في حوار لا تعوزه الصراحة، شرح علاء الدين أبوالعزائم شيخ الطريقة العزائمية الصوفية كواليس زيارته برفقة الوفد الشعبي المصري لإيران، وأكد ابوالعزائم لـ quot;إيلافquot; وجود عملاء في مصر يسعون إلى التفرقة بين القاهرة وطهران، مشيراً الى أن ربيع الشعوب العربية بدأ بمؤامرة من زين العابدين بن علي للإطاحة بالقذافي.

علاء الدين أبوالعزائم شيخ الطريقة العزائمية الصوفية

القاهرة: فتحت عودة الوفد الشعبي المصري من زيارته لايران شهية المراقبين، للوقوف على أسباب الزيارة وانعكاساتها على العلاقات المستقبلية بين القاهرة وطهران، خاصة في أعقاب واقعة التجسس المشكوك فيها، والمنسوبة إلى الدبلوماسي الايراني قاسم الحسيني في سفارة الدولة الفارسية في مصر، إذ أفادت تحريات وصفتها نيابة امن الدولة المصرية في وقت لاحق بـ quot;غير الدقيقةquot;، ان الحسيني عمل من خلال موقعه الدبلوماسي في سفارة طهران في القاهرة على جمع معلومات حساسة عن مصر وإمداد بلاده بها.

الوفد الشعبي المصري الذي قام بزيارة ايران مؤخراً، عاد الى القاهرة محملاً بوجهة نظر ايجابية عن رؤية القيادة السياسية في طهران للواقع المستقبلي، الذي ينبغي ان تكون عليه العلاقات بين مصر وايران، وكان من بين اقطاب الوفد الشعبي المصري الزائر، السيد محمد علاء الدين ماضي ابوالعزائم، شيخ الطريقة العزمية في مصر. وفي محاولة من quot;ايلافquot; لرصد تفاصيل الزيارة، وما اشتملت عليه من ملابسات قبل وبعد خروجها الى حيز التنفيذ، اجرت حواراً خاصاً مع ابوالعزائم، إذ أكد في حديث لا تعوزه الصراحة ضرورة إعادة ترتيب أوراق العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين القاهرة وطهران بما يخدم صالح البلدين.

وجهات نظر خاصة

وروى شيخ الطريقة العزائمية لـ quot;إيلافquot; كواليس اتهام الدبلوماسي الايراني قاسم الحسيني بالتخابر ضد مصر لصالح بلاده، وتفاصيل الاعداد لزيارة الوفد الشعبي المصري لايران، وعلاقة ابوالعزائم نفسه بإيران، فضلاً عن شرح وجهات نظره الخاصة ذات الصلة بالواقع السياسي في مصر ودول المنطقة، وما يتعلق منه بربيع الشعوب العربية، بالاضافة الى مواقفه الشخصية من دول عربية وخليجية.

بسماحة القطب الصوفي، ودماسة الدبلوماسي المخضرم، استقبل الشيخ علاء الدين ابوالعزائم quot;إيلافquot; في مقر الطريقة العزائمية في القاهرة، ولم يستنكف الرجل الإجابة على اي سؤال يحمل طابعاً سياسياً او مذهبياً، مخرجاً ما تحمله جعبته من تفاصيل وأسرار.

في البداية كان السؤال، ما سرّ زيارة الوفد المصري الشعبي لايران في توقيت تم فيه إلقاء القبض على دبلوماسي ايراني بعد اتهامه بالتخابر لصالح طهران، وإمهاله 48 ساعة للملمة أوراقه والرحيل من البلاد؟

ابدى الشيخ ابوالعزائم ابتسامة عريضة، تركت انطباعاً بسذاجة الواقعة وما ترتب عليها من تبعات، إذ قال بعد صمت ليس بالطويل: quot;الاتهامات من بدايتها ليست طبيعية، والا لما قررت الاجهزة المعنية في مصر ترحيل الدبلوماسي الايراني قاسم الحسيني، ولم تحفظ نيابة امن الدولة التحقيق في القضية، على خلفية ما وصفته بـ quot;عدم دقة التحرياتquot; حول نشاط الحسينيquot;.

