وسّعالجيش السّوري نطاق عملياته العسكرية مقتحماًفجر السبت بلدة بداما التابعة لمحافظة ادلب في إطار الحملة التي بدأها منذ أيام ضدّ ما أسماها quot;العصابات المسلحةquot; فيحينتزايدت الضغوط الدولية على نظام الأسد. هذا وأقام شباب سوريون مركزا اعلاميا قرب الحدود التركية لنشر اخبار القمع في بلدهم.


جانب من التظاهرات التي شهدتها مدينة حمص السورية الجمعة

دمشق: وسع الجيش السوري السبت نطاق عملياته العسكرية التي بدأها في ريف ادلب (شمال غرب) واقتحم بلدة حدودية، في حين تزايدت الضغوط الدولية على نظام بشار الاسد ودعت بريطانيا رعاياها الى مغادرة سوريا فورا.

ويأتي ذلك فيما تدرس الولايات المتحدة امكانية ملاحقة نظام الرئيس السوري بشار الاسد بتهمة ارتكاب quot;جرائم حربquot; للضغط عليه من اجل وقف قمع المحتجين غداة تظاهرات جرت في مدن عدة وقتلت خلالها قوات الامن 19 متظاهرا، بحسب مسؤول اميركي.

وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان quot;الجيش السوري اقتحم السبت عند الساعة السادسة صباحا (3,00 تغ) بلدة بداما المجاورة لمدينة جسر الشغور (شمال غرب) حيث سمع صوت اطلاق اعيرة ناريةquot;.

واضاف رئيس المرصد quot;انتشرت نحو 5 دبابات وآليات عسكرية بالاضافة الى 15 ناقلة جند وحافلات وسيارات جيب على مداخل البلدةquot; التابعة لمحافظة ادلب (شمال غرب) والواقعة على الحدود مع تركيا وذلك في اطار الحملة العسكرية والامنية التي بدأها في ريف مدينة ادلب.

واشار عبد الرحمن الى ان quot;بلدة بداما كانت مصدر تزود الاجئين السوريين القابعين على الحدود التركية من جهة الاراضي السورية بالمؤونةquot;، معربا عن خشيته quot;من الاثار الانسانية التي ستترتب على ذلك كون اللاجئين لن يتمكنوا من الحصول على حاجاتهم المعيشية والتموينيةquot;.

كما لفت رئيس المرصد الى quot;اطلاق نار كثيف في مدينة خان شيخون بعد ان دخلتها فجر السبت سبع سيارات تابعة للامنquot;.

وكانت عشرات الدبابات والمدرعات وناقلات الجنود وحافلات تقل جنودا وعناصر من مكافحة الارهاب انتشرت الخميس على مداخل مدينة خان شيخون التابعة لمحافظة ادلب (شمال غرب) والقريبة من حماة (وسط).

واضاف عبد الرحمن الى ان quot;التعزيزات العسكرية التي تضم دبابات واليات عسكرية ما زالت متمركزة على المداخل الجنوبية والشمالية والغربية لمدينة سراقب (ريف ادلب)quot;، من دون ان يشير الى وقوع اي عملية عسكرية فيها حتى الان.

وتأتي هذه التحركات العسكرية غداة تظاهرات اطلق عليها منظموها اسم quot;جمعة الشيخ صالح العليquot; والتي جرت في عدة مدن سورية وشارك فيها مئات الالاف، بحسب ناشطين، واسفرت عن مقتل 19 شخصا برصاص رجال الامن كما قال مسؤول اميركي طلب عدم كشف اسمه.

وكان ناشطون حقوقيون اكدوا لفرانس برس مقتل 12 شخصا اثر اطلاق رجال الامن النار على متظاهرين في عدد من المدن السورية، وزودوا الوكالة بلائحة اسمية للقتلى.

من جهتها، اعلنت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن quot;استشهاد تسعة من المدنيين وعناصر الشرطة وجرح أكثر من سبعين بينهم ثلاثة ضباط أحدهم برتبة عقيد معظمهم سقط في هجمات لمسلحين على مبان عامة واستغلالهم لتجمعات للمواطنين في عدد من المناطق والمدن عقب صلاة الجمعةquot;.

بريطانيا تدعو رعاياها لمغادرة سوريا فوراً

ودعت بريطانيا السبت رعاياها الى مغادرة سوريا فورا على متن رحلات تجارية، محذرة من ان سفارتها في دمشق قد لا تتمكن لاحقا من تنظيم عملية اجلائهم في حال تدهور الوضع اكثر.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان quot;ان على الرعايا البريطانيين الرحيل على الفور في رحلات تجارية طالما انها ما زالت تعمل كالمعتادquot;.

