يبقى رجل الأعمال المصري الهارب حسين سالم لغزا محيّرا للمصريين... الرجل الذي ظلّ بعيدا عن المشهد السياسي في مصر ويدير الأمور من الكواليس، بات المطلوب رقم واحد شعبيا بعد سجن مبارك الذي سهّل له الكثير من الصفقات التي حوّلته في سنوات قليلة من ضابط سابق إلى ملياردير.
|
القاهرة: على الرغم من سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك بعد إعلان تنحيه وتوافد قيادته على سجن طره الذي لقبّه المصريون بـ quot;بورتو طرهquot; ، باستثناء وزير المالية السابق يوسف بطرس غالي ووزير التجارة والصناعة السابق رشيد محمد رشيد بسبب هروبهما، يبقى رجل الأعمال حسين سالم الهارب الغامض في نظام الرئيس السابق. ويختلف وضعه عن المسؤولين السابقين الذين غادروا البلاد في توقيتات معلومة. ويحيط لغز كبير يبقي بسالم صديق مبارك المقرب والذي لم يتركه في محنته وأرسل له باقة ورد وتورتة للإحتفال بعيد ميلاده بداية الشهر الجاري.
حسين سالم الأب الروحي لمدينة شرم الشيخ، وجهة مبارك المفضلة، لم تكن علاقاته بالرئيس السابق علاقة صداقة عادية بين رجلين او بين رجل أعمال ورئيس دولة وإنما تجاوزت ذلك بكثير. فالقصر الذي كان يقيم فيه مبارك بعد التنحي هو واحد من ثلاثة قصور بناها سالم خصيصا للرئيس السابق ونجليه علاء وجمال، كما أن المسجد الذي كان يؤدي فيه مبارك الصلاة في شرم الشيخ تم بناؤه كهدية من حسين سالم وتبنى الإنفاق عليه حتى الان على الرغم من هروبه.
واثار الخبر الذي بثه التلفزيون المصري في ساعة متأخرة من مساء أمس الأول عن القبض على حسين سالم في إسرائيل العديد من ردود الفعل حول موقف الدولة العبرية من تسليمه، لاسيما أن المصريين يعتبرونه إسرائيلي الهوى ورجل التطبيع الأول في نظام مبارك الذي لم يسع يوما إلى حصانة أو ظهور إعلامي وإنما كان دوره في الكواليس أكبر من رئيس الوزراء ووزير الخارجية. وأظهر عدد من الصور الخاصة به كيف كان يقف أمامه وزير الخارجية السابق أحمد أبو الغيط ومدير المخابرات المصرية السابق عمر سليمان وينتبهان إليه كأنه يلقنهما درسا.
وكان محظورًا على الصحافة والإعلام في مصر ذكرُ اسم حسين سالم المقرب من الرئيس السابق وأفراد عائلته، وعلى الرغم من نشاطاته التجارية المريبة لاسيما ان إحدى الشركات التي يمتلكها كانت المسؤولة عن تصدير الغاز لإسرائيل وهي القضية التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة من حكم مبارك وكشفت التحقيقات الجارية فيها عن مسؤولية مدير المخابرات المصرية السابق عمر سليمان وحسين سالم عن إصدار أوامر للمسؤولين للموافقة على تصديرها.تم تعميم اسم حسين سالم من خلال الانتربول الدولي للقبض عليه حال معرفة مكان إقامته
سالم الذي ظلّ لسنوات بعيدا عن الأضواء بات حديث الصحافة المصرية لاسيما في ظل حالة الغموض التي لا تزال تحيط بمكان تواجده بعد صدور عدة قرارات إحالة على المحكمة ضده. وخاطبت وزارة الداخلية المصرية الانتربول الدولي الذي وضع اسم سالم على قائمة المطلوب القبض عليهم ورغم السعادة التي انتابت المصريين بخبر القبض عليه في إسرائيل إلا أن هذه السعادة سرعان ما تبخرت بعد النفي الرسمي لها.