إذاً بماذا تفسر اتهام قاسم الحسيني بالتخابر، في وقت لا توجد أدلة اتهام ضده؟

quot;خفافيش الظلام والعملاءquot; قالها ابوالعزائم، مبدياً استخفافاً بما يُحاك من اتهامات لشخصيات مسؤولة، لخدمة من وصفهم بأعداء مصر والأمة العربية والاسلامية، واضاف: quot;واقع الحال يؤكد وجود عملاء لدول اجنبية في مؤسسات رسمية مصرية، ويسعى هؤلاء العملاء إلى زرع أجواء من الشقاق والفرقة بين مصر وايران، وذلك ليس الان ولكن منذ فترة طويلة، واعتقد ان اتهام دبلوماسي ايراني في القاهرة بالتخابر، لا يعدو كونه مجرد حلقة في مسلسل كيل الاتهامات، لزيادة هوة الصدع بين البلدين، ولعل ذلك يخدم دولاً خارجية في مقدمتها الولايات المتحدة واسرائيل، ومن هذا المنطلق يمكن التأكيد أن هؤلاء العملاء لا يزالون يمارسون نشاطهم بإخلاص لخدمة تل ابيب وواشنطنquot;.

نعود الى الزيارة، هل كانت تضامناً مع الدبلوماسي الايراني الذي تؤمنون - على حد قولك - ببراءته؟

رغم قناعتنا ببراءة ساحة الدبلوماسي الايراني، الا ان زيارتنا كانت تستهدف المبادرة بفتح قنوات التواصل بين مصر وايران، وعلى متن الطائرة التي اقلتنا من القاهرة لطهران، وقبل إقلاعها وبعد هبوطها لم نجر حواراً من اي نوع حول هذه القضية مع قاسم الحسيني، رغم أن الاخير كان ملازماً لنا في الرحلة، وانما تبادل اطراف الحديث معه بعض من اعضاء الوفد الشعبي حول العلاقات المصرية الايرانية وكيفية تطويرها لتأخذ مساراً صحيحاً، يقيها ثغرات الوثوب الامني والسياسي وربما الاقتصادي.

المبادرة الأولى للزيارة

من المبادر الى تنظيم هذه الزيارة؟

تلقيت انا وعدد من رموز الفكر والسياسة والصحافة في مصر دعوة من السفير الايراني في القاهرة quot;مجتبى أمانيquot; لزيارة ايران، متمنياً ان تعكس هذه الزيارة روح التقارب الثقافي بين الشعبين المصري والايراني، كما اعرب اماني في دعوته عن امله في اقامة علاقات متشعبة مع مصر، وامام هذه الدعوة وإدراكنا ضرورة التواصل مع ايران، كان لزاماً علينا تلبية الدعوة، للتعاطي مع روح المودة والاخاء بين الشعبين.

ولكنك كنت على علاقة بالايرانيين منذ فترة طويلة، فما طبيعة تلك العلاقة؟

اصل علاقتي بالايرانيين يعود الى عام 1997، إذ كان quot;مجمع التقريب للنزاهة الاسلاميةquot; الايراني، يتطلع الى التزود ببعض الابحاث، فتقدمت ببحث شامل حول دور الامام الحسن رضي الله عنه في وحدة المسلمين ونبذ الخلافات في ما بينهم، وكان لهذا البحث بالغ الاثر في تعميق اواصر العلاقة الطيبة مع الايرانيين، واصبح لي عدد من الاصدقاء الايرانيين في مقدمتهم صديقي محمد حاتم زماني الملحق الثقافي للسفارة الايرانية في القاهرة.

بعد هبوط الطائرة التي أقلتكم من القاهرة الى طهران، كيف بدأ وانتهى برنامج الزيارة، وما الذي جرى من حوارات مع الشخصيات التي التقيتم بها؟