واضافت الوزارة محذرة quot;ان اولئك الذين يختارون البقاء في سوريا او التوجه اليها بالرغم من تحذيرنا، عليهم ان يعلموا انه من المرجح جدا ان لا تكون السفارة البريطانية قادرة على تقديم اي خدمة قنصلية عادية في حال حصول تدهور جديد للنظام العام او في حال اشتدت الاضطرابات المدنيةquot;.

كما رأت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان القمع الدامي الذي يمارسه النظام السوري ضد المتظاهرين قد يؤدي الى تأخير ساعة رحيل الرئيس بشار الاسد لكن الرجوع الى الوراء لم يعد ممكنا.

وكتبت كلينتون في مقالة نشرتها جريدة الشرق الاوسط السبت ونشرت وزارة الخارجية الاميركية الترجمة الرسمية لها quot;من الواضح بشكل متزايد ان الرئيس الاسد قد اتخذ خياره. ولكن بينما قد يمكنه استمرار الوحشية من تأخير التغيير الجاري في سوريا، الا انه لن يعكس مجراهquot;.

كذلك اجرت كلينتون الجمعة محادثة هاتفية مع نظيرها الروسي سيرغي لافروف بشأن مشروع قرار في مجلس الامن الدولي حول سوريا، كما اعلنت الخارجية الاميركية.

وكان مسؤول اميركي كبير اعلن الجمعة ان الولايات المتحدة تدرس امكانية ملاحقة النظام السوري بتهمة ارتكاب quot;جرائم حربquot; للضغط عليه من اجل وقف قمع المحتجين.

وقال هذا المسؤول ان اجراءات جديدة من بينها عقوبات تستهدف قطاع النفط والغاز في سوريا، تدرس في اطار حملة اوسع لتعزيز الضغط على الرئيس بشار الاسد.

وادت اعمال العنف في سوريا الى مقتل 1297 مدنيا و340 من عناصر الامن واعتقال حوالى عشرة الاف شخص منذ انطلاق التظاهرات الاحتجاجية منتصف آذار/مارس، وفق مصادر حقوقية.

كما لجأ خمسة الاف اخرين الى لبنان

اكثر من عشرة الاف لاجئ سوري في تركيا

وتصاعدت عمليات النزوح من سوريا الى تركيا في الساعات الأخيرة الماضية ليفوق العدد 10 آلاف شخص فروا من الاضطرابات التي تشهدها بلادهم.

وكشفت ادارة الكوارث والأزمات التابعة لرئاسة الوزراء التركية في بيان لها عن أن عدد السوريين الذين لجأوا الى تركيا بلغ حتى الآن 10114 شخصا وذلك بعد أن عبر 421 سوريا الحدود التركية خلال الساعات ال24 الماضية.

وأشار البيان الى أن الجيش التركي يتولى الاهتمام بهؤلاء اللاجئين ويتم نقلهم الى المخيمات أو المستشفيات كما أنشأت السلطات مستشفى ميدانيا صغيرا في ياغلادادي وهو اكبر المخيمات لتأمين العناية الطبية الطارئة للجرحى.

جاء ذلك فيما أكدت السلطات التركية ان quot;حدودها ستظل مفتوحةquot; مع خشيتها من تدفق كبير للاجئين بعد أن تكثف وصول السوريين بسبب الأحداث القائمة في بلادهم منذ منتصف مارس الماضي.

وكانت مصادر تركية قد ذكرت من قبل ان تركيا بامكانها استيعاب 10 آلاف لاجئ وبعدها قد تفكر في اقامة منطقة عازلة والاستعانة بالمنظمات الدولية لمواجهة الأزمة.

وقال المسؤولون انه يتم تقديم ثلاث وجبات يوميا للاجئين فضلا عن الرعاية الطبية والمياه الساخنة ومعدات منزلية مثل الغسالات والتلفزيونات.

وكانت النجمة الاميركية انجيلينا جولي قد زارت احد المخيمات الجمعة بصفتها سفيرة للنوايا الحسنة للمفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وصرح وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الخميس ان تركيا ستبقي على حدودها مفتوحة امام السوريين الفارين من العنف وستواصل تقديم المساعدات الانسانية لالاف الاشخاص المحتشدين على الجانب الاخر من الحدود في سوريا نفسها.

وقد نزح كثير من اللاجئين من مدينة جسر الشغور التي شهدت حملة عنيفة نفذها الجيش السوري عقب احتجاجات مناوئة للحكومة. وتبعد البلدة السورية 40 كيلومترا عن الحدود التركية.

شباب يقيمون مركزا اعلاميا قرب الحدود التركية لنشر اخبار القمع في بلدهم

وبادر شباب سوريون رغم المخاطر التي تهدد حياتهم، الى تاسيس مركز اعلامي قرب الحدود التركية لاطلاع العالم على القمع الجاري في بلدهم حيث تفرض قيود على حركة الصحافيين.

