هل ودّع صالح اليمنيين بهذه الطريقة؟ |
في وقت تباينت فيه تحليلات السياسيين حول مصير الرئيس اليمني بعد نقله للعلاج في السعودية، أبلغ مصدر خليجي رفيع إيلاف عن تسارع وتجديد في نص المبادرة الخليجية وروحها، ما يفرض تساؤلات حول إن كان صالح خرج من قصره الجمهوري مولودًا ودخل السعودية مفقودًا.
أبلغ مصدر خليجي رفيع quot;إيلافquot; أن المبادرة الخليجية تجاه اليمنستأخذ شكلاً جديداً وسريعاً مع محافظتها على نصها الداعي إلى حل توافقي، بعد إصابة الرئيس على عبدالله صالح ونقله إلى المملكة العربية السعودية للعلاج.
وقال المصدرإن المبادرة تنصّ في روحها على quot;استلهام تجارب عربية قديمة وحديثة عدة في عدم إقصاء أي طرف، مع المحافظة على التدرج السياسي نحو يمن مستقر، وبعيد عن تنازعات القبليين وتسيب أعضاء القاعدة، مع دعم كامل وشامل لدولة مركزية تحكمكل أطرافها بالقدر نفسه من القوة، وأن شباب الثورة سيكونون النبض في قلب المبادرةquot;.
يأتي ذلك بعدما انجلى دخان القصف الموجّه والمركز نحو مسجد القصر الرئاسي الجمعة الماضية وتكشف عن إصابة بالغة، أنهكت صالح، وفتكت بكبار أعوانه.
وكان الرئيس صالح راوغ وناور كثيراً جيرانه الخليجيين، الذين أجروا سلسلة من الزيارات البينية والجماعية، سعياًإلى حل للأزمة، التي تعصف باليمن منذ أن خرج شباب الثورة مستلهمين تجربتي تونس ومصر، واعتصموا في ساحات صنعاء في الثالث من فبراير/شباط الماضي.
ورفض صالح ثلاث مرات التوقيع على مبادرة مجلس التعاون، بل وتسبب في اختلافات عدةبين رؤى خليجية حول طريقة إدارة المفاوضات، ما حدا بالقطريين للانسحاب من المبادرة، قبل أن يهدد الخليجيون ضمناً بانسحابهم من التوسط لحلّ الأزمة، إن أصرّ صالح على موقفه المراوغ.
العشاء الخليجي الأخير في القصر الرئاسي اليمني يوم الأحد ماقبل الماضي شهد المراوغة الأخيرة أيضاً من صالح، حينما رفض أن يوقع على المبادرة، رغم أن أعضاء في حزب المؤتمر الشعبي الحاكم وحلفاءه وقعوا، واشترط صالح قبل التوقيع أن يحضر الفرقاء ليوقعوا في القصر الجمهوري، رغم أن المعارضة سبقته بيوم واحد، ووقعت على المبادرة بشكل منفرد.
وقال صالح حينها في خطاب متلفز quot;أنا سأوقع إذا جاءت المعارضة إلى القصر الجمهوري للتوقيع لأنها ستكون شريكة في الحكم لمدة 90 يومًاquot;. وحذرquot;إذا لم ينصاعوا، فهم يريدون إدخال البلد في حرب أهلية، سيتحملون مسؤوليتها ومسؤولية الدماء التي سفكت وستسفك إن ركبوا حماقاتهمquot;.
وأضاف quot;نحن صامدون وواقفون على أقدامنا، إن أتوا، فنحن مع خيار الأمن والاستقرار، وان ركبوا رؤوسهم فسنواجههم بكل الوسائل الممكنة في كل مكانquot;.
وهي حالة تعبّر تماماً عن كيفية إدارة صالح بلاده على مدى ثلاثة عقود، اعتمد فيها على أسلوب الإدارة بالأزمات، فلا تكاد اليمن تخرج من أزمة هنا، إلا وتبرز أخرى هناك، وخصوصاً بعد إعلان توحيد الشطرين الشمالي والجنوبي في العام 1990.
واتهم صالح مراراً بأنه يغذّي الخلافات بين الفرقاء في اليمن، بل ووصلت الاتهامات له بأنه يلعب بالعصا والجزرة مع تنظيم القاعدة ودول الخليج والغرب.
ويمكن القول إن ما عقّد المشكلة اليمنية وسرّع وتيرتها هو دخول البعبع القبلي في دوامة الصراع، بعدما فشلت الثورة السلمية في إقناع صالح بالتنحّي، إذ يرى أنصار التصعيد المسلح ضد النظام أن الثورة السلمية الشبابية كانت حتى دخول القبليين تفشل في تحقيق أهدافها.
