موسكو: يستعد المسلمون في روسيا مثل إخوانهم في الدين في دول العالم الأخرى لشهر رمضان المبارك حاليا.

ويبلغ عدد المسلمين في روسيا الاتحادية ما بين 15 إلى 20 مليون شخص، وفقا لتقديرات مختلفة، وهم يقطنون، أساسا، أراضي جمهوريات قومية مثل داغستان والشيشان وأنغوشيتيا في شمال القوقاز، وتتارستان وباشكيريا في إقليم نهر الفولغا.

وبما أن المسلمين يشكلون أغلبية بين سكان هذه الأقاليم فإن علامات قرب حلول شهر رمضان المبارك تتبين فيها أكثر من غيرها من المناطق الروسية.

ويلاحظ المرء في هذه الأيام توافدا مكثفا للناس على المساجد، وكيف يمتنع المواطنون عن تناول المأكولات والمشروبات في الأماكن العامة من الآن، فيما تخلو الشوارع والميادين من المارة مع حلول الظلام لأن المؤمنين يفضلون الذهاب إلى بيوتهم للعشاء برفقة أفراد عائلاتهم أو زيارة ذوي القربى أو الأصدقاء في بيوتهم أو استضافتهم عندهم.

وجدير بالذكر أن الصيام في شهر رمضان من هذا العام سيكون صعبا جدا بالنسبة للمؤمنين في روسيا الاتحادية بسبب ارتفاع درجات الحرارة أعلى من معدلاتها بخمس - ست درجات حتى 30 - 35 درجة مئوية في كل أراضي روسيا تقريبا. كما سيصل طول فترة الإمساك عن الطعام والشراب خلال شهر رمضان المقبل إلى 17 ساعة تقريبا، نظرا لتزامنه مع فصل الصيف، لتقتصر الفترة المتاحة للنوم الليلي على عدة ساعات فقط.

وفي مثل هذه الأحوال توجه رجال الدين إلى أتباعهم بخطب تشجيعية داعيين إياهم إلى إبداء الصبر والصمود لتحمل الظروف الصعبة لشهر الصيام هذا العام في سبيل أداء واجبهم.

كما وجهوهم نحو القيام بأمور طيبة في هذا الشهر العظيم تجاه الناس الآخرين ولاسيما المحتاجين والمحرومين. وتتاح فرص كثيرة لذلك، بحيث تقام في البلاد فعاليات خيرية مختلفة وتقدم معونات نقدية وغذائية للمرضى والمعوزين.

وقد أطلق صندوق quot;سوليدارنوستquot; (التكافلquot;) الخيري العامل في موسكو عشية حلول شهر رمضان المبارك برنامجا جديدا يهدف إلى مساعدة اليتامى الذين يعيشون في بيوت أقاربهم وفي دور الأطفال والملاجئ. وستذهب الأموال التي سيتم جمعها في إطار هذا البرنامج ضمن فعالية تحت شعار quot;رمضان بلا حدود...ولنغير هذا العالم معاquot;، لشراء ملابس وكتب وألعاب ولوازم مدرسية.

وقالت رئيسة الصندوق، السيدة ليليا محمدياروفا، إن منظمتها تعتني أيضا بالأرامل اللواتي وجدن أنفسهن بدون مصدر رزق بحكم الظروف المعيشية. ويخطط الصندوق لصرف الأموال التي سيحولها مانحون، لشراء ماكينات وأدوات لفتح ورشة خياطة لإتاحة فرص العمل لهذه الشريحة من النساء حتى يصبحن في المستقبل قادرات على العيش بصورة مستقلة دون الاعتماد على مساعدات الغير.

وعشية حلول شهر رمضان المبارك لوحظ ازدياد النشاط المرتبط به على شبكات التواصل الاجتماعي التي يستخدمها في روسيا بالدرجة الأولى الشباب (تحت الثلاثين من عمرهم). ولقي رواجا كبيرا في هذه الشبكات تشكيل مجموعات متخصصة يتبادل المنتسبون إليها النصائح بشأن أداء واجب الصيام وينشرون معلومات حول إقامة فعاليات خيرية وحفلات إفطار جماعية.

وأصبح تقليدا طيبا في السنوات الأخيرة نصب quot;خيم رمضانيةquot; لدى المساجد في مختلف المدن الروسية. ويتردد على كل خيمة منها ما بين 100 و300 شخص يوميا، وهم من المسلمين ومعتنقي الديانات الأخرى. وتقدم للضيوف مأكولات لذيذة وتعرض عليهم المشاركة في مسابقات مفيدة وممتعة وكذلك الاستماع إلى كلمات إرشادية يلقيها علماء دين معروفون.

وهناك مبادرة رمضانية ذات مدلول خاص طرحتها السلطات الشيشانية هذه السنة. ويدور الحديث عن الجهود التي يبذلها الرئيس رمضان قادروف الذي عقد العزم على تسوية المشكلة القديمة بأسرع ما يمكن في جمهوريته وهي عادة الثأر العائلي. وأشار الرئيس الشيشاني الشاب إلى أنه يعتبر من الصواب إجراء مصالحة في شهر رمضان بالذات بين آخر من تفرق بينهم عداوة مميتة من هذا النوع، علما بأن هناك 35 عائلة ما زالت تكن عداوة إحداها تجاه الأخرى، بينما أعلنت غالبيتها في الوقت ذاته استعدادها لإسقاط حقها في استيفاء الثأر العائلي والغفران لأعدائها الدمويين حرصا على أرواح أبنائها الذين يقتلون بالعشرات كل سنة بسبب تقاليد الثأر العائلي.

ويقول الرئيس قادروف إن مبادرته الرمضانية هذه حظيت بدعم وتأييد من قبل علماء الدين البارزين في الجمهورية.