الرباط: قبل الإعلان عن مشروع الدستور الجديد، تصاعدت تحذيرات على لسان فعاليات وشخصيات إسلامية مغربية من مغبة استهداف المرجعية والهوية الإسلامية.

العاهل المغربي صادق على التعديلات الجديدة

وأشارت مصادر مختلفة إلى أن ضغوطات دفعت إلى إحداث تغييرات على الدستور تهم جانباً بعينه، قبل تسليم النسخة المسودة إلى زعماء الأحزاب والمركزيات النقابية.

وقال سعيد لكحل، باحث متخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن quot;ديباجة مشروع الدستور والفصل الثالث منه ينصان على أن الدولة المغربية دولة إسلامية، وأن الإسلام دين الدولةquot;، مشيرا إلى أنه quot;من الناحية المبدئية لا خلاف على التنصيص على إسلامية الدولة وعلى اعتبار الإسلام دين الدولة، لكن من الناحية السياسية والدستورية الأمر يطرح إشكالا حين يتعلق بالتشريعquot;.

وذكر سعيد لكحل، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أنه quot;في هذه الحالة ستتدخل الأطراف من داخل البرلمان، أو من خارجه للطعن، أو معارضة مشاريع قوانين بدعوى مخالفتها للتشريع الإسلامي، خصوصا حين يتعلق الأمر بالمواثيق الدولية. فتصدير الدستور ينص على التالي (جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة)quot;.

وأضاف الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية: quot;هنا يطرح الإشكال ليس في الإسلام كدين، وإنما في القراءة البشرية للدين الإسلامي وتشريعاته. إذ الاجتهاد الذي يقدمه السلفي الوهابي ليس هو الاجتهاد الذي قدمه مثلا علال الفاسي والعلامة محمد بن العربي العلوي، وقبلهما الشيخ محمد عبده. هؤلاء قدموا قراءة تجديدية للخطاب الديني بما يستجيب لحاجات المجتمع وظروفه المعاصرة. أما ما يقدمه السلفي الوهابي فيتصادم بين الدين وبين المجتمعquot;.

إذن سنجد أنفسنا، يشرح سعيد لكحل، quot;أمام قراءات متباينة واجتهادات متنافرة للدين، بعضها يحلل وبعضها يحرم. وهنا تكمن إشكالية التنصيص على سمو التشريعات الإسلامية على المواثيق الدولية والتشريعات الوطنيةquot;.

وقال الباحث المغربي quot;إلى الآن الإشكال غير مطروح بالنسبة للمغرب، لكن فيما سيأتي من الأيام سيثار الإشكال وإن في حدود معينة. وكانت القوى الديمقراطية الحداثية تطالب بأن ينص الدستور فقط على إسلامية الشعب المغربي، وليس الدولة المغربية حتى تتم المحافظة على الطابع المدني للدولة. لكن الضغوط التي مارسها التيار المحافظ (الإسلاميون، حزب الاستقلال) على اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور اضطرها لتعديل الصياغة لتصبح quot;الإسلام دين الدولةquot;.

وهذا ما أكده quot;الطوزي، يضيف سيعد لكحل، بأن quot;اللجنة كانت قد أشارت إلى موضوع الدولة المدنية، وأنه بعد الضغوطات التي مارستها حركة التوحيد والإصلاح، وتهديدات بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وأيضا تصريحات للقيادي البارز في حزب الاستقلال امحمد الخليفة، فقد أدى للتراجع عنها) . إذن هناك ضغط من طرف التيار المحافظ من جهة، ومن أخرى غياب التنسيق بين مكونات التيار الحداثي لتشكيل قوة ضاغطة، كما أكده الطوزي، عضو اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور في قوله (ويكمن السبب في ذلك في ضعف رد القوى التقدمية والحداثية التي كان يفترض أن تضغط لفرض عدم التراجع عن تلك المطالب). لهذا فمشروع الدستور تحكمت فيه التجاذبات السياسية بين القوى وقدرتها على ممارسة الضغطquot;.