كان لقاؤنا في اول ايام الزيارة مع مدير الاذاعة والتلفزيون الايرانية، واستهل الرجل حديثه خلال اللقاء بأمنياته في تدعيم اواصر العلاقات الثقافية بين مصر وايران، وإعرابه عن قناعته بالدور الثقافي الذي تلعبه مصر منذ عهود سابقة وحتى الآن. وفي اليوم الثاني للزيارة كان اللقاء بالرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، الذي اكد ترقبه لليوم الذي يتلقى فيه دعوة لزيارة القاهرة، مؤكداً امام الحضور انه اذا دعي لزيارة اية دولة اخرى على مستوى العالم في وقت تلقى دعوة لزيارة مصر، سيلبي الدعوة المصرية اولاً، وذلك تعبيراً عن مدى اشتياقه لهذه الخطوة منذ امد بعيد. ثم التقينا وزير الخارجية الايراني الذي اكد ضرورة التعاون بين بلاده ومصر. وفي اليوم الاخير التقى الوفد الشعبي المصري نائب رئيس الاذاعة الايرانية، الذي ابدى تطلعه إلى عودة العلاقات بين القاهرة وايران، معرباً عن امله في الرغبة لتبادل الزيارات بين الشعبين المصري والايراني من دون الحاجة الى تصريح سفر من الجانبين.

هل من الممكن خروج هذه التطلعات الى حيز التنفيذ في يوم من الايام؟

إذا خلصت النوايا وكانت هناك رغبة حقيقية لدى مصر في توطيد العلاقات مع ايران وعودتها الى سابق عهدها، فلن يكون ذلك مستحيلاً، ففي وقت تنحصر الرحلات الجوية بين القاهرة وطهران في عدد محدود من الرحلات، تسيّر دولة خليجية مثل الامارات العربية المتحدة رحلات جويةإلىايران تصل الى 32 رحلة يومياً، فلماذا لا تتعاطى مصر مع هذا التقارب؟

تحسبات المد الشيعي

وماذا عن المد الشيعي الذي تتحسب منه التيارات الراديكالية في مصر، إذا ما ذابت الحدود بين القاهرة وطهران؟

في حقيقة الامر طرح القيادي الاخواني المصري، عضو مجلس شورى الاخوان المسلمين الدكتور ابراهيم الزعفراني مبادرة خلال زيارتنا لإيران، دعا فيها الى عودة العلاقات بين مصر وايران، لكنه اعرب عن تخوفه من ردود الافعال التي تحذر من الدعوة الشيعية في مصر والسنية في ايران، غير انني بادرت بمداخلة قصيرة اقترحت فيها ان تكون الدعوة من الجانبين دعوة اسلامية، لتوعية وتوصيل الاسلام بصورته الصحيحة الى العالم.

قلت ان هناك دولاً اجنبية ترفض عودة العلاقات المصرية الايرانية، فما الحال بالنسبة إلى الدول الاقليمية؟

ليست اسرائيل او الولايات المتحدة وحدهما اللتان تعكفان على الحيلولة دون عودة العلاقات بين القاهرة وطهران، ولكنه توجد دول اقليمية اخرى في المنطقة تسعى إلى إحباط هذا التقارب، وغالباً ما يكون السبب في ذلك هو ارضاء واشنطن وتل ابيب، فكما ان مصر تضم عدداً من العملاء، الذين يسعون إلى إحباط التقارب المصري الايراني لخدمة قوى خارجية، تتبنى بعض الدول العربية والخليجية الدور نفسه لصالح القوى ذاتها.

هل تطرق الحديث خلال زيارتكم لايران الى قضايا سياسية خاصة ما يتعلق منها بربيع الشعوب العربية والثورات الشعبية ضد بعض الانظمة؟

لم يتطرق بنا الحديث الى هذه القضايا، ولكنني ارى ان ما يعرف بموسم ربيع الشعوب العربية، بدأ بالأساس عندما خطط الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الى الاطاحة بالزعيم الليبي معمر القذافي، غير ان السحر انقلب على الساحر، وبات بن علي هو اول رئيس عربي يرحل عن بلاده، الا انه ما لبثت عدوى تمرد الشعوب على انظمتها تنتقل الى مصر وليبيا واليمن وسوريا. وفي ما يخص ما يجري في سوريا، فاعتقد ان هناك قوى خارجية واقليمية تسعى إلى زعزعة الاستقرار في هذا البلد، وإن كنت أؤمن بضرورة الاصلاح السياسي في دمشق وفي غيرها من دول المنطقة، فلا شك ان الثورات العربية أجبرت انظمة مستبدة على مراجعة اوراقها، واعادة النظر في مصير شعوبها، ولكن لا ينبغي تجاهل دور دول أجنبية تساعدها دول اقليمية لزعزعة الاستقرار في سوريا وربما في دول اخرى.