تونس: حولت الثورة الشعبية التي شهدتها تونس، زين العابدين بن علي من رئيس قوي حكم البلاد بلا منازع لفترة طويلة، الى رجل ملاحق قضائيا ستتم محاسبته امام الغرفة الجنائية لمحكمة في العاصمة التونسية.

غير ان فرار الرجل القوي سابقا في تونس الذي يبدا الشق المدني من محاكمته الاثنين، الى السعودية اتاح له الافلات من الوقوف في قفص الاتهام كما ادانته المحتملة قد تكون رمزية الى حد كبير.

وكان بن علي الذي كانت صوره الرسمية تقدمه مبتسما ابتسامة حنو مع شعر داكن السواد في سن الرابعة والسابعين، فر في 14 كانون الثاني/يناير 2011 من تونس امام ثورة شعبية انهت حكمه الذي استمر 23 عاما.

وكان اعيد انتخابه مرات عدة آخرها في 2009 لولاية خامسة بعد ان حصل على اكثر من تسعين بالمئة من الاصوات.

وبن علي الخبير في الامن العسكري وتقنيات حفظ النظام، كان وصل الى الحكم في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1987 بعد ان ازاح الرئيس الاسبق لتونس الحبيب بورقيبة (1957-1987) الذي قال اطباء انه كان يعاني المرض ويعيش في شبه عزلة في قصره، في ما اطلق عليه البعض quot;انقلاب طبيquot; حدث دون اراقة دماء.

واشاد حينها انصاره والكثير من التونسيين به باعتباره quot;منقذاquot; للبلاد من السقوط في الهاوية وايضا باعتباره واضع اسس اقتصاد ليبرالي ومن قضى على تحرك اسلاميي حركة النهضة الذين اتهموا بالتحضير لمؤامرة مسلحة.

ومما كان يحسب له ايضا سياسة اجتماعية اطلق عليها quot;التضامنquot; مع صندوق خاص مخصص للمناطق الفقيرة كان المواطنون يساهمون في تمويله، وتطوير نظام الضمان الاجتماعي ومتابعة سياسة مؤيدة للنهوض بالمراة والتعليم كان بداها بورقيبة.

وظل يعتبر حتى آخر ايامه من قبل قسم كبير من المجتمع الدولي سدا امام التهديد الاسلامي مع بعض الانتقادات المحتشمة في كثير من الاحيان، لبطء عملية ارساء الديموقراطية والانتهاكات لحقوق الانسان.

وبمرور الايام زاد تصلب نظام بن علي الذي اصبح لا يتسامح مع معارضيه سواء من اليسار او اليمين مع آلاف الاعتقالات في تسعينات القرن الماضي وهيمنة مطلقة على الاعلام والنقابات كانت موضع انتقاد خصومه الذين كان اغلبهم في الخارج.

وبن علي من عائلة متواضعة من مدينة حمام سوسة الساحلية (شرق 130 كلم جنوبي العاصمة).

وهو عسكري تلقى تعليمه في مدرسة سان سير العسكرية الفرنسية والمدرسة العليا للاستخبارات والامن في الولايات المتحدة.

وقد نال سريعا رتبة جنرال وعين كاتب دولة للامن الوطني اثر quot;انتفاضة الخبزquot; في 1984 ثم وزيرا للداخلية الذي ضم اليه في ايار/مايو 1987 منصب رئيس الوزراء قبيل ازاحته بورقيبة وتوليه السلطة.

وبن علي اب لستة اولاد (خمس بنات وصبي) ثلاثة من زواج اول، وكان كثيرا ما يظهر مع زوجته الثانية ليلى الطرابلسي التي اضحت شيئا فشيئا موضع كراهية الشعب الذي يتهمها بانها دمرت مع اقاربها اقتصاد البلاد.

وبعد ان حاول استخدام القمع الدامي ثم الوعود باطلاق الحريات للقضاء على الثورة على نظامه، اختار بن علي وزوجته في النهاية الفرار من البلاد.

وستتم محاكمته اعتبارا من الاثنين بعد ان سمحت عمليات تفتيش بالعثور على مبالغ هائلة من الاموال السائلة والمجوهرات علاوة على مخدرات واسلحة في قصور رئاسية فر منها الرئيس المخلوع على عجل.

وكان احد اقارب الاسرة اكد خطأ على ما يبدو، ان بن علي تعرض منتصف شباط/فبراير الى جلطة دماغية دخل اثرها في غيبوبة.