وتتضارب التقارير حول موعد مغادرة حسين سالم من البلاد. ففي الوقت الذي تشير فيه تقارير الى مغادرة الرجل الغامض كما يطلق عليه المصريون البلاد يوم 25 يناير، تشير تقارير اخرى إلى مغادرته يوم 1 فبراير وتفيد تقارير ثالثة بمغادرته يوم 4 فبراير بعد واقعة الاعتداء على المتظاهرين في ميدان التحرير والمعروفة إعلاميا باسم موقعة الجمل، دون تحديد الوجهة التي توجه إليها حيث كان يتنقل بطائرته الخاصة وليس عبر شركات الطيران. الاختلاف والتناقض بين توقيت مغادرته هو التناقض نفسه الذي يشوب مكان تواجده إذ رصدت عدة تقارير صحافية اماكن مختلفة يتواجد فيها ما بين سويسرا وانكلترا وأسبانيا وأخيرا إسرائيل.
اللواء محسن مراد مساعد وزير الداخلية أكد في إفادة لـquot;إيلافquot; ان هناك نشرة تم تعميمها للقبض على حسين سالم من خلال الانتربول الدولي مشيرا إلى ان القبض عليه في أي من الدول التي بينها وبين مصر اتفاقيات لتبادل المتهمين سيكون أسرع لاعادته إلى مصر ومحاكمته.
وأشار إلى أن الوزارة لم تتسلم ما يفيد ضبط حسين سالم في أي دولة حتى الان مؤكدا استمرار وجود اسمه على قوائم الترقب والوصول في مصر وتعميم نشرة باسمه من خلال الانتربول الدولي للقبض عليه حال معرفة مكان إقامته.
وقال السفير محمد بسيوني سفير مصر السابق في إسرئيلquot;استبعد ان يكون في إسرائيل وإن ذهب إلى هناك فهذا خيار خاطئquot;. وأكد في إفادة لـquot;إيلافquot; ان حسين سالم أذكى من ان يذهب إلى اسرائيل وأمامه العديد من دول العالم التي يمكن ان يذهب إليها خاصة وأنّ له أموالا كثيرة في الخارج لم تتم مصادرتها أو معرفة أماكنها لسريّتها.
وأشار إلى أن إسرائيل لن تتأخر عن تسليم حسين سالم للسلطات المصرية حال تواجده لديها والتأكد من صحة ذلك لافتاً ان الانتربول سيتولى الموضوع وستكون السلطات الإسرائيلية مجبرة على تسليمه له ليسلم بعد ذلك إلى السلطات المصرية.
الدكتور سامي السيد استاذ العلوم السياسية قال في إفادة لـquot;إيلافquot; إن سالم رجل ذكي للغاية وهو أمر يبدو من تصرفاته وقراءته الجيدة للأحداث وخروجه من مصر في الوقت المناسب ليقينه بانه سيكون أحد المطلوبين الرئيسين في حال نجاح الثورة مستبعدا ان يكون في إسرائيل لأنه يعرف ان الدولة العبرية قد تضحي به وتسلمه إلى السلطات المصرية لأن مصالحها منه انتهت لاسيما في إطار سعيها لتحسين العلاقات مع مصر في الوقت الحالي بعد انهيار نظام كان يعتبر أحد حلفائها الإستراتيجيين في المنطقة.
وأشار إلى أن سالم على الرغم من الخدمات الجليلة التي قدمها لإسرائيل سواء في تصدير الغاز بأسعار زهيدة مقارنة بالأسعار العالمية أو في غيرها من المشاريع التجارية والاستثمارية التي تبناها لها في مصر خلال فترة تولي مبارك إلا انه يعرف انه اصبح بلا فائدة لها ووجوده فيها سيسبب لها العديد من المشاكل التي هي في غنى عنها حالياً متوقعا ان يكون في دولة بعيدة تماما عما ذكرته وسائل الإعلام حتى لا يكون مهددا بالقبض عليه في أي لحظة من قبل الانتربول.
التعليقات