مع تفشي الموضة الغربية بين الشباب في العراق، دعا الباحث النفسي كريم حسين الى متابعة الاهل والمجتمع لابنائهم وتبني خطابا في الإعلام يساهم في عودة الجيل المغترب في أفكاره الى جذوره العربية، كما رفض الكثيرون من أبناء المجتمع quot;اللوكquot; الغربي للشباب وإعتبروه تقليدا أعمى.


شباب عراقيون بقصات شعر ولوك غربي

تشيع بين الشباب في العراق موضات غربية، تشكل ظاهرة بدت كما لو ان المجتمع يتقبلها ويبارك لها، لتصبح جزءا من عاداته وتقاليده، طالما انها أصبحت صورة يومية تعتاد عليها العين في مراكز المدن، والساحات العامة والأماكن المزدحمة لاسيما أماكن التسلية والمنتديات والنوادي الاجتماعية، لكن الحقيقة غير ذلك، فهناك الكثير ممن يرى في quot;التقليعات الشبابيةquot; ظاهرة دخيلة على المجتمع الشرقي لاسيما العراقي.

وبين من يعتبرها نتاجا لانفتاح المجتمعات وانصهارها في بوتقة ثقافية واحدة بسبب العولمة ووسائل الميديا، وبين من يراها ظاهرة سلبية دخيلة، بين هذا وذاك يدور جدل حول مستقبل الشباب، الشريحة الاكثر فاعلية، التي تعتمد عليها المجتمعات في بناء مستقبلها.

نظرة دونية

على رغم ان اغلب الشباب لا يرى ثمة علاقة بين المظهر الخارجي والأداء المجتمعي، فان كثير من العراقيين ممن تعايشوا مع هؤلاءquot; المراهقين quot; والمقلدين للغرب ينظرون اليهم نظرة دونية، بحسب الشاب لؤي حسين الذي وشم على ذراعه صورة فتاة، وارتدى قبعة غربية، وأطلق العنان لشعره.

ويؤكد حسين ان أسرته أيضا تعامله وكأنه خارج على تقاليد المجتمع على رغم انه مجتهد في دراسته حيث أنهى مرحلة الخامس الثانوي بنجاح.

أما صديق لؤي واسمه علي حسون الذي يقلد أفلام الغرب في ملابسه، فقد سحب شعره الى الأعلى على شكل قصة laquo;السبايكيraquo; كما يسميها مستخدما quot; الجل quot; المثبت للشعر.

ويلجأ الكثير من شباب العراق الى تسريحات غريبة في الشعر مثل الحلاقة المائلة، وترك قسم منه منتصبا كالأشواك.

كما يحرص البعض على تلوين أطراف الشعر بالأشقر والأبيض مرتدين القبعات الغريبة و السراويل و القمصان الفضفاضة جدا. كما يحلق البعض شعره تماما، للحصول على صلعة ملساء.

ويقول حسون انه في المدرسة لا يجرأ على هذه القصّة. ويضيف: يمكن القول ان هذا quot;اللوكquot; خاص بالحفلات الخاصة والسفرات وأيام العطل.

أما حسام وهو طالب في الإعدادية فلا يعبا للآخرين وهو يرتدي بنطاله quot;طيحنيquot; بطريقة مثيرة للانتباه. كما يستمع حسام وأصدقاؤه الى الأغاني الغربية الصاخبة.

تقليد للغرب

ويرفض الكثير من أبناء المجتمع quot;اللوكquot; الغربي للشباب ويعتبرونه تقليدا أعمى للغرب لا يمت بصلة الى القيم والتقاليد الاجتماعية العراقية لاسيما اذا ما اظهر الشاب في مظهر قريب الى شكل الإناث، او اذا ما اظهر الفتاة وكأنها رجل.

وتقول شيماء جعفر وهي طالبة في جامعة بغداد أنها تمتعض من بعض زملائها في الجامعة ممن يدمن مثل هذه التقليعات. وعلى رغم ان شيماء لم يصبها اذى شخصيا من هؤلاء لكنها تعتقد انه ليس من حقهم تشويه صورة المجتمع.

وتضيف : مجتمعنا المحافظ له ثوابت اجتماعية وأخلاقية ودينية وأي خروج على هذه الثوابت يعتبر شذوذ. وترتدي شيماء الحجاب وتحرص على الملابس المحتشمة.

الفتيات ايضا

وبحسب شيماء فان من الفتيات العراقيات ممن يقلدن ما يعرض في وسائل الميديا مثل التلفزيون والانترنت، فيحرصن على ارتداء البناطيل الضيقة، واقتناء ماسكات للشعر ndash; على سبيل المثال - محولات رؤوسهن إلى أبراج.

