محمود عزب مستشار شيخ الأزهر

جدد مستشار شيخ الأزهر رفض الأزهر أي حوار مع الفاتيكان دون إلتزام الأخير بمبدأ الاحترام المتبادل،وعدم التجريح في الإسلام بغير علم، كما أكد عزب أن دخول أي شخص في الإسلام صحيح شرعا، لكن القانون المصري لا يعترف بإسلام القاصرين.


أحمد حسن من القاهرة: أكد محمود عزب مستشار شيخ الأزهر للحوار أن اعتناق فتاتي المنيا كرستين quot;17عاماًquot; ونانسيquot;14 عاماًquot; الإسلام صحيحٌ من الناحية الشرعية، لكن القانون المصري لا يعترف بإسلام من يقل عمره عن 18 عاماً باعتباره قاصراً.

وأضاف عزب الذي يعمل أيضاً أستاذاً للحضارة الاسلامية في جامعة السوربون في باريسفي مقابلة مع quot;إيلافquot; أن وثيقة الأزهر التي طرحها مؤخراً حول مدنية الدولة تعتبر دستوراً للعلاقة بين أفراد المجتمع، وتقر حقوقهم على إختلاف ديانتهم أو أعراقهم، ولا تفرق بينهم بأي شكل من الأشكال.

ورفض عزب استئناف الحوار مع الفاتيكان إلا بعد الوفاء بالشروط التي وضعها الأزهر، وأهمها الإحترام المتبادل، وعدم التجريح في الإسلام بغير علم، مشيراً إلى أن الأزهر يرفض كذلك الحوار مع من وصفهم بـquot;الصهيونيين واليهود المتطرفينquot;.

ـ في إطار الدور السياسي للأزهر الذي يحاول القيام به حالياً، كيف يرى الثورات التي اندلعت في ليبيا وسوريا واليمن؟

استقبل الإمام الأكبر وفداً من الثورة الليبية، ووفدا آخر من الحكومة التابعة للقذافي، وأكد لهم استعداد الأزهر المساهمة في الحل في اطار الوقوف بجانب الثوار ودعم حقهم في تحديد مصيرهم واختيار من يحكمهم، كما طالب بوقف اطلاق القتال من جانب قوات القذافي، والبحث عن وسيلة للحل السلمي للازمة، وأنه في حالة قبول الحكومة الليبية وساطة الأزهر، فإن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ذلك لا يمانع في طرح مبادرة موضوعية، ورد وفد الحكومة الليبية أن الامر سوف يعرض على الرئيس الليبي، كما أن الأزهر يدعم حقوق الشعبين اليمني والسوري في الحرية والتغيير الذي ينشدونه، ويطالب بحقن دمائهم. و من هنا فالازهر عليه دور في حل الازمات في البلدان العربية، وشيخ الأزهر يعمل ما في استطاعته لحل الازمة في اليمن وسوريا ولكن لابد أن تكون هناك حكومات على استعداد لقبول الحلول الموضوعية بما يحفظ الدماء، ويحقق الحرية والكرامة للشعوب.

ـ هل كانت هناك ضغوط من نظام الرئيس السابق حسني مبارك لتجميد الحوار مع الفاتيكان، بسبب الإنتقادات التي وجهها البابا لمصر أثناء تفجيرات كنيسة القديسين في الإسكندرية؟
الأزهر إتخذ القرار بشكل سيادي دون طلب أو تدخل من الدولة في وجود النظام السابق، والقرار بالتجميد للحوار كانت له أسباب بعد تصريحات البابا بندكيتوس السادس عشر المستفزة في هذا الوقت الذي طالب فيه بالحماية للاقباط في مصر والعراق، حيث وجد شيخ الأزهر أن تلك الدعوة تمثل تدخلا فى الشأن الداخلي المصري، وكنا نريد أن تكون دعوة البابا عامة لجميع الشعوب دون تفرقة بين دين وعرق، ثم أنه كان من الأولى لبابا الفاتيكان أن يطالب بحماية المسيحيين والمسلمين في فلسطين مما يحدث لهم من انتهاكات اسرائيلية، ولهذه الأسباب جميعها درس الأزهر الأمر، وقرر تجميد الحوار، ولكننا لم نلغ الحوار و الكرة ما زالت في ملعب الفاتيكان.

ـ هل حدث اتصال بين الأزهر والفاتيكان خلال الفترة الماضية؟
هناك محاولات من جانب الفاتيكان لعودة الحوار ولكننا وضعنا شروطا لابد من تنفيذها أولاً.

ـ وما هي هذه الشروط؟
الاحترام المتبادل والمتكافئ واحترام العقيدة ورفض الاتهامات القائمة على أدلة غير صحيحة وبذل جهد لتقريب حقيقي بين المسلمين والمسيحيين، ففي عهد البابا الحالي لم يكن هناك التزام حقيقي بالحوار البناء مع الإسلام، والأزهر لديه إصرار على أن يبدأ عهد جديد قائم على الإحترام المتبادل، والحوار حول نقاط الإتفاق وهي لا عد لها ولا حصر.