لكن دخول شيخ مشائخ قبيلة حاشد، وهي أكبر قبائل اليمن صادق الأحمر،جنح بالعربة دون كوابح، وبدا أن المعركة اتجهت إلى المجهول، وتناقلت وكالات الأنباء العالمية فيالأسبوع الماضي تصريحاً للزعيم القبلي الأحمر، قال فيهإن صالح سيخرج حافياً من اليمن، ولم تمض أيام قليلة حتى خرج صالح محمولاً بإخلاء طبي، بعدما عجز الأطباء السعوديون الذين سافروا إليه عن علاجه هناك ونصحوا بنقله.
ووفق بيان الديوان الملكي السعودي، فإنه quot;استجابة لرغبة الأخوة في الجمهورية اليمنية الشقيقة، فقد وجّه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بإرسال فريق طبي متخصص، حيث قام بإجراء فحوصات طبية للرئيس علي عبدالله صالح وآخرين من مسؤولين ومواطنين ممن تعرضوا لإصابات مختلفة جراء الأحداث التي جرتأخيرًا، وبناءً على ما رآه الفريق الطبي من أنه من المناسب استكمال الرعاية الصحية التي يتلقاها فخامة الرئيس في أحد المراكز الطبية المتقدمة وموافقة صالحعلى ذلك ورغبته في أن يستكمل علاجه في المملكة العربية السعودية، ففقد وصل الرئيس اليمنيإلى المملكة مساء السبتquot;.
ورغم أن تحليلات السياسيين، إثر مغادرة صالح اليمن، قد ترواحت بين الجزم بعودته، وأنه لم يتخلّ عن السلطة، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن مسؤول سعودي، وبين مغادرته إلى الأبد، وفق تحليلات أخرى، مستشهدين بحجم الآتين معه وعددهم، ومعظمهم من أقاربه على متن ثلاث طائرات إلى المملكة، إلا أن ذلك لا يعني الجزم بأحد الإحتمالين، ذلك لأن صالح لمن يعرفونه جيداً لن يدير الكرسي بهذه الطريقة، حتى وإن كان قد أسر لنفسه بالمغادرة بعدما نجا بأعجوبة، وفق حديث صحافي يمني عمل كثيراً في دوائر مقربة من الحزب الحاكم في حديث لـquot;إيلافquot;.
يقول هذا الصحافي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إنه يتوقع من رجل مثل صالح أن يعود، ولكن ليس كرئيس، quot;بل راعٍ للانتقال السلمي للسلطة، وبأكبر قدر من المكاسب الممكنة له وأتباعه، وبأكبر الخسائر الممكنة لعدوه الأول حالياً صادق الأحمرquot;.
وقال الصحافي أيضاً quot;إن صالح قد يكون جازماً بأن ثمة أيدٍ أطول من مدافع صادق الأحمر المهترئة في حادثة القصف، وأن نجاته ليست إلا منحة قدمتها له السماء، وبالتالي يجب عليه الرحيل، ولكنه يريد أن يجمع حقائبه هو، لا أن يرسلها إليه أعداؤهquot;. وأضاف quot;كل ذلك قد يتغير مع الأيام في حال طالت مدة إقامته في المملكة، فالسعوديون والخليجيون وأميركا أيضاً لن يقبلوا بفراغ في جمهورية الفقر والسلاح وفلول القاعدةquot;.
هذا السيناريو لن يكون بمعزل عن ترتيب خليجي، وبخاصة السعودية، لما لها من نفوذ quot;معنويquot; متغلغل، سواء على مستوى القيادات اليمنية الجنوبية، التي لها مصالح متعددة في السعودية، وبخاصة في جانب الاقتصاد، أو من خلال الزعامات القبلية التي تحتفظ بصلات قوية مع الحكومة السعودية.
وكانت السعودية قد توسطت لوقف إطلاق النار بين الموالين والمعارضين، بعد نقل علي صالح إلى المملكة، وهي المرة الثانية خلال أسبوع التي تتوسط فيها السعودية، بعدما استمرت الهدنة الأولى ليوم واحد فقط، قبل أن تندلع مرة أخرى، ولم تنته بقصف أفرغ السلطات، وجعلها مشلولة بعد إصابة جميع من على هرم تلك السلطات، كرئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ورئيس المجلس الاستشاري والأمين العام للحزب الحاكم، إضافة إلى عدد من الضباط القياديين.
التعليقات