وفي المركز الذي هو عبارة عن غرفة صغيرة في مكان سري قريب من الحدود التركية السورية، يجمع المعارضون الصور والأشرطة التي يرسلها المحتجون من مختلف المدن السورية، ويقومون بنشرها عبر الانترنت.

وكل ما يملكونه هو جهاز تلفزيون وطابعة واربعة اجهزة كمبيوتر محمولة وهواتف جوالة واتصال بالانترنت.

ولقد علمتهم تجربتهم انهم قد يدفعون حياتهم ثمنا لتسجيل وقائع القمع، ومن بينهم حسين الذين شاهد أخاه يقتل اثناء تصوير تظاهرة.

ويقول حسين ان تلك الواقعة الاليمة زادت من تصميمه على التحدي.

ويروي كيف اطلقت قوات الامن quot;النار بدم بارد على المحتجين السلميين. كان اخي يصور الحدث عندما قتل. انه بطل لانه اصيب وهو يصورquot;.

quot;لقد ضقنا ذرعا بالقمع والفساد والفقرquot;.

ويعمل نحو 30 شابا في المركز الصحافي ومعظمهم من مدينة جسر الشغور في شمال غرب سوريا، والتي شهدت حملة قمع دامية تسببت بنزوح الالاف الى تركيا التي تبعد عنها اربعين كيلومترا.

وينشر الشباب افلام الفيديو والصور عبر مواقع التواصل الاجماعي مثل يوتيوب وفيسبوك وتويتر.

ويقول جليل الناشط الاخر في المركز quot;بما ان الحكومة تمنع الصحافيين الاجانب من تغطية الاحداث، فقد اصبح الشباب صحافيين بحكم الامر الواقع في كل مدينة. بعضهم يصورون اشرطة فيديو واخرون يجرون مقابلات وينشر بعضهم ما يصورونه عبر الانترنتquot;.

وبين الشباب نجار يدعى جهاد في الثامنة والعشرين من عمره.

ويقول الشاب الذي يرتدي كوفية زرقاء quot;مهمتي ارسال اشرطة الفيديو التي تصور ما يحصل في المدن السورية الى محطات التلفزيون عبر يوتيوب. هي تظهر ما تفعله اجهزة الامن والاحتجاجات وكل شيءquot;.

ويضيف quot;انا اخشى على حياتي، ولذلك اخفي وجهي. ولكني لا افعل شيئا مخالفا للقانون. انا انقل فقط ما يحصل. لست ارهابيا ولا مسلحا. انا فقط واحد من الشباب المنادين بالحريةquot;.

وكان المركز الاعلامي يرسل في البداية صورا واشرطة عن الاحتجاجات والاضرابات والاعتصامات، ولكن مع ازدياد حدة القمع، بدأ الناشطون ينشرون انباء عن القتلى والجرحى.

ويقول جليل quot;نحن ننقل وجهة نظر الشارع السوري عما يحصلquot;.

وقطعت الحكومة كل قنوات الاتصال لمنع نشر اشرطة الفيديو والصور عبر الانترنت، ونجح الناشطون في الالتفاف على المنع ولكنهم يرفضون الكشف عن كيفية القيام بذلك.

ويقول جليل ان quot;النظام يعتبر اي نشاط خارج عن سيطرته عملا ارهابيا. الحكومة تعتبرني الان مثل (اسامة) بن لادنquot;، زعيم تنظيم القاعدة.

ويروي جهاد من جانبه كيف نجح في الافلات من قبضة اجهزة الامن.

ويقول quot;لقد جاءوا الى منزلي لاعتقالي. نبهتني زوجتي فصعدت الى السطح، ثم قفزت على سطح آخر وهربتquot;.

ويؤكد جهاد ان القمع الدامي ادى الى تجذير حركة المعارضة.

ويوضح quot;في البدء كان هدفنا كشباب هو فقط الحصول على الحرية. ولكننا اليوم نريد اسقاط النظام، لقد فقدنا كل ثقة بهمquot;.

ويؤكد الناشطون حرصهم على سلامتهم وعلى سرية نشاطهم. ويقول حسين quot;علينا ان نعمل في مكان سري لان الحكومة بدأت تستهدفنا ما ان ادركوا ما نحن فاعلون. يريدون اعتقالنا ورمينا في السجنquot;.

وتقول منظمات غير حكومية ان اكثر من 1300 مدني قتلوا و340 من قوات الامن في اعمال العنف منذ بدء حركة الاحتجاجات في سوريا في منتصف اذار/مارس الماضي. كما اعتقل حوالى 10 الاف شخص.