تعرض مسيحيو العراق خلال الأسابيع الأخيرة إلى أعمال عنف دامية

بغداد: بقي بسام انيس لفترة طويلة متفائلا. لكن الهجمات المستمرة ضد الطائفة المسيحية التي ينتمي اليها اقنعته بان وطنه العراق لم يعد يقدم له العزاء لذا قرر الهرب في 30 نيسان/أبريل الماضي.
وقال بسام (25 عاما) مدرس علوم الحياة قبل مغادرته في احد المطاعم لوكالة فرانس برس quot;في السابق كنت متفائلا جداquot; لكن quot;منذ الهجوم الدامي بدأت ادرك أنه ليس هناك أمل في هذا البلد بعد الآن وادركت ان الرحيل هو الحل الوحيدquot;.

ويشير بسام الى مقتل 44 مصليا معظمهم من النساء والاطفال وكاهنين في الاعتداء على كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد الذي وقع خلال قداس في 31 تشرين الاول/اكتوبر وتبناه فرع تنظيم القاعدة quot;دولة العراق الاسلاميةquot;.
ويعد هذه الهجوم الاكثر دموية ضد الطائفة المسيحية في العراق منذ الغزو الاميركي للعراق في 2003. وقد دفع بعدد لا يحصى من المسيحيين بالفرار من البلاد منذ وقوعه.

وكان الهجوم الدامي الذي استهدف كنيسة سيدة النجاة في الكرادة قريبا جدا على منزل بسام السرياني الأرثوذكسي وقتلت فيه احدى صديقاته وتدعى رغد.
وقال quot;لم اتخيل مطلقا انني ساغادر العراق لانه لا يمكنني ان اتصور انني سابدأ حياتي من جديدquot;، مؤكدا انه quot;لامر فظيع التفكير بهذه الصورة ولكني ادركت ان الرحيل هو هو الحل الوحيدquot;.

واستشهد بسام باحاديث من الكتاب المقدس التي تذكر فيه نبي الله لوط الذي فر من سدوم على مضض مع عائلته بعدما امره الله بذلك في الوقت الذي دمرت فيه المدينة.
وبعد ثماني سنوات على الغزو الذي قادته الولايات المتحدة واطاح بالرئيس السابق صدام حسين ونظامه، لا يزال العنف مرتفعا في العراق على الرغم من تراجعه في 2006 و2007.

ولا تزال الحكومة العراقية تصر على ان قواتها قادرة على الحفاظ على الأمن وتؤكد ان الوضع قد تحسن واعمال العنف تراجعت.
لكن على الرغم من هذه التأكيدات يواصل الاف العراقيين الفرار من البلاد كل شهر للبحث عن حياة أفضل، وفقا لارقام الامم المتحدة.

ولا يزال بسام يعاني من الصدمة اثر مذبحة الكنيسة.
وتمكن مسلحون من احتجاز رهائن ست ساعات داخل الكنيسة بينما كان واقفا بالخارج بفارغ الصبر جنبا إلى جنب مع زميله الذي كان يتلقى اخر الاحداث على الهاتف عن عمه الذي كان محاصرا في الداخل.

ويحاول بسام بصعوبة حبس دموعه عندما يتذكر صديقته رغد لا لانها تزوجت قبل اربعين يوما من صديق طفولته اياد، بل لانها كانت حاملا عندما رمى احد المسلحين قنبلة يدوية ادت الى مصرعها.
واضاف quot;بعد هذا الهجوم (...) اصبحت حياتي سوداء. لم اعد احتفل بالمناسبات الدينية، ولا اشارك باحتفالات اصدقائي من المسلمينquot;.

وأشار بسام الى انه يحلم دوما برغد. ويقول انه رآها باحد احلامه انها تشعر ان زوجها وعائلته الذين فروا الى عمان في اعقاب الهجوم هجراها. وقال quot;لذا اشعل شمعة لها في الكنيسة حتى تحترق كلياquot;.
وبعد صراع محتدم قرر اخيرا بسام أخيرا مغادرة العراق متجاهلا أصوات الزعماء المسيحيين الذين حضو اتباعهم على البقاء، تجنبا quot;لتنفيذ ما يريده الارهابيينquot;.

وقال بسام quot;نحن لسنا في حاجة لأحد أن يقول لنا ما يجب القيام بهquot;
واضاف ساخرا من المسيحيين الذين ازالو الصلبان من مرايا الرؤية الخلفية سياراتهم متخلين عن عقديتهم لتجنب التعرف على ديانتهم ويشعر بالذنب للقيام بذلك في محاولة لتوضيح الحياة في العراق.

واضاف quot;نحن اهداف لا يمكن تجاهل هذا الامرquot;.
وأثار الهجوم 31 تشرين الاول/أكتوبر غضب في أوساط المجتمع الدولي والقادة السياسيين العراقيين الذين اكدوا بشدة على ضرورية حماية الأقلية المسيحية التاريخية.
لكن منذ ذلك الحين استهدفت الطائفة بعدة هجمات في بغداد وأماكن أخرى ووقع معظمهما في الليل.

وقال بسام quot;اصبحنا حتى لا نستطيع النوم ولا يمكننا القول اننا بامانquot;.
وفي مؤشر الى تزايد انعدام ثقته حتى بابناء وطنه لم يكشف عن خططه للفرار مع والدته لجيرانه. وقد عمل على هذه الخطة عدة اشهر.

وكان بسام خطط في البداية لمغادرة البلاد في التاسع من نيسان/أبريل في خطوة رمزية تصادف تاريخ سقوط نظام صدام. لكن تم تأجيل ذلك لتاخر بيع منزله وسيارته.

وقال بسام بهذا الصدد quot;لقد كان يوما كارثيا بالنسبة للعراق (....) ليس لأن حياتنا كانت افضل بالسابق بل لانها اصبحت أسوأ بكثير بعد ذلك.quot;
وغادر بسام اخيرا برحلة متوجهة الى الاردن في 30 نيسان/ابريل حاملا تذكرة ذهاب فقط باتجاه واحد.