كما تلجأ بعض الفتيات إلى ارتداء موضة غريبة هي (شيلة أم النفخة) ويوكن وصفها بانها حجاب عصري على النمط الغربي.

لكن هناك من الشباب ممن يرتدي بناطيل laquo;لو ويستraquo; الواسعة من الأعلى و يرتديها الشاب من دون ارتداء حزام، بل ان البعض يبالغ في الأمر مظهرا ملابسه الداخلية.

وفي ذات الوقت تؤكد سمية حسن زميلة شيماء ان اغلب الفتيات لا يقتربن من هؤلاء، لان هناك شعورا بان هؤلاء شبابا يمكن ان يقدموا على تصرفات غريبة او مشينة.

الجوهر لا الشكل

غير ان حوراء الأسدي التي ترتدي ملابس قريبة الى النمط الغربي لا تمانع من اصطحاب هؤلاء ضمن الحدود المسموح بها وتقول اquot;علينا تقبل الشخص بسلوكه وأخلاقه وثقافته لا بملابسه وشكلهquot;.

وتضيف: اعرف البعض ممن يغالي في تقليد الأنماط الغربية لكني اعتبرهم شبابا شجعانا، يمتلكون إرادة قوية ومنفتحين على العالم.

اما الطالب سهيل نجم في جامعة بابل (100 كم جنوب بغداد) فيرى ان دراسته للاجتماع تشجعه على القول ان اغلب التقليعات والمظاهر التي انجذب إليها الشباب تعود الى توترات في الشخصية، ينتج عنها تقليد أعمى للغير يؤدي في الغالب الى اتجاهين، الاول هو فقدان الهوية نهائيا، والثاني الرجوع الانتكاسي حيث يعود الشباب الى واقعه نادما على ما فعله لكنه محبط ويائس ومنطوي.

ويضيف : ان هذه الاضطرابات مثلما تؤدي الى الانفتاح غير المقيد والصارخ فانها في ذات الوقت تؤدي في بعض الحالات الى الانغلاق المفرط، وفي الحالين يعد ذلك حالة مرضية.

روح التمرد

ويشير الباحث النفسي كريم حسين الى ان الشباب العراقي يمتاز بروح التمرد. لكن المشكلة بحسب حسين ان لا مشاريع او قنوات تستطيع استيعاب هذا التمرد في مرحلة المراهقة.

وفي اغلب دول العالم فان الشاب في مرحلة المراهقة يحب الحرية ويرفض القيود من قبل الاهل او المجتمع محاولا إثبات وجوده عبر تصرفت وسلوك يعتقد فيه انه يجد شخصيته ويثبت وجوده عبرها.

ويمارس شاكر ورفاقه مجموعة من الحركات والأزياء مثل الكدش، واللوويست، والربر، والمعكاسات، معبرين عن انسفهم بطرق خاصة. وبحسب الفتى سمير مالك فان هذا اللوك والحركات وسيلة لجلب الأنظار فحسب.

لكن سمير الذي انضم الى مركز شباب في الكرادة (منطقة في بغداد) يؤكد ان هذه الطريقة في الزي والسلوكيات هي في فترات محددة ولا يمكن القيام بها في المدرسة او المراكز الاجتماعية. ويضيف: مراكز الشباب استوعبت الكثير من الفتيان المراهقين الذين وجدوا في ممارسة الهوايات فرصة للتعبير عن أنفسهم بشكل أكثر عمقا.

ويضيف : ثمة من الشباب المراهق من أصحاب اللوك الغربي من يحاول لفت الأنظار بالغناء ومعاكسة النساء وإزعاج العوائل وقيادة السيارات بسرعة جنونية.

حلاق الشباب

وبحسب حلاق الشباب امين حسن فان اغلب الشباب يرتادون صالونه لقص شعرهم على اسلوب التسريحات الغربية من مثل قصة laquo;الإيموraquo;و laquo;الموهوكraquo; و laquo;السبايكيraquo;.

ويشير الباحث الاجتماعي حسين الى ان العولمة أسهمت بشكل كبير في تقليد الشباب للنمط الغربي. ويتابع حسين: منذ عام 2003 طغت الكثير من أنماط الحضارة الغربية على الحياة في المجتمع العراقي. ويضيف : نبدو اليوم وكأننا النقطة الأضعف ثقافيا حين نستورد الأفكار والسلوكيات من دون ان نصدر.

ويخشى حسين من فقدان الهوية لدى الشباب داعيا الى المتابعة الأسرية والمجتمعية وتبني خطابا في الإعلام يسهم في عودة الشاب المغترب في أفكاره الى جذوره العربية والإسلامية. ويطالب حسن بمحاربة السلوكيات الشاذة التي تتجاوز القيم الدينية والاجتماعية لاسيما في الأماكن العامة.