذا الصدد أنquot;الجزائر تأخرت كثيرا عن دول عربية أخرى أقل ديمقراطية وحرية من الجزائرquot;.

في حديثه معquot;إيلافquot;، رافع الدكتور إبراهيم براهيمي مدير المدرسة العليا للصحافة بالجزائر العاصمة، وأحد المشاركين في صياغة قانون 1990، على القانون الحالي ووصفه quot;بالمكسب العظيمquot;للصحافة الجزائرية، مذكرا في الوقت نفسه أن أكثر من 300 صحافي صادق على القانون، قبل عرضه على الحكومة والبرلمان للتصويت.

وحول محتوى القانون وأهميته، يؤكد براهيمي أن القانون له ايجابيات عديدة وجاء بمكاسب مهمة للإعلام الجزائري، واكبر ايجابية هوما جاء في المادة 14 التي وصفهاquot;بالمكسب العظيمquot;، والتي تنص على أنquot;أي شخص يريد إصدار دورية أوجريدة فما عليه سوى التقدم إلى وكيل الجمهورية في أي مكان بالجزائر، ويتحصل على رخصة بعد ذلك، ويبدأ في النشاط بعد شهرquot;. ويضيف أنه quot;مكسب كان يحلم به الصحافيين بالجزائر وقد تحقق في هذا القانونquot;، ومن المكاسب ما جاء في المادة 34 التيquot;تخول للصحفي المحترف الحصول على تعويضات خمسة أشهر في حال تغيير توجه أومحتوى أي جهاز إعلامي، أوتوقف نشاط أوالتنازل عنهquot;.

لكن ما يؤخذ على القانون حسب براهيمي هوquot;احتواؤه على 21 مادة تتعلق بالعقوباتquot;، فمنquot;غير المعقول معاقبة الصحافي بعشر سنوات سجنا بسبب نشر معلومات تتعلق بأمن الدولة، ومن غير المقبول تماما متابعة الصحفي بتهمة القذف في حال نشره معلومات يمتلك بشأنها الأدلةquot;.

ويرى براهيمي بوجوبquot;فتح نقاش عام حول قانون الإعلام بإشراك صحفيين، ومختلف التشكيلات السياسية، إلى جانب مساهمة المجتمع المدني في صياغة نص القانون المرتقبquot;.

أما بخصوص قانون الإشهار الذي يثير في كل مرة زوبعة من النقاشات الحادة بين مختلف وسائل الإعلام، فاعتبر أنquot;المؤسسات الإعلامية أصبحت تحت رحمة المؤسسة الوطنية للنشر والإشهارquot;، وقد كان قانون الإشهار المصادق عليه في شهر شباط/فبراير 1999، وضع خطة لإنهاء مسألة احتكار الإشهار. لكن لم يكتب لهذا القانون أن يرى النور، بعد أن تم تجميده على مستوى مجلس الأمة. وبعد تعيين بلعيد عبد السلام على رأس الحكومة، أمر المؤسسات بضرورة التعامل فيما يتعلق بالمعلومات الاشهارية مع المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار حصرا، وهوquot;ما يعتبر نوعا ما رجوع إلى الاحتكارquot;. ويرى براهيمي أن هذه القضية تشكل خطر على الجرائد لأن quot;أسعار خدمة الإشهار وصلت مستويات خياليةquot;، وquot;عليه ينبغي الرجوع إلى الإعانة غير المباشرة من طرف الدولة، عن طريق خصم 50 بالمائة من دفع الضرائب والخدمات المتصلة بالاتصالات والمواصلات، على اعتبار أن الجريدة مؤسسة ثقافية، بالإضافة إلى الإعانات المباشرة أوالتي يجب أن تكون تحت إشراف لجنة مستقلة عن ممثلي الصحفquot;.

ودعا براهيمي إلىquot;ضرورة وضع قانون خاص بعملية سبر الآراء من أجل إعطاء مصداقية للإحصائيات الخاصة بالانتخابات، وإعطاء إحصائيات دقيقة للسحب اليومي للجرائد، إلى جانب فتح المجال أمام المستثمرين لإنشاء قنوات تلفزيونية خاصة وفق دفتر شروط محددquot;.

أما الدكتور يامين بودهان نائب رئيس قسم الإعلام بجامعة سطيف اعتبر في تصريحه لquot;إيلافquot; أن quot;إقرار التعددية الإعلامية وبروز عشرات العناوين من الصحف الخاصة لم يشفع للصحافة الجزائرية بأن تنعم ببعض الحرية والاستقلالية، بسبب تحالفات سلطة النفوذ السياسي وبارونات المال والأعمال في الجزائر مرات كثيرة لإخماد أصوات الصحفيين وضمهم في خانة المهادنين والمؤيدين للمشروع السياسي للسلطة الحاكمة. ويضيف quot;فاستخدمت سلطتي السياسة والمالquot;مقصاتquot;عديدة لتقليم أظافر الصحافة المكتوبة، كمقص تعديل قانون العقوبات، الذي صدر ليسلط على رقبة الصحافة بأكملها. فقد أقرت مواده ضوابط صارمة على الصحفيين وشددت الخناق عليهمquot;. وتابع quot;هذا من شانه أن يخلق لا توازن في السياسة الإخبارية للجريدة، فمسؤول النشر يتحول إلىquot;رجل أمنquot; يراقب كل صغيرة وكبيرة، حتى لا يتعرض ومؤسسته للتوقيف أوالتجريم، والصحفي بدوره يراقب نفسه ذاتيا فلا ينشر المواد الصحفية التي من شانها أن تعرضه للمشاكل مع القانونquot;.