أثيرت في مصر أخيراً قضية التمويل الخارجي للمنظمات الحقوقية والحركات السياسية، لاسيما بعد إعلان الولايات المتحدة الأميركية أنها منحت منظمات مدنية في مصر مبالغ طائلة تراوحت ما بين 40 و105 ملايين دولار بعد الثورة، ما وضع كل المنظمات والحركات السياسية موضع الشبهات.


جدل حول قضية التمويل الخارجي للمنظمات الحقوقية في مصر

أحمد حسن من القاهرة: بدأت نياية أمن الدولة العليا في مصر التحقيق فى الإتهامات بحصول منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية على منح خارجية، وتحديدًا من الولايات المتحدة الأميركية، لاسيما بعد إعلان السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون، أمام الكونغرس أن واشنطن أنفقت 40 مليون دولار دعمًا لمنظمات المجتمع المدني في مصر منذ ثورة يناير، وأن 600 منظمة طلبت تمويلاً لأنشطتها.

كما تحقق نيابة أمن الدولة فى الاتهامات الموجهة لحركة 6 إبريل بالحصول على معونات أجنبية، وقرر الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في هذا الموضوع، بعدما حذرت لجنة القوات المسلحة المنبثقة من مؤتمر quot;الوفاق القومي quot;من محاولة الولايات المتحدة اختراق شباب الثورة من خلال تقديم تمويل لهم يقدر بملايين الدولارات عبر موقع التواصل الاجتماعى فايسبوك.

ويقول حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان لـquot;إيلافquot; إنه لا يعرف سببًا لإثارة قضية التمويل الخارجي في هذا الوقت تحديدًا، خاصة أنه كان أمرًا طبيعيًا قبل ثورة 25 يناير، وكان يتم تحت مراقبة الحكومة متمثلة في وزارة التضامن الإجتماعي أو وزارة الخارجية، مشيرًا إلى أن هذا التمويل يصل عبر حسابات بنكية معلن عنها، لذلك لا يستطيع أحد الإدعاء بأن هذا الموضوع يتم بشكل سري، لا تعلم عنه الحكومة شيئًا.

وطالب أبو سعدة نيابة أمن الدولة بسرعة الإنتهاء من التحقيقات في اقرب وقت ممكن حتى تظهر الحقائق كاملة امام الرأي العام، ويعرف المصريون من الذي حصل على الـ40 مليون دولار التي أعلنت عنها السفيرة الأميركية في القاهرة، وتحديدًا بعد الثورة حتى لا تكون هناك اتهامات بدون دليل، كما حدث مع حركتي 6 أبريل وكفاية.

يرفض محمد الأشقر منسق حركة كفاية في حديث لـquot;إيلافquot; الاتهامات الموجهة إلى حركة كفاية بالحصول على تمويل خارجي بعد الثورة لتنفيذ مخطط اجنبي، وقال: إنه أمر مرفوض تمامًا، وأطالب من إدعوا ذلك تقديم الدليل، وقد تقدمنا ببلاغ للنائب العام للتحقيق، كما نطالب المجلس العسكري والحكومة بتقديم الدليل على اتهامنا بالتخوين والحصول على اموال من الخارج إلى جانب تيارات سياسية أخرى من أجل حثّ الشبابعلى المشاركة في الثورة بدفع الأموال إليهم، والتي تأتي من الخارج، فإذا ثبتت هذة الاتهامات، فلا بد من إحالة كل من حصل أموال من الخارجإلى المحاكمة.

واشار الأشقر إلى أن حركة كفاية لها تاريخ مشرف في العمل النضالي ضد فساد النظام السابق، ولم نكن في يوم من الايام محل شبهات حتى نحصل على تمويل خارجي للقيام بالثورة.

ويؤكد جورج اسحاق عضو الجمعية الوطنية للتغيير لـquot;إيلافquot; أن القانون يسمح لمنظمات المجتمع المدني بالحصول علي تمويل خارجي، بشرط أن يكون معلنًا، وتحت سمع الحكومة وبصرها، كما إن هذه المنح تخضع لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات، متسائلاً: كيف تعلن الحكومة الآن عدم معرفتها بمن حصل على أموال المنح بعد الثورة وتوجه اتهامات دون دليل؟ فمن المفترض أن تكون لديها المستندات الدالة على كلامها باعتبارها أعلى جهة في الدولة، الأمر الآخر أن هناك اكثر من 300 جهة مانحة خارجية، وليست الولايات المتحدة فقط.

ويلفت محمد ابراهيم منسق حركة 6 إبريل لـquot;إيلافquot; إلى أن الحركة تقدمت ببلاغ للنائب العام ضد المجلس العسكري، للتحقيق في الاتهامات الأخيرة بالحصول على منح خارجية لإحداث فتنة داخلية بين الجيش والشعب، مشيراً إلى أن إتهام الحركة بالوقوف وراء ما حدث في موقعة العباسية أمر موفوض.

وقال quot;نتحدى من يثبت أننا تلقينا أموالاً من الخارج، ونحن لن نقف عاجزين أمام كل هذه الإتهامات غير الصحيحة. ونبه إبراهيم إلى أن المجلس العسكري والحكومة تتبع مدرسة النظام السابق نفسه في توجيه الاتهامات بغرض التشهير والإساءة للشرفاء، الذين يقفون ضد تحقيق مصالحهم، منوهًا بأن المجلس العسكري حتى الآن مازال لا يعترف أن ماحدث يوم 25 يناير ثورة حقيقية.

وطالب إبراهيم الحكومة بالكشف عن المنحالاجنبية التي حصلت عليها من الخارج، وتم توزيعها على شخصيات بعينها من النظام السابق.

من جانبه، يقول المستشار هشام جهينة إن قانون الجمعيات الأهلية ينص على أن مؤسسات المجتمع المدني، سواء كانت حزباً أو جمعية أو منظمة، من الممكن ان تتلقى دعماً خارجيًا بشرط أن يكون معلومًا ومعلنًا ومقننًا ومعروفًا حجمه وطرق انفاقه والجهة المانحة، كل ذلك تحت اشراف وزارتي التضامن الاجتماعى والخارجية.

مشدداً على ضرورة إظهار كل الحقائق في قضية التمويل الخارجي، حتى لا يرمى الشرفاء بالباطل، مع ضرورة محاكمة المتورطين في الحصول على أموال بدون معرفة الحكومة.