ـ وهل كان للحوار بين الحضارات مردود واضح طوال السنوات الماضية؟
هدف الحوار التقارب والتعايش السلمي للوصول الى القيم العليا المشتركة بين جميع الأديان وقد قدمنا الكثير حول حقيقة ووسطية الإسلام القائمة على حماية الانسانية ولابد من التفرقة بين مبدأ الحوار ووسائله، فالحوار ضروري، فإذا قام الأزهر بإلغاء الحوار فإنه يكون ألغى سماحة ووسطية الدين، وهذا لم يحدث الأزهر جمّد الحوار ليس أكثر، ومن الممكن إستئنافه في أي وقت إذا تحققت الشروط التي وضعناها.

ـ ولكن الفاتيكان هدد باللجوء الى الحوار مع ايران بدلاً من الأزهر في حالة تمسكه بقرار التجميد؟
نقول له تحاور مع من تشاء ولا دخل لنا في هذا، وأود القول إن تحاور الفاتيكان مع أي شخص أو أي دولة لا يمثل لنا تهديدا، أو مشكلة وأنا أؤكد ذلك للعالم أجمع، ولن نتنازل عن الشروط التي حددناها لعودة الحوار مع الفاتيكان.

ـ هل الأزهر يعطي الاولوية للحوار مع الفاتيكان فقط؟
الفاتيكان احدى الجهات الكبرى في هذا المجال، لكن الأزهر يجري حوارا مع الأميركيين والكنيسة البريطانية ومع العالم كله، فنحن نتحاور مع جميع المؤسسات الدولية والمدارس والجامعات والجهات الأكاديمية.

ـ لماذا يجمد الأزهر الحوار مع اليهود واسرائيل؟
الأزهر يعلن تحاوره مع جميع اليهود المعتدلين غير المتطرفين ولكن التحاور مع الصهيونيين واليمين المتطرف في اسرائيل أمر مستحيل وكذلك المتطرفين من غير المسلمين.

ـ هل تعاني أوروبا جهلا حقيقيا بالاسلام؟
هناك فوبيا ضد الاسلام لعدم فهمه، وقد يرجع ذلك إلى السلوك الخاطئ من جانب المسلمين في التعامل وإلصاق البعض العنف بالإسلام، ولكننا نحاول تصحيح تلك المفاهيم الخاطئة.

ـ ما حقيقة أزمة إعتناق فتاتي المنيا كرستين ونانسي للإسلام؟
استقبل الإمام الأكبر وفدا من القساوسة للاستفسار عن اسلام الفتاتين، وأكد لهم أن القانون يمنع إشهار إسلام من يقل عن 18 عاما، ولم يتطرق شيخ الأزهر إلى مدى صحة اسلام كرستين ونانسي البالغتين من العمر17 و14 عاما، ولم يتطرق إلى الفرق بين إسلام القاصرات من الناحية الشرعية، وكل وسائل الاعلام خرجت لتؤكد على لسان الامام الاكبر بما يفيد انهم غير مسلمتين، فكان لابد من توضيح الحقيقة، وهي أن إسلام الفتاتين صحيح من الناحية الشرعية، ولكنه باطل من الناحية القانونية.

- لماذا صدرت وثيقة الأزهر في هذا الوقت بالذات؟
يلعب الأزهر دوراَ سياسياً بعد الثورة من منطلق الدور المفترض القيام به على مدار تاريخه، والذي تراجع خلال السنوات الماضية، فكان لابد من التحرك لتقريب الخلافات في الرأي والتوجه بين مختلف فئات المجتمع حول الدولة المدنية أو الدينية، وحول الإختلاف على الكثير من القضايا، و كان لابد من تدخل الأزهر بالاستماع إلى جميع القوى السياسية والدينية والثقافية، وبعد هضم جميع وجهات النظر، تم وضع الوثيقة لتكون دستوراً جديداً في علاقة الدولة بالدين. الحقيقة الجميع شارك في وضع الوثيقة ووافق عليها.

ـ ولكنّ السلفيين يعترضون على عدم المشاركة في وضع الوثيقة، ويوجهون انتقادات شديدة للكثير من بنودها؟
وجه الأزهر الدعوة لجميع الفئات دون استثناء، والوثيقة تعتبر بمكانة دستور تضمن مجتمعا يساوي بين جميع المواطنين رغم اختلافهم الثقافي والديني، حيث طالبت الوثيقة بتوفير جميع الحقوق للمواطنين في العبادة دون النظر إلى خانة الديانة، واعتبرت أن توجيه الكفر لغير المسلمين جريمة تستحق العقاب، وأكدت مدنية الدولة، وأكدت في الوقت نفسه أن الشريعة الاسلامية مصدر التشريع، وأن الأزهر الشريف هو المرجعية الاسلامية في مصر، إلى جانب ان الوثيقة طالبت بالحريات لأصحاب الفكر والكتاب، وليس معنى أنها جاءت على غير هوى البعض أن يتم التقليل من أهميتها.

ـ وهل الوثيقة سوف تنفذ على أرض الواقع؟
نحن أوضحنا رأي الازهر تجاه أزمات المجتمع، ووضعنا حلولا بشأنها، والوثيقة امام المسؤولين في الحكومة للعمل بها وفق ما يتراءى لهم.